Friday 24th May,200210830العددالجمعة 12 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

بين اليهودية والصهيونية بين اليهودية والصهيونية
د. محمد بن سعد الشويعر

في الأسبوع الماضي أجرى تلفزيون الجزيرة، مقابلة مع واحد، قال عنه المذيع، إنه من أكابر علماء اليهود، وأنه من المنتقدين للحركة اليهودية الصهيونية اليوم، التي تبنَّت إقامة دولة لهم في فلسطين بمساعدة دول الغرب، لأن الصهيونية عنصرية عدائية لكل من يختلف معهم في دعوتهم السرية.
عندما تحدث ذلك «الحَبْرُ» والحبر في اصطلاحات اليهود هو العالم العارف بالديانة اليهودية، فصار هذا الحبر ينتقد حكومة العدو في فلسطين، وأعمال شارون، وكان مما قاله: إن فلسطين لم تكن موطناً لليهود، وأن اليهود اليوم، الذين ينادون بالعقيدة اليهودية، والمطالب اليهودية، والانتماء إلى يعقوب عليه السلام، ليسوا يهوداً لا نسباً ولا ديانة.. وإنما هم أصحاب معتقد صهيوني، يمثل الحزب، الذي ينادي بمبادئ معينة، ويسعى لغايات ذاتية.
هذا «الحَبْرُ» الذي ذكر أشياء كثيرة، هي من عقيدة اليهود، تنافر ما ينادي به حكام دولة العدو اليوم في فلسطين، الذي قال عن نفسه، إنهم من «السمراء» والسامرية ديانة من الطوائف اليهودية، التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة». وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، على جميع تلك الفرق، سواء كانت يهودية أو نصرانية، أو من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، بأنها كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: «من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي».
وهذا «الحَبْرُ» اليهودي، قال: إنه يقيم هو وطائفته في أمريكا، وتأكدت بعد القراءة أن في فلسطين جبلاً قريباً من نابلس، يسمى جبل السمراء، الذي ينتسبون إلى السامري، الذي جاء ذكره في القرآن، وهم من الطوائف المنعزلين، يعتبرهم اليهود قلة، ولكنهم على قلتهم وضلالهم أكثر اعتدالاً من غيرهم من الطوائف اليهودية، وكتبهم تختلف عما في أيدي اليهود اليوم، بل هم ينتقدون الصهاينة المتعصبين.
وأذكر قبل عدة سنوان، أن راعي أغنام، من البادية كان يرعى غنمه، قرب البحر الميت في فلسطين فدخلت أغنامه في احدى المغارات، فتبعها، يريد إخراجها، لكنه وجد جرّة من فخّار تشبه الزير فيها لفائف من الجلود، فذهب بها إلى بيت لحم، لبيعها لأصحاب التحف والهدايا، المشهورة بذلك صناعة وبيعاً ومتاجرة، وأصحاب الحوانيت قرب كنيسة المهد، في بيت لحم، وقد توارثوا هذه المهنة أباً عن جد، فلما رأوها نادرة، تمالؤا على البدوي، واشعروه أنها لا تساوي شيئاً، وجاءه أكبرهم ليقول: أعطيك فيها دينارين أردنيين فقط، ثمناً لهذا الجلد والجرة لك، وأعطيك مثلها وتدلني على المكان.. فوافق البدوي.. فلما ذهب معه جاء مع رفاقه وأخذوا ما وجدوا في تلك المغارة، ولما درسوها وجدوها أقدم نسخة من التوراة، كتبت باللغة السامرية، فأخذها قساوسة كنيسة المهد إلى عالم في جبل السمراء بجبل نابلس، وترجم لهم معانيها.. فإذا هي تخالف ما بأيديهم من الكتب المقدسة في العهد القديم والجديد.. فأعطيت «البابا» في الفاتيكان، واستدعى الكراولة المؤتمنين على الأسرار وأمرهم بحفظها في مكتبة السريات.. ثم اسدل الستار على هذه المخطوطة النادرة المكتوبة على جلود الغزال، ولعل نسبتهم إلى «السامري» الذي جاء ذكره في القرآن الكريم، في سورة طه الآية 95، وهو أول من أفسد ديانة موسى عليه السلام، عندما قبض قبضة من أثر الرسول - وهو جبريل - وسولت له نفسه أن يصنع لهم عجلاً جسداً من الذهب له خوار، ليعبدوه من دون الله.
والدارسون في كتب الديانات، قالوا: إن السمراء مع ضلالهم، إلا أن لديهم فيما بين أيديهم من كتب ينكرها الصهاينة، الذين يسعون بكل جهد، أن يجعلوا عصبيتهم الدينية، لمحاربة جميع الأديان، وفي مقدمتها الإسلام، الذي يعتبرونه عدوهم الأول، لأنهم وراء إقامة هيكل سليمان، ووراء إقامة ملكهم الخالد، الذي يأمر فيه وينهي ملكهم الذي وضعوا له مواصفات، كما جاء جزء من ذلك، في البرتوكول الثالث والثلاثين، من برتوكولات حكماء صهيون.. ويسمونه الملك المطلق في أمور الدنيا..
هؤلاء السّمراء مع قلّتهم، يخالفون كثيراً من الطوائف اليهودية.. ولديهم في معتقداتهم ما يبرهن على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وتتبع أحاديثه وما جاء فيها عن اليهود، وهذا ليس عن إيمان وصدق بها، ولكنها مما ظهر لهم فيما بين أيديهم، كما هو واقع الحال من يهود المدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين قال الله عنهم: إنهم يعرفون محمداً بالوصف عندهم، والعلامات كما يعرفون أبناءهم ولكنهم قابلوا ذلك بالعداء والحسد.
ومثلما يوجد في السمراء في العقيدة اليهودية، يوجد عند النصارى طائفة متفرقة يسمون بالموحدين جزء منهم في فلسطين وجزء في أمريكا، وجزء في أمريكا الجنوبية، وهؤلاء لا يثلثون، ويؤمنون بأن عيسى عليه السلام قد رفع إلى السماء وفي جبل الزيتون بالقدس، يوجد لهم مكان، فيه أثر قدم محفور في الصخر يقولون إنه أثر قدم عيسى عندما رفعه الله إلى السماء.. ويؤيدون انجيل «برنابا» الذي ينكره كثير من النصارى، بل غالبيتهم ويقولون عنه بأنه مكذوب.. والسبب في ذلك لأن فيه اخباراً عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وبشارة به وبما يجيء به، وتصديق لكثير مما جاء به من عند ربه.. وهؤلاء وهؤلاء معاندون للإسلام عن علم أو جهل حسداً من عند أنفسهم.
قصة السّامريّ:
ذكر ابن كثير في تفسيره: أن موسى عليه السلام، لما سار ببني اسرائيل، بعد هلاك فرعون، وأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، فقالوا: يا موسى اجعل لنا إلهاً، كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون، إن هؤلاء متبّر ما هم فيه، وباطل ما كانوا يعملون، وواعده ربه ثلاثين ليلة، ثم أتبعها عشراً، فتمت أربعين ليلة، أي يصومها ليلاً ونهاراً - كما قال ابن عباس فسارع موسى عليه السلام مبادراً إلى الطّور، واستخلف على بني اسرائيل أخاه هارون ولهذا قال تعالى: «وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هؤلاء هم على أثري» أي قادمون ينزلون قريباً في الطور، «وعجلت إليك ربي لترضى» أي لتزداد عنى رضا «قال: فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري»، أخبر تعالى نبيه موسى بما كان بعده من الحدث، في بني اسرائيل، وعبادتهم العجل، الذي عمله لهم ذلك السامري، وفي الكتب الإسرائيلية أنه كان اسمه هارون أيضاً.
وكتب الله في هذه المدة الألواح، المتضمنة للتوراة، كما أخبر الله سبحانه في سورة طه وغيرها. «فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا» أي بعدما أخبره الله سبحانه بذلك، في غاية الغضب والحنق عليهم، فيما هو فيه من الاعتناء بأمرهم، وتسلم التوراة التي فيها شريعتهم، وفيها شرف لهم، وهم قوم قد عبدوا غير الله، ما يعلم كل عاقل له لب وحزم، بطلان ما هم فيه، وسخافة عقولهم وأذهانهم، وأخذ برأس أخيه هارون ولحيته يجره من شدة الغضب على ما عمله قومه (3: 141).

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved