Wednesday 22nd May,200210828العددالاربعاء 10 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الوجه الآخر للنظام الاقتصادي العالمي الجديد الوجه الآخر للنظام الاقتصادي العالمي الجديد
هيمنة اقتصاديات الدول الغنية على اقتصاديات الدول الفقيرة صورة للنظام الاقتصادي الجديد.

د/توفيق عبد العزيز السويلم
فرض واقع الاقتصاد الدولي الجديد مجموعة من المفاهيم الحديثة يتعين على دول العالم التعامل معها إذا أرادت البقاء على الساحة العالمية هذه المفاهيم قدمت فلسفة اقتصادية جديدة تتمثل في تحرير التجارة وانفتاح الأسواق وإزالة الرسوم وغيرها وفي نفس الوقت صاحبتها من المظاهر كالإغراق والاندماجات والتكتلات الاقتصادية وثورة المعلومات والاتصالات.. ولكن هذا المشهد الاقتصادي العالمي إلى أين يتجه؟!
إن الراصد لظاهرة العولمة وانتشارها وبروزها على الساحة العالمية في الفترة الأخيرة يجد أنها نمت وتطورت حتى احتوت كثيراً من المفاهيم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وارتبط مصطلح العولمة ارتباطاً شديداً بالثورة العلمية والمعلوماتية الجديدة التي جعلت العالم أكثر اندماجاً حتى أصبحت العولمة تسوق العالم بفعل ثورة المعلومات والاتصالات إلى نهاية غير معلومة.
تشير الإحصاءات والمعلومات التي أوردها التقرير الصادر عن معهد التنمية الاجتماعية التابع لمنظمة الأمم المتحدة إلى سلبيات أوجدها النظام الاقتصادي العالمي الجديد.. تقول هذه الإحصاءات:-
1- هناك 20% من دول العالم هي أكثر الدول ثراء وتستحوذ على 7،84% من الناتج الإجمالي للعالم، وعلى 2،84% من التجارة الدولية، ويمتلك سكانها 5،85% من مجموع مدخرات العالم، وتستحوذ على 5،85% من الاستهلاك العالمي وعلى 75% من إنتاج واستهلاك الحديد والصلب، وعلى 70% من الطاقة.
2- إن عدد العاطلين عن العمل سيزداد في العالم بحيث يصل في المستقبل القريب إلى 80% وتصبح شركة بحجم شركة الكمبيوتر العالمية تدار بستة أو ثمانية عمال مهرة بدلا من«16» ألف عامل الآن.
3- إن شعار«مواطنون فائضون عن الحاجة» الذي تعلنه الدول المتقدمة سوف يؤثر بالسلب حيث سيتحول هؤلاء المواطنون إلى مناهضة المتغيرات الاقتصادية الحادثة مما سيكون حجر عثرة أمام تحقيق أهداف الدول المتقدمة المتمثلة في تحقيق أكبر استفادة من المتغيرات الاقتصادية الحادثة.
4- انتشار الجريمة واشتداد نفور المجتمع من العولمة.
5- إن هناك 538 مليارديراً يمتلكون معا ثروة تضاهي ما يملكه نصف سكان العالم.
6- تنخفض باستمرار ما تقدمه الدول الصناعية من معونة إلى الدول النامية فعلى سبيل المثال في عام 1994م قدمت ألمانيا للدول النامية معونة قدرها 34،0% من مجموع إنتاجها القومي وفي عام 1995م لم يزد ما قدمته على 31،0%.
ومن الضروري هنا أن نشير إلى ما وصل إليه النظام الاقتصادي العالمي، ففي شهر سبتمبر من عام 1995م عقد اجتماع في سان فرانسيسكو جمع العديد من الشخصيات الاقتصادية من مختلف دول العالم، هذا الاجتماع دار حول مستقبل البشرية في ظل العولمة، وتحدث مدير إحدى شركات الكمبيوتر عن نظام العاملين لديه فقال:«إننا نتعاقد مع العاملين بالكمبيوتر ويطردون من العمل بالكمبيوتر أيضا، إننا بدأنا من الصفر والآن وبعد«13» عاما بلغنا «6» مليارات دولار وعدد العاملين لدينا «16» ألفاً معظمهم من الاحتياطيين، وعند إعادة تخطيط الشركة سوف نستغني عن 80% من هؤلاء ليصبح عدد العاملين المهرة لدينا«3200»عامل. إن هذه الكلمات تبين كثيراً من السلبيات التي تشهدها الساحة الاقتصادية العالمية، هذه السلبيات توضح أيضا مدى قوة التداعيات السلبية الناتجة عن ظهور العولمة وسوف تؤثر هذه التداعيات اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً على كثير من المجتمعات والفئات خاصة الفئات والمجتمعات الفقيرة في العالم.
إن المشهد الاقتصادي العالمي الحالي يستند على ثلاثة عناصر رئيسية هي العنصر التجاري والتكنولوجي والمعلوماتي، وواضح أن التحول الكبير الذي طرأ على العالم في هذه العناصر كان له تأثير إيجابي وأيضا سلبي على المجتمع الدولي فزادت معدلات البطالة وسادت سياسة الاحتكار نتيجة للاندماجات الاقتصادية للشركات العملاقة. وفقدت النقود وظيفتها القومية، وتلاشت في ظل هذه العناصر الحدود القومية، وأصبح العالم بلا حدود اقتصادية، كما أصبح دور الدولة القومية الذي يعتبر إنجاز مرحلة الحداثة- متقلصاً، وتلاشت في ظلها الهوية الثقافية والسياسية والاقتصادية، ونظر البعض إلى هذا النظام الاقتصادي العالمي على أنه يخلق ما يمكن تسميته«نادي النخبة» الذي يضم 20% من دول العالم وهي الدول الأكثر ثراء وتطوراً، في حين تبقى غالبية الدول خارج هذا النادي وسوف يزداد الفرق بين الفريقين وتزداد تبعية الدول الفقيرة للغنية، بحيث تصبح تبعية مركبة اقتصادية ومالية وتكنولوجية ومعلوماتية.
ومن مظاهر عنصري التكنولوجيا والمعلومات ما استجد حالياً على الساحة الاقتصادية العالمية من استخدام أساليب إلكترونية عديدة ومتنوعة تقدم المعلومات والخدمات بسرعة فائقة مما يوفر الوقت والجهد على المتعاملين ولكن في نفس الوقت لها من الآثار السلبية الكثير منها الاستغناء عن كثير من الأيدي العاملة مما يؤدي إلى زيادة البطالة وما يترتب عليها من آثار سلبية كثيرة.
لذا فإن ظاهرة العولمة التي سيطرت على تفكير كثير من المتخصصين وغير المتخصصين ليست خالية من التناقضات، يوضح ذلك العلاقة بين التقدم التكنولوجي من ناحية وأزمة توزيع الدخل والبطالة من ناحية أخرى، كما أنها تنادي بالديمقراطية من خلال اتساع دائرة مستخدمي الإنترنت وغيرها من منجزات تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وفي نفس الوقت تدفع بمزيد من التمركز والاحتكار والذي تمثله موجة الاندماجات الكبرى وهذا في حد ذاته تناقض واضح.

* مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved