الشيء الذي تختاره هو الشيء الذي يمت اليك بصلة عاطفية، حتى وان كان اختيارك ليس الافضل، لكنه بالنسبة اليك هو الاحب، لانه هو المقترن بشعورك الوجداني العميق! هذا بالنسبة لاقل الاشياء عندك، فكيف اذا كان اكبرها كاختيار الزوجة مثلاً، انه هنا يتأكد بدرجة عالية جداً، فحق اختيار الزوجة حق مشروع للرجل فهو الذي يملك ارادة المبادرة مثلما يملك حق القوامة بعد ذلك، وحريته في الاختيار هي التي تعطي العاطفة والوجدان نمواً وتجذراً كلما رأى امامه هذه الزوجة التي اختارها بنفسه!
واذا اكدنا على حرية اختيار الزوجة فاننا لا نملك للرجل الا ان نعينه على حسن الاختيار فان الخبرة بما تحمله من سابق تجربة مفيدة جداً لمن يريد ان يبدأ بتجربة عرف حقائقها من سبقوه!
والرجل الذي يختار زوجته من بيئته المحلية التي يعيش على ترابها هو الافضل اختياراً عقلاً وعاطفة، فالزواج كشراكة حياتية دائمة، ذي صلة متينة بالبيئة بحكم الطبيعة وعادات الحياة واللغة، وملامح كثيرة، تؤلف قواسم مشتركة.
فالزواج الناجح الدائم بإذن الله هو الذي تقوم شراكتك فيه مع شريكة تعيش بيئتك وعاداتك ولهجتك وطبيعتك وهو تأثير يمتد الى ذريتك الذين تراهم في حياتك فتجدهم اكثر تألفاً مع بيئتك وحياتك وطبيعتك!
ان حق اختيار الزوجة حق مشروع للرجل لكن حقنا بتبصيره بعواقب اختياره حق مشروع ايضاً لكل قريب له يحب له ما يحب لنفسه، وان اصدقنا مع صديقه هو الذي يجب ان ينبهه الى عواقب اختيار زوجة غريبة على بيئته، لانه سيكتشف مع الايام غرابة لهجتها وعاداتها وطعامها وشرابها واسلوب حياتها كله وهو اختلاف لابد ان يؤثر في الحياة الزوجية وان يمتد الى الذرية بصورة من الصور!
ان سر نجاح الشراكة الرابحة المثمرة هو التماثل الذي يلد التوافق وهذا لا يتحقق بنجاح الا على يد ابنة وطنك التي تعيش بيئتك بكل ملامحها ومعالمها!
الزواج ميثاق غليظ، ومصير حياة واختيار لرفيق الحياة، فصحح قرار اختيارك وادرسه بعناية وتأنٍ، لا تأخذه بمغريات متعلقة بالشكل فان للمظاهر خداعاً وتلوناً وللجوهر قيمة ثابتة وصحيحة ليس لها طلاء خادع، بل قيمة اصيلة مستديمة بإذن الله!
وعلى مجتمعنا ان ييسر لراغبي الزواج طريقهم المسنون، بتسهيل تكاليف الزواج التي اقفلت الطريق امام مستحقيه فان التكاليف المالية الباهظة في المهور والقصور هي عقبة حقيقية فوتت الفرصة على محتاجيها وجعلت طالبي الزواج يبحثون عن الزوج من خارج بيئتهم التي صعبت اجراءات الزواج، كأن الحياة المدنية الحديثة جعلت مسألة التعرف على زوجة مناسبة مسألة عسيرة مما يدعونا الى البحث عن حلول عصرية شرعية تفتح الطريق الي اختيار الزوجة الصالحة!
ان على علمائنا وكتابنا واعلامنا ان يدرسوا ظاهرة الزواج من الخارج دراسة متأنية ليس هدفها التحجير على الناس، ولكن لاتخاذ حلول علمية وعملية تمنح ابنة الوطن كامل فرصتها فهي احق بالاختيار فالعقل والقلب معها، وان التوعية في هذا الجانب حق مشروع ايضاً كحق الرجل المشروع باختياره للزوجة التي يقتنع بها!
بريدة |