Thursday 23rd May,200210829العددالخميس 11 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الحلقة الثانية الحلقة الثانية
معركة ميسلون وقائدها ناصر بن دغيثر
بقلم: عبدالله بن صالح العقيل

أما عن معركة ميسلون والتحضير لها فيروي البطل ابن دغيثر بأنه في عام 1334ه تقريباً كان في ديرة أبو شامة من قبيلة بلي التقى بالمؤرخ لورنس العرب وكان مؤرخاً يسجل الأحداث ألّف منها كتابه «أعمدة الحكمة السبعة» وهو وكيل إنجلترا عند الشريف فيصل يوصل منه وإليه الرسائل، قدم إليها من الوجه ومعه الشيخ عودة أبوتايه من الحويطات، وقد ذكر لورنس في كتابه بأن ناصر الدغيثر كان قائد العقيلات في معركة ميسلون، وناصر الشريف قائد الجيش ونائباً عن الشريف، وعودة أبو تايه قائد قبيلة الحويطات، أما كيف تحرك الجيش فيروي ابن دغيثر بأن فيصل الشريف توجّه مع الجيش المكون من «600» هجّان و«600» من الإبل و«60» خيّالاً ولم يشارك معهم غيرهم من العرب وكان معهم ثلاثة أنواع من البنادق إنجليزية وألمانية وتركية وكان لباسهم «صاية وزبون» بمقاس واحد و«دامر» والزبون كما وصفه القائد عبارة عن «بالطو» مفتوح من الأمام يصل طوله إلى الكعبين، أما الدامر فهو لباس يشبه الكوت ينزل إلى أسفل البطن.
تقدم الجيش بقيادة ابن دغيثر نحو سوريا وعند وصولهم إلى دمشق تحركوا نحو حمص ثم حماة ثم حلب واستولوا عليها جميعاً، ثم أمره فيصل الشريف بأن يتوجه إلى دير الزور ومعه ما يزيد على «70» هجّاناً على سبعين ذلولا وأربعة خيول واستلموها دون قتال من الدولة العثمانية، وبقوا فيها قرابة شهرين ثم رجعوا إلى دمشق وبقوا فيها شهراً بعدها سمح الشريف للعقيلات بأن يذهب كل منهم إلى أهله.
أما قيادة البطل ابن دغيثر لمعركة ميسلون فيقول عنها بأنه جلس عند الشريف في دمشق أي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وتنصيب الملك فيصل بن الحسين ملكاً على سوريا أياماً كلّفه بعدها الشريف في حدود عام 1339ه بأن يجنّد جيشاً من الهجّانة للمشاركة في معركة ميسلون وفعلاً اختار «500» هجّان من أهل نجد، كانت أسلحتهم محدودة وذخيرتهم قليلة واستعدادهم ضعيفاً ولكن العزيمة والشجاعة والاتكال على الله كان يحدوه للتقدم لمحاربة الأعداء ونصرة اخوانه من المسلمين، بدأ البطل ابن دغيثر التجهيز للحرب بأن جعل على كل مائة هجّان ثلاثة ضباط وكان هو القائد لذلك الجيش وتصدر منه الأوامر، وقد ذكر من الضباط: فهد بن شارخ من الرس، وسعد السكيني من الرس، وعبدالله المكرش من عنيزة، وناصر بن حمود من عنيزة، وفهد بن عبدالله الوهيبي من الخبراء، وعبدالله بن سليمان بن عيسى «وكيل الأمن العام بالمنطقة الشرقية سابقا» من بريدة، ويذكر ابن دغيثر بأن عدد من كان معه من العقيلات كان «50» هجّاناً وهو على الخيل.
أما بداية الحرب فقد أمر الشريف فيصل قائد الجيش بالتحرك نحو عمّان وكان معهم الشريف علي بن الحسين ولكن الأوامر صدرت لهم بالعودة إلى دمشق والتوجه في أوائل العشرينيات الميلادية نحو ميسلون وهو واد بين جبلين من أجل المشاركة في المعركة بين العرب والفرنسيين وكان أبطال نجد وحدهم في مواجهة الجيش الفرنسي بقيادة البطل ناصر بن دغيثر، ثم دارت المعركة بينهم وبين الجيش النظامي الفرنسي، ويروي ابن دغيثر أنه كان يرى أهل نجد من الهجّانة يذبحون الجنود الفرنسيين وكادت المعركة تنتهي بهزيمتهم وانتصار أهل نجد، ولكن بعد أقل من ساعة من بدايتها انتهى العتاد الذي كان معهم ففكر البطل في حيلة للخلاص من الحرب مع المحافظة على أرواح ومعنويات الجنود بحيث أمرهم بإطلاق الجِمال فلما رأى الفرنسيون انهزام الهجن ظنوا بأن الجنود فروا من الحرب فلحقوها وهذا ما كان يريده القائد فتبعهم جنود العقيلات وقهروهم ورموهم بالسلاح، ولكن تنقلب المعركة بتحليق الطائرات الفرنسية في سمائها تضرب أهل نجد بالقنابل وهم عُزّل إلا من سلاح خفيف ورصاص قليل يقاومون به، ولكن القائد الفذ ابن دغيثر على الرغم من قلة خبرته في الحروب إلا انه يتمتع بحكمة الرجال وقوة الأبطال وبأس الشجعان فقد خاف على أفراد الجيش من الإبادة أو الأسر فأمرهم بالخروج من الوادي حتى لا يبيدهم الفرنسيون أو يقبضوا عليهم مع استمرار المقاومة حفاظاً على معنوياتهم وما أحرزوه من انتصار، وبعد خروجهم من الوادي قام ابن دغيثر بلمّ شملهم وترويضهم وتفقدهم ووجد القتلى منهم «13» رجلاً فقط، ذكر منهم: صالح بن جليدان من الرس، ومحمد بن عقيل من الرس، ومحمد بن رشيد بن بلاع من عنيزة، ومبارك الدغيثر من عنيزة، ثم يروي ابن دغيثر بأنه بعد سنتين من الحرب رجع إلى سوريا وقابل مجموعة من معارفه فأخبروه بأن صورته معلقة في ساحة المرجة بدمشق وهو يمتطي جواده ويشهر سيفه وتحتها «بطل ميسلون».
وهكذا كان ابن دغيثر قائداً لمعركة ميسلون وبطلاً لها حيث كان قائداً لجيش الهجّانة في الحرب العالمية الأولى الذي يتكون من رجال العقيلات من نجد، وابن دغيثر أول من دخل دمشق محارباً واحتل قلعة حلب التي كانت حصناً منيعاً عجز عنها الأبطال من قبله ثم مر على ما حولها من المدن السورية وأخضعها حتى ضم دير الزور، وهو الذي صد الجيش الفرنسي عن دخول دمشق وأوقف زحفه.
وأشاد عدد من القادة العالميين بشجاعة ابن دغيثر وقوة عزيمته وحنكته في الحرب منهم القائد الفرنسي الجنرال غورو وذكره المؤرخ لورنس في كتابه ومدحه وتحدث عن شجاعته، كما ذكره الشاعر أحمد شوقي في إحدى قصائده، ولكن القائد البطل ابن دغيثر عندما انتهى من المشاركة بالحرب وعاد إلى المملكة عينه الملك عبدالعزيز رئيساً لجباية الزكاة في عالية نجد ولكن الإعلام آنذاك لم يكن في مستوى الأحداث على نقيض ما ناله أقرانه من القادة في وقته مثل عودة أبو تايه والمؤرخ لورنس وبعض القادة الغربيين في الحرب العالمية.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved