Friday 24th May,200210830العددالجمعة 12 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

صاحب القلب الكبير صاحب القلب الكبير

كنت احسب نفسي قادرا على تحمل الرزايا والخطوب بالتجلد والصبر مهما عظمت وجل شأنها، فلما انتقل اخي وصديقي مناحي بن نايف بن ربيعان الى رحمة الله، وفارقنا الى اهل خير من اهله وجيران خير من جيرانه، والى حياة خير وأبقى، بأجل مكتوب محتوم، علمت حينها ان دعوى التصدي للخطوب والرزايا التي كنت أظنني أتمتع بها تحتاج الى اعادة نظر، وان المصاب الجلل لا ينفع حياله صبر ولا جلد وانما تسليم وإذعان لرب البرايا ولقضائه وقدره. تطالع عيوننا نعوشا تحمل، ومشيعين يهرعون وراءها، وقد لا نكترث، وربما لا يكلف احدنا نفسه فيقول «لا حول ولا قوة إلا بالله» ولكن عندما مرت بي جنازة اخي «أبي سلطان» بلغ مني الجزع مبلغا عظيما ذكرني بكل نعش مرَّ امام ناظري، وبكل مفجوع فجع بحبيبه وأخيه، نعم.. يا ابا سلطان، لقد كنت حبيبا وأخا، وصاحبا وصديقا، لقد عرفتك على طول عشرتي لك، وقرب نفسي منك كريما جوادا ما سمعت انك اعتذرت لمن اتاك يطلب معونة او يريد ندى غير متبع ذلك منّاً ولا اذى.
لقد كان لابي سلطان قلب كبير امتلأ ودا وعطفا واحتراما ينزل الناس منازلهم، يتودد للكبير كما يتودد الولد لأبيه ويأخذ بيد الصغير كما يأخذ الوالد بيد ولده. لم تغره الدنيا وزينتها وزخارفها عن القيام بمسؤولياته الاجتماعية فكان نعم الملاذ والملجأ لأبناء عمومته وقاصديه من الذين تجمعهم به ارض واحدة، ووطن واحد، ولغة واحدة، فتراه ساعيا بالالفة بينهم، جاهدا في إصلاح ذات البين مع ما يستتبع ذلك من وقت وجهد ومعاناة وصبر على استماع دعوى المتخاصمين وكل يظن انه على صواب وهو مع كل ذلك ليِّن العريكة، طويل البال، طلق المحيّا، فاذا خرج الامر عن نصابه رأيته شديدا في الحق، ملزما المجانب بالجادة، قوي الشكيمة لا تلين له قناة، ولا يميل له غصن، محقا للحق ما استطاع لذلك سبيلا.
اما وطنه الذي عاش في قلبه، وخفق مع نبضاته فكان بالنسبة لأبي سلطان الاب الذي يحرص على بره، وأن مواقفه التي شهدت واحدا منها لتثبت ولاءه الخالص لوطنه ومليكه وقادته، فمن المواقف التي لا زالت عالقة في ذاكرتي، عندما كنا معا نشاهد عبر التلفاز وزير الداخلية حفظه الله صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز يتحدث للصحفيين اذا بأبي سلطان يلتفت الي قائلا: والله ان عطف ورحمة هذا الامير على ابناء وطنه لتفوق عطفي ورحمتي على هذا واشار الى ابنه «مسلط» بجوارنا. بل اني لألحظ اغتنامه لفرصة اجتماع احبابه وأقربائه وأبناء عمومته ليبدأ بنصحهم وتوجيههم الى ما من شأنه ان يخدم الوطن ويحفظ له امنه وأمانه، كيف وهو يرى ويناظر ما يبذله قادة هذا البلد الكريم والقائمون على اموره من جهود مباركة سديدة وجبارة لأجل رفعة الوطن والمواطن، لذا كنت تجد صحب ابي سلطان من اكثر الشباب تفتحا ووعيا وحرصا على مصلحة البلاد ورفع راية المملكة العربية السعودية عالية خفاقة.
رحمك الله يا أبا سلطان وأدخلك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.

ناصر نافع البراق

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved