Thursday 23rd May,200210829العددالخميس 11 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الزازان يواصل رده على جابر الزازان يواصل رده على جابر
أيها المحرر توقف عن تمثيل الدور الأكبر !!

كنا قد نشرنا يوم أمس وعلى هذه الصفحة الجزء الأول من رد الشاعر عبدالله الزازان على الزميل جابر الذي سبق وأن قام بنقد كتاب «مُدن الشعر» الذي ألفه الزازان ونشر النقد في أعداد سابقة في «الجزيرة» واليوم يواصل الزازان تكملة رده حيث يقول:
أليس في هذا تناقض عجيب نحمله في دواخلنا فنحن محافظون أشداء على اللغة في المدارس والجامعات والمؤسسات الصحفية والعلمية والكتب بشتى أنواعها الخ.. ثم نعود نحاربها بقسوة في بيوتنا وبين أطفالنا وفي الشارع وفي حياتنا العامة».
ويتناول الاستاذ الأديب عبدالله بن عبدالرحمن الزيد مسائل الشعر الشعبي التي أسماها «مافيا الساحة الشعبية في مصادرة الرأي الآخر» قائلاً: تطرح في صحافتنا المحلية في أحيان متقاربة بعض القضايا الصلعاء حول الأدب الشعبي أو العامي..
ويُستَكْتَبُ من اجلها مختلف الأقلام.. وهي قضايا صلعاء.. لأنها إما أن تكون أكبر حجما مما هو مطروح من نماذج هذا الأدب وإما أن تكون نوعاً من تحصيل الحاصل.. فيسمى الكلام في الأولى مساومة.. ومراهنة حول تصورات لا نملك أسباب تحقيقها في الوقت الحاضر ويسمى في الأخرى مزايدة حول بضاعة مزجاة.. غير أن المسألة الوحيدة في الساحة الشعبية التي أفلتت من شرك التصورات التي بلا رصيد ومن الفناء في تحصيل الحاصل هي مسألة: «المافيا الشعبية».. او «مافيا الساحة الشعبية» التي تتمحور وتتمثل في «مصادرة الرأي الآخر».. ومن قبل اساتذة ودارسين لهم وزنهم في الساحة الثقافية بعامة.. هذه «الاشكالية» الصعبة في حاجة شديدة الى الأخذ والعطاء والنقاش والى صيغ عديدة من صيغ التصحيح وتتمثل «مافيا الساحة الشعبية في مصادرة الرأي» في ذلك التوتر العجيب.. وذلك الهيجان غير المبرر إزاء كل ما هو غير شعبي وضد كل من هو غير شعبي.
مثلاً.. عندما يعبر شخص صريح سواء كان مثقفاً او غير مثقف عن اعتقاده الحقيقي حول الأدب العامي او الشعر العامي وعندما يفصح عن رأيه وموقفه المضاد يتحول هو ذاته الى «قضية» تتناهبها الأقلام ويصبح سيرة مشوهة.. وعبرة لمن يعتبر.. وذكرى لمن اراد ان يتذكر.. الى درجة ان متعصباً للفصيح مثل الاستاذ عبدالله بن ادريس بدأت تلين أقواله الصلبة وأفصح عن شيء من التراجع في رأيه الذي يعرفه كل من له علاقة بالساحة الثقافية..
السؤال.. لماذا يحدث هذا؟
الأدب العامي بعامة.. والشعر منه بخاصة.. ليس ديناً.. ولا عقيدة، كما انه ليس منظومة اخلاق وليس شيئاً متفقاً عليه.. بحيث يثير فينا الرأي ضده كل هذا الغضب.. وكل هذا النفور وكل هذا التوفز الذي قد يصل في شكل من اشكاله الى درجة الكره والحاقديّة.
«الأدب العامي» إنتاج.. إبداع بشري قابل للأخذ والعطاء ومهيأ للرفض او القبول ومعرض لحاكميه التقويم والتقييم مثله في ذلك مثل أي إبداع انساني ولعل هذه هي ميزة العطاء الإنساني بكل انواعه، العطاء الذي يثري الساحة وتتشكل حوله الآراء وتتمايز المواقف..
إن ما يحدث من مصادرة الآراء من قبل بعض المهتمين بالأدب العامي والشعر منه بخاصة يذكرنا بما يحدث من «مافيا» الساحة الفنية، هناك شبه كبير بين المافيا في الساحتين.
إذاً.. لنتذكر معا ما حصل للأستاذ عبدالله الزازان الذي نشر تحليلاً أدبياً لتجربة الشاعر «نايف صقر» وسجل رأيه بكل الوضوح فانهالت عليه كل صيغ التبكيت والانتقاد والسخط والرفض والتشويه حتى اتهم ووصم بالتخلف والتراجع والضمور وهو العائد للتو من إحدى عواصم النور والمعرفة والتقدم.. كما انه قبل ذلك من الشبان الواعين وجميع من في الساحة يعرف انه احد مثقفي الساحة الشعبية وانه من أبرز المحررين الذين ظهروا في زمن الصفحات والملحقات الأدبية.
كذلك.. لا نريد ان نخلط بين الأشياء والموضوعات والمواقف وبين الذي ينبغي وما لا ينبغي.. فالكتابة عن موضوع إبداعي بحت.. او عن إنتاج بشري خالص تختلف عن الكتابة والتعبير عن مسألة عقدية او عن قضية قومية او وطنية.
نحن مطالبون بإبعاد التوتر والاندفاع الأرعن والغوغائية عن ساحة النقاش لكي يصبح الحديث عن الإبداع العامي او الشعبي جزءاً محترماً من تكويننا الثقافي العام.. عندها فقط.. يمكن ان نتحدث عن جوانب الإبداع والتفوق وعن جوانب الإخفاق ويمكن ان نطرح مسألة التشجيع والمباركة والموقع الإعلامي ويمكن ان نأخذ ونعطي حول المسألة الاكاديمية والجامعية والدراسات والبحوث.. اما اذا ما استمر الأدب العامي واستمرت الساحة الشعبية بهذا الواقع وهذا الأسلوب، اقصد واقع التعصب واسلوب المصادرة، فلن يكون هناك أي قابلية لأي شأن من شؤونه.. وسوف تبقى المسألة- معذرة خارج السياق الثقافي الواعي الذي يبحث دائماً عن المقومات والأسباب والمحصلات المثرية ويتجه ابدا صوب التحليل والتعليل والمنطق واحترام وجهات النظر الأخرى أيا كانت.. أقول ذلك وأسجله بوضوح تام لأني أدرك تماماً واعرف ان الساحة الشعبية الآن وفي وقتنا الحاضر ليست مجرد منظومات وتهويمات وصور ملونة وصفحات مصقولة وإنما هناك عمل وجهد وسعي الى الأجمل كما انني ادرك واعرف انه يقف في الساحة الشعبية شبان مثقفون يقرأون ويفهمون ويتابعون ويتطورون ويتمتعون بكل مقومات الوعي وذلك ما يجعلنا نطرح هذه القضية بهذا الشكل وبهذا الأسلوب شكل العتاب واسلوب المؤاخذة.
كذلك أود ان اضيف ان الشاعر.. او الأديب الشعبي الذي يكتب بالعامية لم يعد ذلك الإنسان المسطح الأحادي المبتور الذي ينظر اليه على انه مخلوق غريب ليس لديه ما يثير ولا ما يعجب سوى انه يستطيع ان يغني بذاته وبمعاناته ويدوزنها على الوزن والقافية..
وإنما اصبح شخصاً معاصراً لديه ثقافته ومرجعيته وله رؤيته الخاصة.. وذلك ما يجعلنا نؤمن بأن تكريس الاسلوب الثقافي الحر في ساحة الحوار وتربية الاستعداد لتقبل وجهة النظر الأخرى سوف يؤتي ثماره.. «ذلك ما نتوقعه ونتفاءل بوجوده واستمراره».
ان على أولئك المحررين ان يتوقفوا عن تمثيل دور الأخ الأكبر، فتجريد النفس للارتقاء بالأدب الشعبي من أساسيات الصحافة وليس التمحور بالشللية وتسريب الاشاعات وإتاحة الفرصة لفلان من الناس لسب فلان تحت اسم مستعار او غير مستعار من باب إتاحة الفرص للآخرين. هذا يكون صحيحاً لو كانت الآراء التي تنشر موضوعية وعقلانية. إننا يجب ان نخرج من مفهومنا الضيق الى فضاءات ارحب وأوسع ونخرج بمجلاتنا وصفحاتنا الشعبية من ثقافة الأحياء الى عالم أكثر اتساعاً وشمولية وان نخرج بعقولنا من الاقليمية الى العالمية..
هذا إذا أردنا ان نخلق أدباً جاداً.
ولكن ما الحل؟.
الحل في تصوري يأتي من طريق واحد وهو ان تدخل الصفحات الشعبية ضمن الملاحق الأدبية في الصحافة العامة وبذلك تكون ضمن منظومة الصفحات الثقافية باعتبار ان الصفحات الشعبية تعد صفحات ثقافية فالأدب فرع من فروع الثقافة وتتولى هذه الملاحق الأدبية تنشئة هذا الأدب على أسس أدبية ونقدية جادة.. هذا إذا ما أردنا ان نرفع من قدر هذا الأدب ليؤدي دوره كاملاً في الحياة.

عبدالله الزازان

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved