* القاهرة- مكتب الجزيرة- عبدالله الحصري:
حذَّر الخبراء من ارتباط العملات العربية بالدولار بمفرده واعتمادها عليه في تسوية نحو 85% من حجم تجارتها الخارجية ولاسيما مع بروز اليورو الذي سيكون له دور في التجارة العالمية. واعتبروا ان هذا الارتباط له مخاطره، حيث ان مصير العملات العربية وبالتالي الصادرات سيتأثر صعودا وهبوطا مع التغيرات التي ستطرأ على الدولار والتي من المتوقع ان تكون غير ايجابية في الفترة المقبلة خاصة بعد ظهور اليورو.
خطوة مبكرة
ويرى علي نعيم محافظ البنك المركزي المصري الأسبق أن الاقتراح بتداول العملات العربية في الأسواق الخارجية مسألة محاطة بالعديد من علامات الاستفهام، حيث إن الأسواق العربية معظمها ناشئة وما زالت في مرحلة البناء وتسعى لإيجاد استقرار في أسواقها النقدية والمالية وتحقيق الاستقرار لأسعار صرف عملاتها أمام العملات الأخرى وبالتالي فإنه من المبكر جداً اتخاذ هذه الخطوة في هذا الوقت والأوضاع الاقتصادية الإقليمية والدولية الراهنة.
وأشار إلى أن ما يتردد من أن معظم العملات العربية حافظت على قوتها واستقرارها في ظل التغييرات التي عصفت لفترة بالدولار الأمريكي ثم العملات في جنوب شرق آسيا وكذلك أثناء تنفيذ معظم الدول الكامل نحو اقتصاد السوق وقال إن تداول العملات العربية في الأسواق. الخارجية يتعارض مع سعي الدول العربية لزيادة صادراتها وضغط وارداتها وجذب أصول أجنبية تتعامل بها مع العالم الخارجي، كما أن الدول العربية لا تستطيع حالياً تسديد فاتورة تدويل عملاتها كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية. وأشار إلى أن التسرع في تدويل العملات المحلية كان أبرز الأسباب التي أدت لانهيار اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا، حيث عرضها لمضاربات عنيفة وضارة انعكست آثارها المدمرة على اقتصاديات تلك الدول التي ما زالت وستظل تعاني من تداعيات هذه الأزمة لسنوات طويلة في المستقبل.
وأكد عدنان الهندي الأمين العام لاتحاد المصارف العربية خطورة تداعيات تدويل العملات العربية على الأسواق والاقتصاديات المحلية، موضحاً ان المقارنة بين الاقتصاديات التي تقف خلف العملات الدولية كالدولار واليورو تكشف عن مخاطر عديدة، موضحا انه في حالة إقامة سوق عربية مشتركة، واتحاد نقدي عربي وإزالة كافة الحواجز الجمركية والقيود الاخرى التي تحجم الاستثمارات والمبادلات التجارية وتقيد حركة رؤوس الاموال في هذه الحالة يمكن ترويج العملات لأنه سيكون خلفها اقتصاد قوي يحميها ويسيطر على نسبة عالية من التجارة ويمتلك مقومات القوة المالية والبشرية والسياسية.
وقال ان معظم المصارف العربية ما زالت متواضعة ولا ترقى لمستوى البنوك في أوروبا أو أمريكا ولا تمتلك أدوات الخدمة المصرفية وقاصرة عن الوصول لدرجة الملاءة التي حددتها لجنة بازل وتفتقد القدرة على القيام بعمليات كبيرة خارج الحدود، كما ان تلك البنوك تفتقد القدرة على القيام بعمليات كبيرة خارج الحدود، لأنها قوية فقط داخل حدودها ولا تمتلك شبكة من الفروع الدولية التي تمكنها من حماية العملات العربية عند تداولها في الأسواق الخارجية.
450 مليار دولار إجمالي الموجودات
في المصارف العربية
وكشف عن أن اجمالي الموجودات في المصارف العربية مع نهاية العام الماضي بلغ 450 مليار دولار بمد لايوازي نصف موجودات بنك«تشير» الامريكي مما يوضح ان العملات العربية ما زالت مفتقدة لعوامل القوة التي تمنحها الثقة عند تداولها في الخارج، كما ان قيمة الموجودات في البنوك العربية مجتمعة لا تمثل الكثير مقارنة بنظيرتها العالمية خاصة في ظل موجة التكتلات، حيث إن حجم بنك واحد من هذه النوعية يمثل عدة اضعاف البنوك العربية مجتمعة.
منظومة اقتصاد عربي قوية
ويؤكد حافظ الغندور عضو لجنة السياسات بالبنك الاهلي وجود فجوة بين الصادرات والواردات العربية التي تتجاوز مئات المليارات فإذا حدث تعويم للعملات العربية في الخارج ستنخفض قيمتها بسبب المضاربة عليها، موضحا انه لن يمكن للدول والآليات النقدية العربية السيطرة على حجم هذه المضاربات وتداعياتها. واشترط بلوغ المدخرات الوطنية العربية لأكثر من 25% من الناتج الاجمالي البالغ 650 مليار دولار للسماح بتداول العملات العربية في الخارج وذلك للاقلال من معدل الاعتماد على العالم الخارجي وتخفيض الديون الخارجية.
وأضاف انه في ظل غياب وجود طلب فعَّال على العملات العربية فإن امكانية تعويم هذه العملات لاتتم إلا في نطاق قيام اتحاد نقدي عربي يقوم على أسس اقتصادية سليمة يبدأ من القاع الى القمة كما حدث في اوروبا واتحاد النافتا وذلك لتجنب التخفيض المحتمل للعملة التي عانت منه دول أخرى كالمكسيك واسبانيا وايطاليا، مشيرا إلى وجود مخاطر اخرى قد تبرز نتيجة تعويم العملات العربية بالخارج منها زيادة العجز في الحساب الجاري حيث ان الطلب على الصادرات العربية لا يتمتع بالمرونة الكافية إضافة إلى زيادة عبء المديونية الخارجية للدول العربية وارتفاع تكلفة المنتجات نتيجة اعتمادها على نسبة مرتفعة من المكون الاجنبي، حيث ان التعويم سيؤدي لخفض قيمة هذه العملات وبالتالي رفع قيمة الواردات من هذه المكونات الاجنبية وزيادة تكلفة المنتجات وعدم قدرتها على المنافسة.
العملة العربية الموحَّدة لا يمكن تحقيقها
ويطالب إبراهيم عبدالفتاح- عضو لجنة السياسات بالبنك الاهلي المصري باحترام العملات العربية فيما بينها وتسوية المعاملات التجارية العربية البيئية عن طريق العملات الوطنية دون ان يكون الدولار وسيطا في هذا المجال.
|