إذا نظرنا إلى العلاقات الروسية الأمريكية بمنظار متفائل فيمكن القول إن اتفاقية خفض الأسلحة النووية التي يوقع عليها اليوم الرئيسان بوش وبوتين ستفتح آفاقاً جديدة للعمل المشترك بين عملاقي الأمس اللذين انخرطا طوال عقود عديدة في الحرب الباردة التي هيمنت عليهما بصفة خاصة التهديدات بالأسلحة النووية المنصوبة في البلدين.
فهذه الاتفاقية التي انتظرتها الأوساط الدولية منذ وقت طويل تخفض الترسانة النووية لدى البلدين بمقدار الثلثين من 12 ألف رأس نووية إلى أربعة آلاف.
ومع ذلك تبقى هناك الآلاف من الرؤوس النووية لدى البلدين ويكفي القليل منها لتدمير العالم، لكن الأمل هو أن تستمر مساعي البلدين للتخلص نهائياً من الخطر النووي، وخصوصا أن الأسلحة النووية لا تكتفي، في حال استخدامها، بتدمير روسيا وأمريكا لكن الآثار ستمتد إلى جميع الدول، ومن هنا حرص الجميع أن يتواصل مثل هذا العمل إلى نهاياته القصوى.
وتتحمل الولايات المتحدة مسؤولية خاصة في هذا الصدد باعتبار أنها أضحت الدولة الكبرى الوحيدة في العالم بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي الذي خلفته روسيا الأقل حجماً وتأثيراً..
والمسؤولية هنا تنصب على المراقبة الدقيقة للأسلحة النووية التي بدأت تنتشر في العديد من الدول، فقد سمح الانهيار السوفيتي بتسلل الكثير من التقنيات والعلماء الروس إلى دول أخرى ..
وفيما يتصل بمنطقتنا فإن اسرائيل وحدها هي التي تمتلك ترسانة نووية لكنها ترفض أن تخضع منشآتها النووية للتفتيش ولا سبيل إلى إجبارها على ذلك إلا بتدخل الدول الكبرى.
وكما هو الشأن مع كل أمر في النزاع العربي الاسرائيلي فإن اسرائيل تبقى بمنأى عن أي إجراءات دولية معتادة فيما يتصل بوضعها النووي مما يحقق لها التفوق والسطوة العسكرية التي تستخدمها في جميع مراحل النزاع بما يجعلها تتشدد في مواقفها السياسية القائمة أساساً على استمرار الاحتلال وجملة الأكاذيب التي تكتسب، مع ذلك وضع الحقائق لأن القوة النووية تدعمها فضلا عما تجده من مساندة من الدول الكبرى.
الخطوة الأمريكية الروسية لخفض الأسلحة ينبغي أن تقترن بعزم أكيد لإزالة كل المهددات الكبرى في عالم اليوم، ولا سبيل إلى ذلك سوى بانتهاج سياسات عادلة تجاه النزاعات الدولية، ولعل أبرزها النزاع العربي الاسرائيلي، والعمل على اجتثاث مهددات الأمن العالمي والانتشار الكبير للأسلحة النووية في أيدي دول معتدية مثل اسرائيل.
|