رغم الاكلاف الباهظة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا فقد نجحت دول الاتحاد الاوروبي بامتياز لافت في اختبار الاندماج او الوحدة الاقتصادية في مقابل العكوف على الاتحاد السياسي التام الذي باشرته هذه الدول بالفعل بقيام برلمان اوروبي واحد.
ومن ابرز سمات الظفر بهذه الوحدة التي لم تتم بغتة او من دون تلبية تامة لاستحقاقاتها الموضوعية والذاتية. هو تكثيف الموقف الاقتصادي والتفاوضي لدول الاتحاد بحيث يكون تأثيره فاعلا وربما مسيطرا على المدى الطويل، وسيكون لمنطقة «اليورو» من المرابح السياسية والاقتصادية بعد تسكين الفوارق. ربما الكلمة الفصل في مسألة توازن القوى، خصوصا وان العامل الاقتصادي سيكون حاسما في تحديد الاول من الاخير في هذا العصر والعصر الذي يليه.
وفي مناسبة تواجد وفد برلمان دول الاتحاد الاوروبي في المملكة هذه الايام، فاننا بالاحرى سنكون مدعوين في دول مجلس التعاون الخليجي الى تحري هذه التجربة في المدى الذي تتناوله هذه الاسطر على الاقل، ذلك للحوافز العديدة الباعثة على الاطمئنان الذي تحصله من وراء التجربة الاوروبية.
ولعل للتقدم المطرد لتجربة منطقة اليورو رغم العثرات والتعثرات العديدة التي كادت في بعض المنعطفات تطيح بالتجربة ما يكون دليلا ساطعا على امكان الدخول عمليا في موضوع العملة الخليجية الموحدة.
وان مما يمكن الاستدلال به على النجاح الذي يمكن ان تحوزه تجربة دول مجلس التعاون الخليجي بعد اكثر من 20 سنة على ولادتها السياقات المتشابهة بين دول المنطقة حضاريا وثقافيا واجتماعيا، وهي مرتكزات اساسية تصوب الانظار وتجمع الخيوط في المسار الافتراضي المطلوب، عوضا عن التشابه الذي يصل حد التطابق في المجال الاقتصادي. بل ان التفاوت في حجم الاقتصاد او السوق او السكان بين دول الخليج سيخدم بالضرورة الهدف العام فالمملكة العربية السعودية بالمزايا العديدة التي تتمتع بها مثلا ستكون عنصر دفع وقوة للاتحاد الخليجي القائم والذي يستشرف مستقبلا زاهرا مع الايام.
ولعل الزيارة الكريمة للوفد الاوروبي تكون مناسبة طيبة يمكن استثمارها بل واستثمار الرصيد الضخم الجيد في العلاقات المتميزة بين المملكة وهذه الدول منذ عهد طويل في المجال الاقتصادي والمجالات الاخرى لصالح بناء شراكة اقتصادية متينة بين الاتحاد الاوروبي والاتحاد الخليجي، بالاستفادة من تراكم التجربة الاوروبية ومزاياها الايجابية مع تدارك نقاط الضعف فيها.
ولعل القناعة التامة المتوفرة لدى حكومة هذا الوطن العزيز ولدى القطاع الخاص السعودي بتهيئة الاقتصاد الوطني لمزيد من التطور والتأهيل، هو ما سيعجل بتحصيل المكاسب الاقتصادية المنتظرة من مثل هذه اللقاءات المهمة لصالح الداخل السعودي ولصالح الخارج الخليجي والعربي وفي الاثنين يكون معنى التكامل والاتحاد.
* رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض |