Wednesday 22nd May,200210828العددالاربعاء 10 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

دفق قلم دفق قلم
كاثي تسلَّمتْ نسختها
عبدالرحمن صالح العشماوي

المشروعات الحضارية الكبرى تظلُّ رَمْزاً حياً لا ينساه التاريخ، وصورةً مشرقةً تراها القلوب قبل العيون في كل زمانٍ ومكان.. المشروعات الحضارية التي تخدم الحقَّ والعدل والخير هي التي تبقى مصدر سعادة لصاحبها وللناس الذين أفادوا منها، تزول آثار كل الأشياء ويبقى أثرها حياً يتجاوز الحياة الدنيا القصيرة، إلى ما بعدها من الآخرة التي هي «الحَيَوان» لو كانوا يعلمون.
وعندما نقول المشروعات الحضارية الكبرى فإننا نقصد بها كلَّ مشروع نشأ من مصدر خير، لخدمة الخير، والدعوة إليه، وترغيب الناس فيه، وحسبك بهذه المشروعات قيمةً ومكانةً وتقديراً.
عندما أمرت «زبيدة» بمدِّ قنوات الماء على طريق الحجاج إلى مكة المكرمة فإنها بذلت المال في طريق الخير فكان استثماراً اقتصادياً هائلاً لا يوازيه استثمار من استثمارات الدنيا مهما كبر، وظلَّ ذكر زبيدة حَيَّاً تصاحبه الدعوات من الناس بالرحمة والمغفرة مع أن قنوات الماء التي أمرت بمدها قد اندثرت إلاَّ من آثار يتتبعها المتخصصون في دراسة الآثار.
لا شك أن زبيدةَ زوجة هارون الرشيد يرحمهما الله قد بذلت أموالاً في مجالات الحياة الأخرى، ولكنها كلُّها انتهت بانتهاء حياة زبيدة وظلَّت صورة مشروعها الخيري الحضاري في الذاكرة بالرغم من مرور الأيام ونعود إلى «كاثي» التي تسلمت نسختها.
مَنْ هي كاثي؟ وما نسختها؟
كاثي فتاة نصرانية «ممرضة» في إحدى المستشفيات في الولايات المتحدة، مستشفى يقطنها مئات المرضى، ويزورها مئات الزُّوار، ويعمل فيها عشرات الأطباء والطبيبات، والممرضين والممرضات، والموظفين والموظفات، يدخل إليها المريض بحثاً عن علاجٍ لما ابتلي به من المرض، ولا شك أن المرضى يختلفون باختلاف أديانهم وأفكارهم، ولا شك أن أعظمهم مكانة، وأجلَّهم منزلةَّ، وأكثرهم أجراً من رضي بما ابتلاه الله به شاكراً لربَّه صابراً محتسباً مؤمناً بالله وأنبيائه وكتبه، فهذا هو الذي يفوز بإذن الله فوزاً عظيماً لأن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنَّ المسلم يُبتلى في الدنيا حتى يأتي يوم القيامة وليس عليه ذنب إذا صبر واحتسب.
«كاثي» ممرضة، أحد مَرْضاها بدويٌّ من الصحراء من أبناء ظلال النخيل على حدِّ قوله هو اسمه «صالح العزَّاز»، ما يزال يعيش نعمة الابتلاء بالمرض منذ زمن أسأل الله أن يجمع له بين الأجر والعافية وأن يجعل معاناته في مرضه خيراً له في الدنيا والآخرة.
«كاثي» ممرضة نصرانية أهداها مريضها البدوي «صالح» نسخة مترجمة من معاني القرآن الكريم التي تطبع في المشروع الحضاري الكبير «مجمع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الشريف» هذا المشروع الكبير الذي أصبح مَعْلماً من معالم الخير في العالم، أسأل الله أن يجزيَ من أقامه ورعاه ودعمه خير الجزاء.
يا صالح العزَّاز: حديثك عن مرضك، وصلاتك ونسختك من القرآن، وعن الممرضة التي أهديتها نسخة مترجمة من معاني «كتاب الله»، حديث رائع أشعرني بالسعادة والرِّضا، واعلم أيها الأخ الكريم أن ربَّنا عز وجل عنده الخير الكثير، وأنه يبتلي عبده بالغنى والفقر، والصحة والمرض.. وأنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
أرجو أنْ تفوز بأجر اهتداء ممرضتك «كاثي» إلى دين الحق، وأن تفوز ابنتك شهد باهتداء جارتكم «سيسليا» التي أهدتها نسخة أخرى من القرآن إلى دين الحق، فإن ذلك خير لكم من حُمُر النَّعَم التي تحبُّها أيها البدوي .
إشارة:
كم نفخر بمشروعنا الكبير «مجمع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الشريف» وكم نسعد بلجوء المسلم إلى الله، وتعلُّق رجائه به فهو سبحانه الذي لا يخيِّب من لجأ إليه أبداً.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved