تقول مجلة الإيكونوميست 25/4/2002م ان صندوق النقد الدولي، الذي تمتلك فيه امريكا غالبية مؤثرة، يرى ان العجز في ميزان امريكا التجاري يشكل احد اكبر المخاطر لاقتصاد العالم، اما بالنسبة للدولار، فان قيمته اصبحت مبالغا فيها، وانه بمجرد ان تضعف رغبة الاجنبي في اصول دولارية، وتحركات الرساميل الاجنبية بدأت تشير الى ذلك، فان سعر الدولار سيتجه الى هبوط كبير، كما تؤكد هذه الرؤية جريدة الهيرالدتربيون، 27/4/2002م وتقول ان المستثمرين الاجانب يتجهون الآن الى الاستثمار خارج الولايات المتحدة، وان الاستثمارات في اتجاه اوروبا بلغت ثلاثة اضعافها باتجاه امريكا.
الخطر والوقاية:
ان الخطر ليس بجديد فقد كان كامنا منذ وقت ليس بالقريب، اذ إن المسئولين عن ادارة اموال هذه الدول واستثماراتها وكذلك المستثمرون في القطاع الخاص، يتداولون معرفتهم عن وجود قانون «هاجع» في الوقت الحاضر، يمكن تفعيله في اي وقت، بقرار اداري، يحظر على الاجانب بموجبه تحويل مبالغ تزيد عن خمسة ملايين دولار، إلا بإذن مسبق، وجاء ليؤكد هذه المعلومة رئيس بنك دلتا انترناشيونال، مصر، في إحدى الفضائيات منذ اقل من شهر، ثم ما المانع ان اوقفت امريكا جميع التحويلات لاي مبالغ؟ وهل هو غريب على أمريكا اختلاق المعاذير.. أو ليس تجميد الحسابات بقريب؟
فالمؤشرات على مكامن الخطر ليست جديدة، ولكن المتعبدون في المعبد الامريكي يخشون «الردة».
ان الخطر الكامن في استمرار اصحاب الارصدة والاستثمارات من الدول الخليجية والعربية والاسلامية في ابقائها في ايداعات وسندات واسهم واستثمارات اخرى مباشرة في امريكا، لامر سوف تدفع ثمنه الشعوب والحكومات بمجرد حدوث ازمة في امريكا او حتى افتعال امريكا لازمة في اي بلد، كي تتوقف فجأة جميع التدفقات لاي مبالغ من امريكا، بغرض ابتزاز هذه الدولة أو تلك أو جميعها، والحصول على اكبر التنازلات وقد هم بعض أعضاء الكونغرس بتجميد ما بقي من ارصدة هزيلة لشعب مشرد، جائع، عار لم يفرغ من دفن موتاه، بعد ان جمدت اسرائيل ارصدة السلطة الفلسطينية، بغية حصول الكونغرس على تنازلات غير انسانية لحساب اسرائيل مقابل تبرعات من اللوبي اليهودي، هل آن لنا ان نتساءل بل بالاحرى ان يتساءل الشعب الامريكي عن كم من الخمسة مليارات دولار التي تمنحها امريكا لاسرائيل يعود الى اللوبي اليهودي ومنه الى قلب الموازين السياسية.
وقُبيل دفع هذا المقال لنشره، اوردت وسائل الاعلام «ان رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد يروِّج لمشروع استخدام دينار ذهبي» كعملة للتجارة، يأمل ان يكتسب قبولا دوليا ابتداء من الدول العربية، وقد جاء هذا المشروع في ظروف جداً مواتية وفي الوقت المناسب، فاننا نأمل لها التوفيق والنجاح العاجل.
انني اهيب بان يتوخى الحكمة المستثمرون افراداً ومؤسسات في القطاعين العام والخاص في استثماراتهم في الدولار كعملة، وفي امريكا كمنطقة استثمار، واذا كان العالم الاخر لا يستوعب مبالغ كبيرة، كما يثار، فليكن ذلك، وليغنم المستثمر بالاياب، ويودعها حتى بعوائد صفرية ابتغاء الحفاظ على رأس المال الذي هو مسؤولية صاحبه الاولى.
ان المصيبة الكبرى واقعة لا محالة، ان عاجلا ولا اقول اجلا فالاعذار لن تمحي العار وسوف ينتج عن هذه المصيبة او المصائب توقف تام عن صرف رواتب موظفي الدولة وشرطتها وجيشها وصحتها وتعليمها ومشاريعها الانشائية الى ان تنتزع التنازلات من الدولة الضحية، حسب الظروف السياسية التي قد تنشأ او تفتعل.. وما اكثرها.
عبدالحميد منصور المزيدي |