Friday 24th May,200210830العددالجمعة 12 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

أضواء أضواء
الجنرال الزاهد... وجنرال الفلاشا
جاسر عبدالعزيز الجاسر

جنرالات الرعب والاتجار على حساب مصالح الشعب منتشرون في كل مكان، فأين وجد الفساد الإداري.. وأين وجد القمع والفوضى السياسية يظهر أصحاب الذمم الفاسدة، وكما أن التاريخ يحفل بمثل هذه النوعية من الفاسدين، أيضاً تحفل قارات الكرة الأرضية بنوعيات مختلفة من الجنرالات.. ففي أفريقيا وفي السودان بالذات تتناقض الصور، ففي الوقت الذي قدم السودان جنرالاً لم يتكرر في التاريخ العربي الحديث، وهو المشير سوار الذهب الذي تنازل عن السلطة وسلَّم الحكم دون أن يخضع لإغراءات السلطة ولا الجاه، وخرج نظيف اليد عفيف اللسان، فلم يسئ لأحد ولم يؤذ أحداً، فبقي محترماً ومقدراً ومحبوباً ليس من السودانيين فقط، بل من كل العرب ومن كل الأحرار في العالم.. فالرجل أسس لسابقة ليست في تاريخ السودان، بل في التاريخ العربي والإسلامي، ولم يسبقه إلى ذلك سوى «شاعر» أفريقي ونعني به الرئيس السنغالي سنجور.. أما أن يتنازل جنرال عن الحكم.. فهذه هي السابقة الأولى في العالم..!!
هذه الصورة الزاهية ل «جنرالات السودان» مسحت الصورة «المحزنة» التي ألحقها «جنرال الفلاشا» بالعسكرية السودانية، فعلى الرغم من تبرئة «جنرال الفلاشا» في المحاكمة التي سميت بمحاكمة الفلاشا إلا أن «الجنرال» وتابعه الذي كان في ذلك الوقت يحمل رتبة رائد هما من أشرفا ونظَّما عملية إخراج وتهريب اليهود الأحباش الذين يطلق عليهم «الفلاشا» بعد أن دفعت إسرائيل الأموال وقامت أمريكا بالضغط والدعم السياسي لإخراج يهود الأحباش من أثيوبيا وجمعوا في السودان ليقوم «الجنرال وتابعه» بتهريبهم إلى الكيان الإسرائيلي.
والعجيب أن يبرأ «الجنرال» بعد شهادة تابعه الذي منح الحصانة التي يحصل عليها عادة «شاهد الملك» وفق النظام القضائي الذي كان يأخذ به السودان تقليداً للنظام القضائي البريطاني.. وإن كان العجب يتبخر أن يقوم «الجنرال» بالمهمة كما أرادها الأمريكيون الذين دربوه وأعدوه إعداداً جيداً ليقوم بإنشاء أقوى جهاز أمني سياسي قمعي في السودان.. الجهاز أطلق عليه «جهاز الأمن القومي» الذي كان من أهم «إنجازاته» كما يسخر الإخوة السودانيون في أحاديثهم إنشاؤه «بيوت الأشباح»، حيث كان التعذيب يتم بصورة آلية بحق المعارضين السودانيين.
«الجنرال» الذي وصل إلى أعلى المراكز فكان النائب الأول لرئيس الجمهورية، لم يرحل عن المنصب بعد عملية التغيير التي قام بها المشير سوار الذهب، بل تركه «بصمة» قمعية تذكِّر به دائماً.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved