تستطيع ان تقول ان هناك دور نشر بعدد المؤلفين في المملكة وان هناك مؤسسات فنية بعدد الممثلين في المملكة فأي اسم لكاتب سعودي أوجده الله في الثمانينات يجب ان تعرف أنه مسجل في وزارة الإعلام باسم ناشر. وأي ممثل في أيامنا هذه فهناك مؤسسة فنية مسجلة باسمه. لو ان كل دار نشر وكل مؤسسة فنية من تلك المؤسسات حققت النجاح الذي تمناه صاحبها لنافسنا الدول الاسكندنافية في النشر وهوليود في الانتاج الفني ولكن المشهد الثقافي والفني في بلادنا لا يبشر حتى بمنافسة زنجبار. فأصحاب دور النشر في الثمانينات (المبدعين كما كانوا يطلقون على أنفسهم) هم أنفسهم من ترك دورهم وهرعوا لترزيق اخواننا اللبنانيين والمصريين. وبعد ان شفط اخواننا اللبنانيون والمصريون دولاراتهم النفطية عاد هؤلاء المبدعون إلى الوطن بكراتين إبداعاتهم القصصية والشعرية ووزعوها بالمجان. كلما وصلني من تلك القصص والدواوين نسخة، تذكرت العبارة التي كانت تكتب على الكتب المدرسية عندما كنا في الابتدائي التي تقول (يوزع بالمجان وأي نسخة تباع تعتبر مسروقة). على كل حال اختفى من اختفى وبقي من بقي. لا كسبنا كتابا ولا كسبنا دور نشر.
والمشهد اليوم لا يختلف كثيرا ولكن في مجال الفن والانتاج الدرامي إلا ان علاقة الممثلين بمؤسساتهم كعلاقة متسببي العقار بمكاتبهم: آمال كبيرة يقابلها نتائج مخيبة ومحبطة مع إصرار لا وجهة له.
لا تستطيع ان تسأل عن كل الأسباب التي أدت إلى هذا ولكن هناك سبب واحد يمكن مناقشته لأنه قابل للإزالة العاجلة.
حان الوقت لإعادة ترتيب العلاقة بين وزارة الإعلام وبين الفن الدرامي. ان تضع وزارة الإعلام أطراً استراتيجية تتحرك فيها لدعم هذا الفن. حسبما أسمع فإن الوزارة تبذل جهودا كبيرة لدعم الفن الدرامي. ولكن هذه الجهود لم تثمر بعد عن فن درامي سعودي مميز ينافس بعض اخواننا العرب. فعلى الرغم من تواضع البذل المالي في سوريا إلا ان الفنانين السوريين حركوا الراكد المصري بكمية التحدي التي طرحوها في سوق الفن الدرامي وأظن ان الفرق بين الفن في سوريا والفن في المملكة فرق إداري يمكن إزالته.
الملاحظ على وزارة الإعلام في المملكة انها تقدم دعمها للفنانين (الممثلين) فقط مستلهمة تجربتها مع المغنين. حيث ركزت قضية الفن الدرامي في الممثلين فقط. فطبقت نظام دعم المطربين على الممثلين دون النظر في الفارق النوعي بين الفنين. صحيح انه حقق نجاحا مع الممثلين ولكنه لم يقدم شيئا مهمّاً للفن الدرامي. فالفن الدرامي عمل جماعي وصناعة متكاملة. لا يمكن ان يكون هناك فنان بدون مخرج وبدون كاتب وبدون مهندس ديكور الخ، شبكة من الوظائف المتظافرة فإذا أرادت الوزارة (وهي تريد بالفعل) ان تشجع الفن الدرامي عليها ان تقدم الدعم والتشجيع لكل أطراف العملية الفنية وليس للجزء الظاهر منها.
لعل منطلقات الخطاب الذي وزعه وكيل الإعلام الدكتور علي النجعي على المؤسسات الفنية بداية للفصل بين عناصر هذا الفن، والنظر إليها كلها بنفس المستوى من الاهتمام.
فاكس 4702164 |