Thursday 23rd May,200210829العددالخميس 11 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مؤثرات حياتية.. قابلة للتغيير..!! مؤثرات حياتية.. قابلة للتغيير..!!
تركي بن منصور التركي

لكل منا شخصيته التي يتميز بها في الحياة، وطريقته في التعامل مع الآخرين، وله منظاره الخاص الذي يرى من خلاله مايحيط به من أحداث ووقائع، قد يشترك اثنان أو ثلاثة بصفة ما.. لكنهم يختلفون بالضرورة في صفة أخرى، هذه الشخصية المتفردة بتميزها أو تواضعها كان خلفها بلا شك (صانع) ساهم بما يملكه من أدوات وخبرات معينة بأن يساهم بتشكيل معين لهذه الشخصية، وتبعا لذلك فإن شخصياتنا وطريقة تعاملنا مع الآخرين والأهم نظرتنا للأشياء من حولنا تكون نتاجا طبيعيا لما تلقيناه في مراحل حياتنا المختلفة من توجيهات مباشرة أو غير مباشرة ممن يملكون حق تشكيل شخصياتنا، فالوالدان أو الأسرة لهما نصيب كبير في توجيه صورة معينة يستقبلها الابن فتكون مدارا لتعاملاته مع الآخرين ومقياسا لنظرته للأشياء، فكما قال الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والسلام «مامن مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو يمجِّسانه أو ينصِّرانه» فالأسرة هي الموجِّه الأول والمستمر مع الابن ومن خلالها يكتسب خبرات ويبني أحكاما هي بدء تعامله مع الحياة، بعد ذلك يأتي دور (المدرسة) كموجه مهم في خلق تصورات ذهنية معينة للطفل منذ أن وطئت قدميه قاعة الدرس حتى مغادرته إياه مسلحا بشهادة إكمال التعلم، ولاشك أن مايكتسبه الطالب خلال دراسته من معلميه يمثل مادة زاخرة في تصوراته ورؤاه للحياة والآخرين، ثم وبعد أن يبدأ التكليف الشرعي للإنسان في أدائه للصلاة يمثل المسجد أيضا رافدا مهما وموجها مباشرا للطفل (الذكر) في سني حياته، بعد المسجد يأتي دور (الأصدقاء) الذين يتقبل الطفل منهم الكثير خاصة وأن مجتمع الأصدقاء يمنح الفرد أشياء ومعلومات وخبرات لم تؤمنها له المدرسة من قبل أو الأسرة، ولذا شبه المصطفى عليه الصلاة والسلام الجليس الصالح بحامل المسك والجليس السيئ بنافخ الكير، وقد يبدو مجتمع الأصدقاء أرضا خصبة لاكتساب عادات وسلوكيات سيئة في غالب الأحيان، الموجه الرابع للإنسان في سني حياته هو (الإعلام) والذي يناط بأعباء توجيهية كبيرة تكون مدارا لتعامل الفرد في مجتمعه على مر سني حياته فيكتسب منه الغث والسمين، ألفاظا وتعاملات وسلوكيات بعضها نافع وهو قليل والغالب ضار.
ماسبق من العوامل تشكل مجتمعة شخصية الإنسان ونظرته للأشياء من حوله، فتسيطر عليه في مواقف معينة، ويبني أفكاره وتصوراته لما يحيط به من خلال ماتلقاه طيلة مشواره الحياتي، بدون وعي منا، ويظن البعض أن نظرتهم للأشياء تنطلق من أنهم يرون الأشياء كما هي، ولكن الواقع أننا نراها كما نكون نحن ومن واقع ماتم تكييفنا على رؤيته.
لكن السؤال المهم.. هل نحن مع تلك المكتسبات وما تمت (برمجتنا) عليه نكون حكرا عليها لانملك أن نبدلها أو نغير فيها ما يظهر لنا خطأه وخلله؟ الواقع أن الإنسان بالإضافة لما سبق من عوامل ساهمت في برمجة سلوكه وطريقة تعامله ونظرته للأشياء، قادر على أن يعيد بنفسه (برمجة) نفسه، ولكن ذلك لن يتأتى بسهولة ويلزمه أولا العزيمة الصادقة على الرغبة في (التغيير) منتهجا (المرونة) طريقا للتغيير، فما ننوي تغييره يمثل مبادئ أساسية أخذت منا سنين عدة يشكل بعضها بعضا ومن الصعوبة بمكان أن تغييرها بسهولة ودون جهد مضاعف فكما قال ستيفن كوفي صاحب العادات السبع: «المبادئ أشبه ماتكون بالمنارات، إنها قوانيين طبيعية تستعصي على الانتهاك» ، ولذا فقد عد العامل الأخير من عوامل تشكيل شخصية الإنسان (برمجة الإنسان لنفسه) أحد أقوى العوامل في التأثير على شخصيته وسلوكه في الحياة، وبإمكانه أن يختار مايراه غير جدير بأن يتمثله في سلوكه وتعاملاته فيبدله بآخر أفضل منه، رغم أن غالبية الناس آليون كما قال عنهم إريك فروم «إننا نقابل في أيامنا هذه شخصا يتصرف كإنسان آلي، لايعرف ولايفهم ذاته» ولذا فإن أهم أمر في طريق التغيير هو الاعتراف بالقصور والخلل في الذات الإنسانية، ومتى كان الإنسان قادرا على (قراءة) ذاته جيدا والتأمل بحالها كان الأقدر على رسم طريق سهل نحو (التغيير) الأجمل الذي يحتاج إلى (مرونة) فائقة ومتميزة لإحداث تغيير إيجابي في شخصياتنا يرسم لنا في الحياة صورة أكثر إشراقا وأكثر تميزا، مبتعدين عن المعوقات التي خدعنا أنفسنا بأنها تعوقنا عن التغيير نحو الأفضل.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved