تصخب وسائل الإعلام الأمريكية في هذه الفترة عن احتمال وقوع هجوم إرهابي على الولايات المتحدة مشابه أو لربما يفوق هجوم الحادي عشر من سبتمبر.
وبالطبع هذا التجييش الإعلامي والجماهيري، بات معروفا أنه يصنع بدقة ومهارة في مصانع وسائل الإعلام لتمرير تحرك عسكري أمريكي وشيك «ولربما سيكون قد تم حال نشر هذا المقال».
تماما كذلك الصخب الذي صاحب قضية الرسائل الملغمة بالحمى الخبيثة، حيث أسدلت تلك القضية كالستار المتين على وعي العالم والمنظمات الإنسانية في الولايات المتحدة، لتخفي خلفها مئات الأطنان من القنابل التي كانت تنهال فوق رؤوس المدنيين الأفغان، وتزيل قرى بكاملها عن وجه الأرض.
وقد صرحت مؤخرا «كوندليزا رايس» مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض بأن هناك أخبارا قد وردت إلى البيت الأبيض يوم «9/9/2001م» عن احتمال هجوم إرهابي وشيك على الولايات المتحدة، لكن الكثير من الأطراف لم تأخذه على محمل الجد وقتها إلى أن حلت الكارثة.
وهذا التصريح الجريء والمستفز للبيت الأبيض لربما يعطيه الضوء الأخضر بالقيام بأي تحرك عسكري، يطال جميع بقاع العالم لحماية الأمن القومي الأمريكي، ولا سيما أن «محاور الشر» لم تؤدب بعد.
هذا وإذا عرفنا أن أتباع تنظيم القاعدة كما تقول بعض الإحصاءات يقارب خمسة وثلاثين ألف جندي مسلح، قتل بضعة آلاف منهم في الهجوم الأمريكي الأخير، ونقل بضع عشرات إلى «غوانتانامو» لذا فالبقية الباقية بحاجة إلى عمليات تصفية جذرية، وتتم عبر عمليات تمشيط واسعة للمناطق الملتهبة في أفغانستان، كما ترى آلة الحرب المتغطرسة في الولايات المتحدة الأمريكية.
عملا بالمثل «لا تقطع ذنب الحية وترسلها» ولا سيما أن الرؤوس الكبرى في تنظيم القاعدة ما زالت حرة طليقة، وهذا ما يجعل الحرب لا تنتهي في تصور الولايات المتحدة.
ونعود إلى قضية الهجوم الإرهابي الوشيك على الولايات المتحدة، والذي يحمل في طياته قائمة عسكرية مرتفعة التكاليف، على المواطن الأمريكي تسديدها من ضرائبه ومن حالة القلق العارمة التي تسيطر عليه تجاه العالم الخارجي.
وهي حالة قلق توازي تلك التي كان يعيشها إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي التي تتوقع عن هجوم نووي وشيك على الولايات المتحدة، جعل هاجس هذه الحرب الولايات المتحدة تنخرط في حرب قاسية وطويلة الأمد «الحرب الباردة» استنزفت الكثير من طاقاتها الاقتصادية... وقادت بدورها الاتحاد السوفيتي إلى الانهيار.
وأخيرا سيصبح بإمكاننا أن نتوقع أو نخمن نوعية التحرك العسكري القادم للولايات المتحدة إذا ما توفر لنا قراءة مدققة ومتفرسة في الوجه الإعلامي الصاخب لوسائل الإعلام في الولايات المتحدة.
|