لعله من غير المفاجىء لبعض القراء ان شبكة الانترنت التي اصبحت شائعة للاستعمال الشعبي مع مطلع العام 1994م هي معروفة وقيد الاستعمال المحدود منذ العام 1960م. ولعله من غير المستغرب والمدهش للبعض ان يعلم ان اعداد المستعملين لهذه الشبكة قد تضاعف خلال السنوات القليلة منذ 1994 م من 13 مليوناً الى 300 مليون شخص حول العالم.
في الحقيقة انه من المتوقع للانترنت شأنه شأن اي بنية تحتية خدمية ان تختفي من السطح كما هو الحال الآن وان تتحول الى شبكة يمكن الوصول اليها بطرق اكثر سرعة وخفية. حيث ستتحول معظم منتجات الصناعة الى توابع للانترنت وادوات تعمل جميعا ضمن نطاق هذه الشبكة. وفي الحقيقة فقد بدأت بوادر وملامح هذه التكاملية من خلال الهاتف النقال الذي يمكن ربطه بشبكة الانترنت وارسال البريد الالكتروني، ومن السخرية ان يتنبأ المختصون بهذا المجال اننا سنصبح في المستقبل مدججين بالادوات الدقيقة التي تلتف حول اجسامنا والتي تعمل جميعا ضمن شبكة واحدة مشتركة .... هي انترنت المستقبل. هذه الحزمة من الادوات يمكن ان تشمل جهاز تحكم عن بعد، جهازاً خلوياً، محطة بريد الكتروني، محفظة الكترونية وكتاباً الكترونياً، ويحلو للمختصين ان يطلقوا على هذه المجموعة المتكاملة (الشبكة الالكترونية اللاسلكية)، ولكن مع تنامي هذه المجموعة فإن ذلك يعني ان كل الاشياء من حولنا ستكون مربوطة الكترونيا كي تعمل هذه المجموعة بكفاءة. وبكلمات اخرى ستكون السيارات جميعها الكترونية، والابنية جميعها مربوطة الكترونيا، وذلك ليس ببعيد الآن، اذ يتنبأ العلماء ان ذلك سيكون حقيقة مع العام 2020م. بل انه من السخرية ان يقول العلماء في هذا المضمار انه سيكون في ذلك الوقت اشياء ترتبط ببعضها ضمن شبكة انترنت واحدة اكثر من الناس انفسهم؟؟
واضافة الى ذلك فسيكون من الشائع ان يتم ربط الطائرات ضمن شبكة واحدة، وليس غريبا ان البيوت (الذكية) يتم بناؤها حاليا والتي ترتبط معا بشبكة الكترونية واحدة، ولذا فستكون الاجهزة الدقيقة التي يمكن اعادة برمجتها لتدخل ضمن اية شبكة الكترونية شائعة لدرجة انها ستمثل ما يوجد اليوم من قطع الغيار المخزونة بالمستودع، وهذه الكمبيوترات الصغيرة سيكون من الممكن والسهل اعادة برمجتها لتخزين وبث المعلومات والبيانات حسب الحاجة.
اما المفاجأة المذهلة التي يراهن عليها العلماء فهي ان هذه الاجهزة الالكترونية الدقيقة ستبلغ من الصغر حجما يصل الى حجم الذرة. ولك ان تترك لخيالك العنان عزيزي القارىء الى ما ستمثله هذه الحبيبات النووية المربوطة عبر شبكة انترنت واحدة. ببساطة شديدة يقول العلماء ان هذه الحبيبات النووية الالكترونية يمكن ان تخزن تحت جلد الانسان لانتاج (البشر المربوطين بشبكة انترنت الكترونية). وهذه التطورات العلمية ستحول دون بقاء الناس في المستشفى، اذ يمكن مراقبة حالتهم الصحية وهم نائمون في بيوتهم من خلال هذه الحبيبات الالكترونية المربوطة بشبكة الانترنت بالمستشفى. ولذلك ستصبح زيارة المستشفى امرا روتينيا من الماضي السحيق، وتتم فقط لاجراء مراقبة روتينية اذ ان البيانات حول تطورات صحة وحالة المريض الطبية يمكن تتبعها من خلال الاجهزة الالكترونية الدقيقة بجسمه والتي تبث المعلومات والبيانات للشبكة الالكترونية بالمستشفى.
ويستطرد العلماء فيما ستمثله هذه الحبيبات الالكترونية من فتوحات علمية، اذ يمكن الاستماع للراديو المربوط بشبكة الانترنت مستقبلا بواسطة هذه الاجهزة الدقيقة المربوطة بالدماغ مباشرة. وهنا التساؤل: كيف سيغير هذا الانترنت الجديد من حياتنا؟ في الحقيقة سنصبح جميعا مربوطين ضمن شبكة الكترونية واحدة. اذ سيمكن الاتصال بيننا من كل مكان بالمعنى الكامل للكلمة. وستصبح معلومات عن حالتنا متوفرة للعديد من الجهات المختصة، فالطبيب بالمستشفى يمكنه معرفة حالتنا الصحية ونحن على بعد مئات الاميال منه، بل ان ذلك قد يتعدى مجرد المعرفة الى امكانية اجراء عملية جراحية او معالجة طبية عن بعد. وبهذا فسيكون الانترنت مبرمجا بحسب المواقع الجغرافية الاقليمية وليس كما هو عليه الحال اليوم . وبهذا يمكن لنا الاستدلال للاتجاهات ومعرفة المناطق الجغرافية التي نتواجد بها من خلال موقعنا من الانترنت العالمي. بل من المحتمل ان نستدل على اقرب مطعم او مكان بطلب المعلومات من السيارة المربوطة ضمن شبكة الانترنت العالمية ذاتها، وربما تكون السيارة ذكية من ناحية الكترونية بما فيه الكفاية لتقوم بعمل اللازم لايصالنا الى الوجهة المطلوبة. او ان يكون البيت الذي نعيش فيه والمربوط ضمن شبكة الانترنت العالمية ذكيا بما يكفي لاعطاء بيانات ومعلومات عند الحاجة. ولكن التحدي الذي سيواجه البشرية في ذلك الحين هو حقيقة بسيطة: ان اعتماد الحياة ونظامها على شبكة نظام اتصالات الكترونية ودقيقة واحدة يعني ان اي خلل يصيب هذه الشبكة (الذكية) يعني تعطل اوجه لا حصر لها من اوجه الحياة في المستقبل. وبكلمات اخرى لن يكون هناك متسع للحروب التقليدية بل ستكون الحرب الكترونية محضة، ربما على شكل فيروسات كمبيوترية تشل اوجه الحياة في بلد ما. او فيروسات تتسلل الى اجهزة بلد معاد لتعمل فيها خرابا وتدميرا. ولذا فإن العلم وتقدم البشرية في المجال التقني يبقى دوما سلاحا ذا حدين.
عن Timesو New Scientist |