وثائق مصورة
الاستاذ خالد بن حمد المالك - رئيس تحرير جريدة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
رأيت ان (جريدة الجزيرة) قد اتجهت في الأخذ بالارقام الأوروبية وترك ارقام العربية، ولما كان هذا الاتجاه فيه شذوذ وعدم تناسق بين الخط العربي والارقام الاوروبية وايضا فيما نشره المستشرقون بيننا بأن الارقام الاوروبية اصلها عربي، احببت ان ابين حقيقة هذا الامر وخداع هؤلاء المستشرقين لنا لنقلدهم في كتاباتهم، بعدما حاولوا ان نكتب بالاحرف اللاتينية - كما فعلوا في تركيا - فلما عجزوا ارادوا ان يشيعوا بيننا الكتابة بالعامية للتفريق بين المسلمين في شرقهم ومغربهم ورد الله كيدهم في نحورهم.
فإن العرب منذ ان ان عرفوا الارقام في زمن الخوارزمي بداية القرن الثالث الهجري لم يعرفوا الا شكلا واحداً منها وهي التي انتقلت الى المغرب والاندلس، ثم تحورت قليلاً لتناسب الخط المغربي (أخذ الاوربيون هذه الارقام من المغاربة منذ القرن الرابع الهجري وأوائل الخامس زمن البابا سلفستر الذي تبنى هذه الارقام لسهولتها في الحساب - ثم تحورت لتناسب الخط اللاتيني حتى وصلت الى ما هي عليه الآن.
ومن هذا المنطلق يتبين لنا ان ارقام اوروبا عربية المضمون اوروبية الشكل، ولا علاقة للعرب بالارقام التي تكتب بها اوروبا، ولم يكتب العرب بهذه الارقام حتى احتل اقصى المغرب منذ ثلاثمائة سنة عن طريق الاسبان ثم الفرنسيين فأخذ المغاربة هذه الارقام عنهم كما سأبين لكم من صور المخطوطات المرفقة:
1- ففي الصورة الاولى: نجد المحدث احمد الهكاري من اهل مصر - أرّخ بارقام عربية سنة 763.
2- في الصورة الثانية: نجد احمد الفيومي من اهل مصر وعاش في الشام أرّخ بأرقام عربية سنة 725.
3- في الصورة الثالثة: نجد ابا بكر الجراعي .. من اهل الشام - أرّخ بأرقام عربية سنة 875.
4- الصورة الرابعة: نجد خليل بن عبد القادر الجعبري من اهل فلسطين - أرّخ بالعربية (ربيع الاول 898).
5- الصورة الخامسة: نجد خليفة بن ابي الفرج الزمزمي من اهل مكة - أرّخ بالعربية 1023.
6- الصورة السادسة: نجد عبد القادر البغدادي من اهل العراق - أرّخ بأرقام عربية سنة 1073.
7- الصورة السابعة: نجد احمد بن زيد الكبسي من اهل اليمن - أرّخ بأرقام عربية 1238.
8- الصورة الثامنة نجد عبد الرحمن بن محمد بن مانع من اهل نجد - أرخ بأرقام عربية سنة 1280.
هذه نماذج من صور عن مخطوطات لعلماء أرّخوا بأرقام عربية وهم من المشرق العربي.
اما ما يعتقد ان المغاربة كانوا يكتبون بالارقام الاوروبية فهذا هو رأي المستشرقين حيث ادعوا ان العرب اخذوا من الهنود شكلين من الارقام احدهما المعروف بالمشرق العربي والآخر ذهب الى المغرب العربي والأندلس، ومنه الى اوروبا، وهذا لا أساس له من الصحة، فإن المغرب العربي كان تابعاً للمشرق العربي ولم يأخذ العرب الا شكلا واحداً من الأرقام التي يكتب بها العرب الآن منذ زمن الخوارزمي وانتقلت الى المغرب العربي والاندلس كما هي الا ان حدث بعض التغيرات الطفيفة عليها لتتناسب مع الخط المغربي.
وأرفق بعضاً من الصور لمخطوطات من المغرب العربي تظهر انهم كانوا يكتبون بالارقام العربية وان اثر الاحتلال غيَّر في ارقامهم حتى كتبوها كما تكتب اوروبا.
1) في الصورة التاسعة: تجد المؤرخ المقري التلمساني من اهل المغرب أرّخ بأرقام عربية سنة 1034هـ.
2) في الصورة العاشرة: نجد احمد بن ابي الضياف من اهل تونس أرّخ بأرقام عربية سنة 1270هـ.
3) في الصورة الحادية عشرة: نجد الفقيه سالم بو حاجب من اهل تونس أرّخ بأرقام عربية سنة 1328هـ.
4) في الصورة الثانية عشرة: نجد محمد بيرم من اهل تونس أرّخ بأرقام عربية سنة 1293هـ.
5) في الصورة الثالثة عشرة: نجد الوزير محمد العزيز بوعتور من اهل تونس أرّخ بالعربية سنة 1317هـ.
6) في الصورة الرابعة عشرة: نجد محمد محمود التركيزي من اهل موريتانيا أرّخ بالعربية 1316هـ.
7) في الصورة الخامسة عشرة: نجد مفدي زكريا من اهل الجزائر يؤرخ بالعربية سنة 1355هـ.
8) في الصورة السادسة عشرة: نجد محمد علي دبوز من اهل الجزائر يؤرخ بالعربية 1397.
9) في الصورة السابعة عشرة: نجد عبد الله الغماري من اهل المغرب أرّخ بالعربية 1408.
10) في الصورة الثانية عشرة: نجد احمد الشريف السنوسي من اهل تونس وليبيا أرّخ بالعربية 1346.
11) في الصورة التاسعة عشرة: نجد محمد ابن الاعرج من اهل المغرب أرّخ بأرقام عربية 1330.
12) في الصورة العشرين: نجد نصباً تذكاريا بمناسبة المعاهدة بين فرنسا والجزائر من عبد القادر الجزائري حيث كتب التاريخان الميلادي والهجري بالأرقام العربية.
وبهذا نجد ان لا حجة لمن يقول: ان العرب عرفوا نوعين من الارقام - هندية ومغاربية - أي الذي يكتب به المشارقة من العرب والمغاربة من العرب، بل هو نوع واحد، وكان المغرب العربي تبعاً للمشرق في هذا، اما شكل الارقام الاوروبية فهو من ابتكارهم ليتناسب مع الخط اللاتيني والكتابة من اليسار لليمين: فمثلاً عندما نكتب ارقاما مثل (2، 3، 4، 7) نجد انها تتناسب مع اتجاه الخط العربي من اليمين لليسار في الكتابة.
وعندما نكتب ارقاما مثل (9,7,6,5,4,3,2,) نجد انها تتناسب مع اتجاه الكتابة بالخط اللاتيني من اليسار لليمين.
لهذا فإن الأرقام العربية شعار من شعارات العرب في كتاباتهم يتميزون واقحام الارقام الاوروبية بين الكلمات العربية، فيه تعويد النشء عليها فنكون قد سننا سنة سيئة يجر وراءها الحروف اللاتينية، وهذا ما كان يريده المستشرقون من الاحتلال لبلاد المسلمين فنكون قد أعناهم وأكملنا نهجهم التغريبي من حيث انتهوا وعجزوا عن مواصلته.
وقد دخلت الارقام الاوروبية على المغاربة من التأثير الكبير للاحتلال الاسباني ثم الفرنسي من جهة، ومن جهة اخرى بسبب البعد الجغرافي عن المشرق العربي، فتأثروا بالاحتلال اكبر من تأثر المشارقة بالاحتلال.
ونجد في البدايات في دخول الارقام الاوروبية للمغرب في الصورة الحادية والعشرين لشعيب التلمساني من اهل الجزائر حيث أرخ التاريخ الهجري بالعربية والتاريخ الميلادي بالاوروبية وهذا بسبب اختلاطهم بالمستشرقين وحضور مؤتمراتهم في اوروبا، كما ذكر الزركلي في ترجمته 3/167.
