فراشة الخريف
ألفت الاعتذار
اصبح جزءا لا يتجزأ من حياتها
كتبت رسالتها العاشرة بعد الألف
حبيبي: اعلم بانشغالك الشديد
فاعذر تطفلي..
لكنني قمت بإعداد الشاي الاخضر الذي تحبه
هاهو امامي على المنضدة
وقد سكبت لك كوبا منه بدون سكر
فان فكرت في القدوم، فستجده في انتظارك.
اعتذر بشدة لكثرة رسائلي
ولكنني واثقة انك سترد اذا ما وجدت الفرصة لذلك
أعتذاري..
فجأة يرن جرس الهاتف..
فتلتقط السماعة..
- ألو.. اهذا منزل المرحوم احمد؟
- نعم.
- اتحتاجين شيئا يا خالة؟
- لا.. شكرا يا بني..
تضع السماعة..
تتناول قلما وورقة..
وتبدأ بكتابة الرسالة الحادية عشرة بعد الألف.
«الرسالة الأخيرة»
«الى من ابتلاه الله بما لم يتوقع»
لست ساديا ولا متعجرفا ولا بليد
حس لكنني فرحت بألمك أيما فرح لأنك كنت السباق في الألم والجرح.
لا تلمني..
فقط..
تأمل صحيفة سوابقك..
الفارس
*******
يا جارة الإصباح
وسألت عني من اكون
عن صاحب الصوت..
ومن خلف الحروف..
لم يتسع فمك الصغير لموجتي
فطفولتي في قفصي
بقيد من لهيب
كل الفراش ترمدت
يكفيك من وهجي الطريق
***
يا نسمة الأسياف(1)
تعبث بالهزيع
يا موجة..
ركضت على صدر الاصيل
بردٌ توضأ بالشفق
فمك وأنت تبسمين
خديك ورد
ضم صدر الطل(2)
في فجر وليد.
عيناكِ ما عيناك!!
سحرٌ، يلقف السحر الاثيم
يا جارة الاصباح
ما المصباح كالصبح الحرير
كلا..
ولكني، كرهت الحب
في زمن العبيد
- ما بين ألوان الحديد -
***
يا جارة الاصباح، عودي
ما لمثلك قد خُلقت
والكهل يرضع دمعة
والطفل يقتات الجراح..
إن غرك ثوبي
فإن القلب مصفودٌ حبيس
أو هالك صفوي
فإن الدمع يبسه التراب
أنا من بكى
حفر الظلام
فغنت الدنيا بكاه
يا ليتها فطنت لشعري
ما استلذت في غناه
نصبوا محاكم..
كيف هذا الحرف
من دون الحروف؟!!
جرم أتيت.. لما خلطت النغم
بالحدث الهزيل؟!!
وتجاهلوا روحاً تناثر لحمها
فوق السطور.
***
يا جارة الاصباح
ما المصباح كالصبح الحرير
كلا.. ولكني خيالٌ
نام في صوت الهجيع
لن تحلمي مثلي
بأن الشمس تشرق في المساء..
وبأن هذه الرمة الذراء
يوماً قد تعود الى الفقيد
الآن عودي..
لن يعود بك القريب.
من البعيد.
الآن عودي..
واتركيني في سماء الضاد
استبق الجديد
«فان بَرَحَ الخَفَاء(3)
فذاك امري
وان صلبوا الضمائر
إن الموت
آخرتي وبدئي)
(1) الأسياف: جمع السيف اي الشاطىء.
(2) الطل: الندى او هو اقل درجات المطر.
(3) يقال للشيء اذا انكشف «برح» كقولهم براح الخفاء اذا انتهك ستره وانكشف ظله.
ابن شريم |