حوار فهد العايد:
في مركز التأهيل الدولي بالرياض التقينا بأحد الجراحين المتميزين في إجراء عمليات زراعة القوقعة البروفيسور الألماني بينر فيبر الذي قدم إلى المملكة لإجراء بعض عمليات زراعة القوقعة الإلكترونية والكشف على مجموعة من الأطفال المرشحين لزراعة القوقعة بالمركز. وكان لنا معه اللقاء التالي:
* سعادة البروفيسور أهلاً وسهلاً بكم في المملكة العربية السعودية؟
أهلا وسهلاً.
* كيف جرت العملية؟ وكم استغرقت؟ وهل التوقيت كان مناسباً؟
العملية ناجحة بالمقاييس العلمية الطبية.. وقد استغرقت «أربعة ساعات وأربعة دقائق» تقريباً. وهو توقيت مناسب جداً حيث أن العملية في المتوسط تستغرق مثل هذا الوقت أو أقل بقليل.
* متى يستطيع الطفل مغادرة المستشفى؟ وهل للعملية أية مخاطر خاصة؟
تتم العملية تحت التخدير الكلي.ومن ثم يبقى المريض من يومين إلى أربعة أيام في المستشفى حتى يسترد عافيته. ومخاطر هذه العملية كأي عملية أخرى تجري تحت التخدير الكلي، ولا شيء غير ذلك.
* هل توجد احتياطات خاصة يجب أخذها؟
1. تجنب الطفل الأنشطة والألعاب العنيفة التي قد ينتج عنها إصابة بالرأس.
2. عدم التعرض لأجهزة الكشف عن المعادن والسرقات، حيث تنتج هذه الأجهزة مجالات كهرومغناطيسية يمكن أن تزعج الطفل أو تؤثر على برمجة الجهاز. ولذلك فإنه يصرف للطفل بطاقة القوقعية لتفادي المرور تحت هذه الأجهزة.
3. يمكن تقليل أو إزالة الضرر الذي يمكن أن يقع على الجهاز من الكهرباء الاستاتيكية بمنع استخدام المسار الخاص بالجهاز كمسار للتخلص من الشحنة الكهربية وذلك بمحاولة عمل مسار آخر آمن.
* كم يستغرق الجرح حتى يلتئم؟
تستغرق فترة التئام الجرح حوالي «4 6» أسابيع وأثناء هذه الفترة يصبح بمقدور معظم المرضى مزاولة أنشطتهم العادية دون تأثر.
* هل يمكن أن تعطينا صورة مبسطة عن جهاز القوقعة؟
هو جهاز يتيح إمكانية سماع الأصوات ويحسن قدرة الاتصال والتعامل للأشخاص المصابين بفقدان السمع، وتتراوح درجته من العميق إلى الحاد، وهو عبارة عن جهاز متعدد القنوات يستخدم عدد معين من الإلكترودات لنقل المعلومات الصوتية إلى الأذن الداخلية.
* هل يستطيع الطفل أن يسمع مباشرة بعد إجراء العملية؟
يتكون نظام القوقعة الإلكترونية من «ثلاثة» أجزاء:
1- الغرسة القوقعية: وهو الجزء الذي أجرينا العملية لتثبيته في الرأس. ويتكون من جزأين «المستقبل المنبه»: والغرسة القوقعية عبارة عن عبوة إلكترونية، يمتد من المستقبل أنبوب ضيق مصنوع من مادة مرنة تعرف بالاستاتيك يوجد بها مجموعة من الإلكترودات على شكل عقد وهذا الأنبوب يثبت داخل القوقعة بالقرب من الأطراف العصبية ليتسنى له القيام بالتنبيه اللازم للعصب السمعي «وهذا هو الذي يقوم بعمل التعبيرات العصبية المختلفة».
2- السماعة «ميكروفون»: تلتقط الأصوات. ويتصل بها مغناطيس صغير ينجذب إلى مغناطيس آخر في الجزء المستقبل من الغرسة، حتى توصل الجهاز بإحكام، وتعتبر همزة وصل بين الجهاز الخارجي والداخلي حيث تقوم بإيصال الأصوات من الهواء الخارجي إلى المعالج ومن ثم نقل نتائج التحليل إلى المستقبل.
3- جهاز معالجة الكلام: وهو عبارة عن حاسب آلي «كمبيوتر» صغير، يحتوي على دوائر إلكترونية رقمية تقوم بترجمة الأصوات إلى إشارات كهربية، عبر ملايين العمليات البرمجية ويمكن وضعه في الجيب. ويراجع الطفل عيادة السمعيات وتبدأ الجلسات ويبدأ أخصائي السمعيات ببرمجة معالج الكلام عن طريق وضعه في الكمبيوتر الخاص به ويبدأ تنشيط القنوات أو الإلكترودات. وتستغرق برمجة الجهاز عدة جلسات «لعدة أسابيع»، وأثناء الجلسة يقوم أخصائي السمعيات بقياس مستوى العتبة وهو: أخفض مستوى صوتي ممكن للطفل. وأعلى مستوى صوت مريح للطفل.. ومنها ينطلق الطفل إلى عالم السمع.
* ما هي أهم العوامل التي تساعد في نجاح زراعة القوقعة؟
عمر الطفل عندما أصبح أصماً. وهذا عامل مهم فالأطفال الذين صاروا صماً بعد اكتساب اللغة «صمم ما بعد اكتساب اللغة» يمكنهم بسهولة وسرعة أكبر أن يربطوا الأصوات الجديدة الصادرة من الجهاز بما لدى ذاكرتهم من أصوات «لديهم ذاكرة صوتية». أما الأطفال الذين ولدوا أو صاروا صما «قبل اكتساب اللغة» صمم قبل اكتساب اللغة تكون عملية التأهيل أطول وأصعب «ولكنها غير مستحيلة».
2. مدة الصمم. «كلما زادت مدة الصمم كلما نقصت الذاكرة الصوتية».
3. نوع الاتصال «فكلما استخدمت طرق التواصل الشفوي والكلي كان ذلك أفضل للتأهيل».
4- تباين عدد ألياف العصب السمعي السليمة ومكان التلف هو سبب اختلاف أداء الأشخاص. ومدى العجز السمعي فإذا كانت الألياف العصبية السمعية الحية قليلة تكون «المعلومات الواصلة للمخ غير كافية».
* هل هناك شروط خاصة يجب توفرها في الطفل قبل إجراء الجراحة؟
طبعاً.. وأهمها:
التأكد من عدم وجود عوائق جراحية طبية أو تشوهات خلقية تمنع إجراء العملية أو قبول الجسم لها «ويقوم على ذلك الفريق الطبي الجراحي».
التأكد من سلامة ميكانيزم الكلام وعدم وجود تشوهات أو معوقات تمنع تعلم الكلام «ويقوم على ذلك أخصائيو التخاطب واللغة».
التأكد من عدم استفادة الحالة من المعين السمعي التقليدي المناسب بعد استخدامه لفترة زمنية كافية وبطريقة صحيحة «ويقوم على ذلك أخصائيو السمعيات والتأهيل السمعي».
التأكد من عدم استفادة الحالة من برنامج التأهيل اللغوي والسمعي والمهارات التواصلية خلال برنامج التهيئة والتحضير، ولمدة لا تقل عن ستة أشهر «ويقوم على ذلك أخصائيو التربية الخاصة والتأهيل والقائمون على برنامج الطفل التربوي».
التأكد من وجود قدرات عقلية عامة لا تقل عن انحراف معياري واحد عن متوسط الذكاء في أي اختبار غير لفظي مقنن «ويقوم على ذلك أخصائي نفسي متمرس في اختبارات الذكاء غير اللفظية».
التأكد من اجتياز مهارات مستوى التهيئة في برنامج المرشحين لزراعة القوقعة «ويقوم على ذلك فريق العمل ببرنامج التأهيل كل في مجاله».
التأكد من التعاون الجاد والاهتمام والمتابعة المناسبتين من أسرة الحالة ورغبتهم الشديدة والصادقة في البدء والاستمرار في فعاليات البرنامج «ويقوم على ذلك الأخصائيون الاجتماعيون وبدعم من فريق العمل».
ويتم كل ذلك من خلال إخضاع الطفل لبرنامج علمي منظم يقيس التطور الحاصل على حالة الطفل في كل المجالات بدقة وموضوعية ويتم اتخاذ قرار الترشيح في اجتماع يشمل جميع العاملين بالفريق إضافة إلى أفراد الأسرة.
* هل التأهيل والتدريب ما بعد العملية ضروري حتى يستطيع الطفل الكلام؟
بطبيعة الحال التدريب قبل وبعد العملية الجراحية من أهم عوامل نجاح البرنامج بشكل عام.. يتم تدريب الطفل على الاستماع ولا يعتبر سمع الأحاسيس الصوتية إلا مجرد خطوة أولى تجاه فهم الأصوات ذات المعنى. ويقوم فريق العمل بتوفير التدريب للطفل بعد الزراعة ليوفر له مناخاً مركزاً للغة حيث أنه يقوم في البداية بربط الخبرات المعرفية السابقة لدى الطفل مع الخبرات الصوتية الجديدة كخطوة أولى من خلال تعلم سماع الأصوات والتعرف على الاختلافات فيما بينها.
وتأتي الخطوة الثانية بتدريب الطفل على نطق الكلام واستغلال الطريقة المثلى لتعلم الكلام، ألا وهي سماع الطفل لصوته والاستفادة من المقارنة السمعية بين صوته وأصوات الآخرين.
وتأتي الخطوة الثالثة بتعريض الطفل للعديد من المثيرات السمعية المختلفة والجديدة في محاولة لإثراء حصيلته اللغوية بحجم يتناسب مع الفائدة المرجوة من الجهاز والغرسة القوقعية.
* سعادة البروفيسور كم عملية مشابهة أجريتم حول العالم؟
هذه العملية رقم «481» لي أنا شخصياً.. وهي الأولى التي أجريها في المملكة العربية السعودية.
* هل هذه زيارتكم الأولى للمملكة؟
نعم. هذه زيارتي الأولى ولن تكون الأخيرة.
* كيف وجدت الاستعدادات والتجهيزات بالمملكة؟
أدهشني ما وجدته من استعدادات على مستوى راق يضاهي الامكانات العالمية في أفضل المراكز المتخصصة حول العالم وأسعدني أنني عملت مع فريق متميز عالي التخصص والمهنية.
* هل قمت بزيارة المعالم المهمة بمدينة الرياض؟
الحقيقة أن الوقت الذي قضيته بالرياض قصير جداً.. فقد قضيت عدة ساعات في إجراء المقابلات مع بعض الأطفال المرشحين لزراعة القوقعة وأسرهم بمركز التأهيل الدولي.. إضافة إلى الوقت الذي استغرقناه في التحضير للعملية وإجرائها.. وأكثر ما لفت نظري وجود مراكز متخصصة لتأهيل الأطفال المرشحين لزراعة القوقعة والأطفال الذين تزرع لهم القوقعة.. وما يميزها أنهم يستخدمون البرامج العالمية بلغة الأم والطفل مع علمي بصعوبة أصوات اللغة العربية وتعبيراتها.. ووجود متخصصين في هذا المجال الدقيق يخدم نجاح البرنامج كما هو الحال في برنامج المركز.
* هل من كلمة توجهها لأسر الأطفال الصم؟
أحب أن أجدد الأمل لفاقدي القدرة على السمع وأسرهم، في برامج زراعة القوقعة وتأهيل المرشحين لزراعتها وزارعيها وأود أن أشيد بأن البرنامج منفذ بالمملكة بنفس الكفاءة العالمية، وبظروف التأهيل الفنية الأكثر ملاءمة للطفل ومجتمعه ولغته الأم خاصة فيما يتعلق ببرامج التأهيل اللغوي العربية المناسبة لثقافة الطفل وأسرته والمواكبة للتطور العالمي في هذا المجال.
وأخيراً فأنا على أتم استعداد لتقديم المعلومات والمشورة لأي حالة وفي أي وقت فقط ما عليهم سوى مراسلتي على عنوان المركز التأهيل الدولي ت: 4094321 أو البريد الإلكتروني iri1991@mail.com ويسعدنا الرد على جميع تساؤلاتكم.. وأتقدم بجزيل الشكر على هذه الفرصة الرائعة التي منحت لي للقاء أصدقائي وزملائي بالمملكة العربية السعودية عبر هذا المنبر الإعلامي العربي.
|