وكذلك من اهل المغرب من سهل دخول واستخدم هذه الارقام من الذين اتهموا في اخلاصهم واتهموا بالخيانة كالتهامي بن محمد الجلاوي من اهل المغرب حيث كان مواليا للاحتلال الفرنسي فتجد تأثره بالارقام الأوربية في الصورة الثانية والعشرين.
ويتضح مما سبق ان العرب لم يعرفوا اشكال الارقام اطلاقا، وان الأروبيين اخذوا ارقامهم من الاندلسيين والمغاربة منذ تسعمائة عام فدخل فيها التغيير حتى وصلت الى ما وصلت اليه الآن.
وان العرب منذ الخوارزمي أوائل القرن الثالث الهجري عندما اخذوا الارقام الهندية، دخل في هذه الارقام التغيير حتى وصلت الى ما وصلت اليه الآن من تناسق مع الحرف العربي فهل يعقل ان نأخذ ما وافق الحرف اللاتيني بعد مرور مئات السنين فنقحمه بين الكلمات العربية؟
ونحن عندنا ارقامنا التي وافقت خطنا وهي الاصل التي اعتمد عليها الاوربيون!!
ان أخذ العرب بالارقام الاوروبية لا يخرج عن حالتين:
الاولى: هو الاعتقاد بأن الارقام الاوروبية في شكلها هذا هي ارقام عربية فواجب الرجوع اليها لان العرب كانوا يكتبون بها.. وغير ذلك من هذا الكلام الذي خدع المستشرقون به عامة المسلمين، وهذا الاعتقاد شائع جداً للاسف (وما أرفقته من نماذج لمخطوطات تفند هذا الكلام وهذا الاعتقاد).
ويزيد في هذا الاعتقاد ان المغاربة يكتبون فيستدلون على ذلك بأن الأرقام الاوروبية في شكلها هذا ارقام عربية لأن المغاربة يكتبون بها وهذه خبيثة من خبائث المستشرقين خدعوا بها المسلمين كما خدعوهم في كثير.
والحالة الثانية: هي التقليد المجرد لكل ما هو غربي فلا يستكفون بأخذ الارقام الغربية بل يأخذون الحروف اللاتينية ويقحمونها بين الكلمات العربية، فأمثال هؤلاء زينت في أعينهم الارقام الاوروبية ويأخذونها بدعوى انها عربية فو الله لولا ان الغرب يكتبون بها ما اخذوها، ولكنها ذريعة يتذرعون بها، وعندما توضح لهم شذوذ الارقام الغربية مع الخط العربي، يقولون انها عربية الاصل!! فهذا ما نجح فيه المستشرقون في بث اكاذيبهم، وهذا ما اخبرنا به الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (لتتبعُنَّ سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر..).
لهذا فأنا اناشد القائمين على جريدة الجزيرة وعلى رأسهم الاستاذ خالد المالك ان يعيدوا النظر في امر هذه الارقام وان يرجعوا الى الارقام العربية بالتدريج - كما تركوها - بالتدريج - فإني أخشى ان يصدق عليكم قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: (من سنَّ في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) فان الاخذ بالارقام الغربية وترك الارقام العربية من السنن السيئة لان المسلمين اتفقوا على هذه الارقام في كتاباتهم وكما ذكرت سابقا ان الارقام العربية شعار من شعارات العرب يتميزون في كتاباتهم، كما ان اهل الصين لهم ارقام خاصة بهم تناسب خطهم واليابانيون لهم ارقام خاصة بهم واهل بنجلاديش لهم ارقام خاصة بهم، ولا اريد التوسع في الحديث عن هذا درءا للاطالة فان الرجوع للارقام العربية التي تناسب خطنا وكتب بها اجدادنا من السنن الحسنة ان شاء الله كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام (من سن في الاسلام سنة حسنة له اجرها واجر من عمل بها بعده من غير ان ينقص من اجورهم شيئاً..) رواه مسلم.
ولمزيد من التوضيح في هذا الامر فإني قد صورت كتيبا من اصدار (المجلة العربية) بعنوان (ارقامنا العربية الاصيلة) لإبراهيم الحارثي فيه فوائد جيدة . وأسأل الله عز وجل ان يهدينا الى الصواب.
أخوكم/ خالد بن احمد المانع |