يعيش الناس هذه الأيام حياة الجد والاجتهاد والمذاكرة والاستعداد، فقلّما تجد بيتا لم يشغله هاجس الامتحان، فالطلاب والمدرسون والآباء والامهات الجميع في حالة استنفار فالطالب يقضي معظم ليله وسحابة نهاره في المراجعة والمذاكرة، والأب يحث أبناءه على الاستعداد والمذاكرة ويعدهم إن نجحوا ويتوعدهم إن رسبوا، ويدعو لهم بالتوفيق سرا وعلانية، وهذا احساس وعطف فطري فطر عليه الوالدان.
إن الامتحان مأخوذ من المحنة بمعنى الابتلاء والتمحيص والتهذيب، تقول محنت الذهب اذا عرضته على النار ليخرج صافيا قد تخلص من الشوائب والعناصر الرخيصة وهكذا تصنع المحن والشدائد بالمؤمنين، تربي المؤمن وتمحص ما في قلبه وتصقل معدنه ليتخلص من الطباع المكروهة والعوائد السيئة التي توجد فيه فهو يعيش في هذه الدنيا الامتحان والاختبار دائما وباستمرار، قال ابن القيم: العبد مختبر في كل احواله فكيف يسلم من له زوجة لا ترحمه وولد لا يعذره وجار لا يأمنه وصاحب لا ينصحه وشريك لا ينصفه وعدو لا ينام عنه ونفس أمارة بالسوء ودنيا متزينة وهوى مرد وشهوة غالبة له وغضب قاهر وشيطان مزين وضعف مستول عليه فان تولاه الله وجذبه اليه انقهرت له هذه كلها وان تخلى عنه ووكله الى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة أ.هـ.
إن أمة الاسلام اليوم تمتحن بأنواع المحن وأصناف البلايا ففي كل بقعة من الارض دموع او دماء او ظلم او إيذاء.
أمة الاسلام بأمس الحاجة الى الشباب والطلاب، والمحابر والمنابر تنتظركم، وتعليم وتربية الاجيال ستكون على ايديكم ومن هذه الحالة وتلك المسئولية فواجب عليه ان يخلص في عمله وان يجتهد في دراسته وان يكون الجد والاجتهاد حليفه وصاحبه، من هذه الحالة لا يليق به ان يغش في الامتحان ولا غيره «فمن غشنا فليس منا»، من هذه الحالة لا ينهك نفسه بالسهر الطويل الذي من نتائجه تضييع صلاة الفجر جماعة والإضرار بالجسم وقلة التحصيل.
|