** نشأ في نظامنا السكني بيوت وشقق وأحيانا فلل مهمتها «النوم فقط»..
فكثير من الأسر الصغيرة تفتقد حالة الاستقرار وهي في حالة خروج دائم..
تقول هدى ومنى وحصة ولولوة ومئات مثلهن.. أنهن نادمات كثيراً على الأثاث الذي وضعنه في بيوتهن.. فهي بيوت مهجورة لا يدخلها أحد.. وحتى نحن أهلها لا نقر فيها ولا نستقر..
نأتي من العمل وأزواجنا أيضا يأتون وننام ونستيقظ بعد العصر نتناول غداءنا بينما الشغالة تعد الأطفال للخروج وتجهز «غياراتهم» وتبديلات ملابسهم ورضعاتهم استعداداً للمرحلة المسائية المعتادة التي تتجه إما لبيت أهل الزوج أو أهل الزوجة أو إحدى القريبات أو الصديقات..
رحلة يومية مملة نضطر لها لعدم استطاعة الزوج البقاء مع الأسرة والاستغناء عن جلسة (الاستراحة)..
وليس من المعقول أن نظل في بيوتنا الصغيرة «محجورات» مع أطفالنا إذ لابد من الخروج..
** ويكون نصيب البيوت الكبيرة عادة والتي أقطابها الجد والجدة.. «صجة ولجة البزران» حتى إذا ما أسدل الليل أستار صمته تبث لهم الوحدة والخوف من متاعب مفاجئة تغزو أجسادهم الواهنة في غفلة من الأبناء والبنات والأحفاد الذين آبوا إلى قواعدهم ليلتحفوا دثاراتهم في بيوت اتخذوها «للنوم فقط»..
يدخلونها ليناموا ويخرجوا منها ليعودوا لها نائمين حاملين أطفالهم النائمين في مشهد مسائي يتكرر ولا يتغير..
** تصر الزوجة على الخروج.. طالما أن الزوج لا يبقى..
ويصر الزوج على الخروج.. غير آبهٍ بكل المشكلات التي ممكن أن يدفعها الأطفال من صحتهم النفسية التي لا تشعر بالاستقرار والاستمرار والتآلف مع اجواء المنزل وروح الأسرة الواحدة.
وقد ضحى الكثيرون بالأسرة الممتدة وهي التي يتربى فيها الأطفال في كنف الأجداد والجدات.. مفضلين على ذلك إيجابية استقرار الأسرة وبعدها عن الاختلافات التي تورث المشاحنات واختارت الأسرة الجديدة البيت المستقل لكي تستمر في حياتها وفق مرئياتها هي وخبراتها هي.. وهو خيار جيد ولا شك لكن ذلك لم يتحقق..
فمنى وهدى ومنيرة وحصة ولطيفة وغيرهن مئات الفتيات يقلن:
لم يتربى أطفالنا وحدهم ولم نشتغل بتربيتهم ولم نستمتع بحياتنا وحرياتنا الخاصة في بيوتنا.
بل إننا نشعر إننا نسكن غرفا فندقية نؤوب إليها بعد «إزعاج وعراك وهدة حيل وخلافات يومية مع أطفال الأخوات والأخوان أو العمات والأعمام».
ولم نكسب برنا بأهلنا وبأهل أزواجنا فنحن نخرج مساء ونغلق عليهم أبواب الصمت والكآبة بعد أن نكون قد استهلكنا صمتهم ومالهم.. ونتركهم في أكثر اللحظات التي هم بحاجة لنا بها..
نعود لبيوتنا لننام.. فقط لننام..
فلم نكسب الحرية في منازلنا ولا الاستقرار...
** هي بيوت مهجورة.. فاخرة الأثاث.. لكنها صامتة.. مملة.. تبعث على الشعور بالتناقض.. وازدراء الذات خاصة إذا كانت الأم والأب وحيدان.. وإزاء كل ذلك.. الكل يصمت.. مع أن أبعاد الموضوعات واضحة وظاهرة.. ولكن من يجرؤ ويقول للخطأ... أنت خطأ..!!؟
** وأنا وبكل جرأة اسأل.. من المسئول..
ولماذا في كل قراراتنا لا نفكر بكبار السن من أهلنا..
وأطفالنا.. كيف يعيشون وما تأثير سلوكياتنا في الحياة عليهم.. أعتقد أن الإجابة بصدق ستحل مشكلات هدى ومنى ولطيفة وعزيزة ولولوة.. ومئات من الفتيات غيرهن!
|