Wednesday 22nd May,200210828العددالاربعاء 10 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مركاز مركاز
أطفال الشوارع
حسين علي حسين

الان لا تجد إشارة مرورية واحدة لا يحف بها من الجانبين مجموعة من الأطفال من الجنسين، وكل واحد من هؤلاء الأطفال يحمل دستة من علب المناديل وبعضهم يحمل عطوراً رخيصة أو أقفاص عصافير، ومع هؤلاء هناك فتيان وفتيات، والفتيات «هذه رؤية مشاهد» لباسهن في غاية الستر والحشمة، لكن لماذا يقفن عند الإشارة حتى اقتراب منتصف الليل؟ أين أهل هؤلاء الأطفال؟ من يقف وراءهم ويزودهم بالبضائع، وقبل ذلك من يعطيهم التعليمات، فكل واحد أو واحدة من هؤلاء، من الواضح تضلعه في عرض الحال، وهو عرض راق، ليس فيه بكاء أو نواح أو توسل، عرض يتم اما بكلمات منمقة واما بعرض الشراء، او ادفع بهذه الطريقة او تلك لتحصل على الدعاء.. ونحن شعب ترق عواطفنا للكلمة، ونعتبره بخيلاً من يرد سائلاً، حتى وهو يرى ان هذا السائل، محترف تسول، ولا يقف عند الإشارة لحاجة ماسة وملحة، اضطرته للوقوف من الصباح إلى المساء المتأخر.. من هؤلاء، من يقف بثبات عندما تمر دورية النجدة، ومنهم من يصاب بحالة من الذعر، فيتخبط وسط السيارات الواقفة، حتى يجد له ملجأ من مطارديه أو من يتوهم انهم من مطارديه، لكن الحقيقة ان لا أحد يطارد هؤلاء، لا أحد يقول لنا من هم، ومن أين أتوا تحديداً؟ من الشمال أو الجنوب أو الغرب أو الشرق أو خارج الحدود، لقد هربوا إلى حيث الثروات اما بواسطة محترفي التهريب من سائقي الثلاجات والشاحنات واما انهم خرجوا من أسر أعماها الطمع فلم تفكر إلا في المزيد من المال، وليس مهماً كيف سيكون حال هذا الطفل الذي يقضي يومه يطارد السيارات، وتلفحه الشمس نهاراً، والهواء البارد مساء.
خارج هؤلاء هناك مجموعة من محترفي الشر الذين تقذف بهم الطائرات والبواخر إلى بلادنا، هؤلاء عندهم القدرة على تجنيد الأطفال والتأثير عليهم، وعلى أيديهم يتحول الطفل إلى عامل نشط، يلم الأموال والأعطيات ليقدمها في أوقات معلومة لهذا الشرير، الذي يجود عليه بظل، تحت أحد الكباري وبوجبة أو علبة عصير، انه يبث فيهم أفكاراً تجعلهم ينكرون ذواتهم ليثبتوا له ولأنفسهم قبل الأوان بأنهم رجال يعتمد عليهم، ليتحولوا بعد سنوات، إلى قنابل قابلة للانفجار في لحظة، عن طريق النهب والسطو والقتل، انهم عندما يكبرون تكبر مأساتهم، فلا يجدون غير المجتمع، الذي تركهم دون توجيه أو مساءلة، ينتقمون من هذا المجتمع، الذي لم يراقبهم، ويتحسس آلامهم، يبحث عن أهلهم، يحل مشاكلهم.. إن مثل هذه البوادر بدأت تطل برأسها، ومن المفيد لنا، ان نراقب الأمر بعناية.. ولنسأل في البداية ما دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فيما نراه ونلمسه في شوارعنا من ظاهرة أطفال الشوارع؟ لماذا هم هنا؟ هل هم من مواطني هذا البلد أم هم خليط من البلوش والافارقة والعرب والهنود، ولماذا سهراتهم للشحاذة تمتد حتى الهزيع الأخير من الليل «في الرياض وجدة ومكة والمدينة» على سبيل المثال فقط!.
إذا كانوا من أبناء البلد، فأين أهلهم وما ظروفهم ولماذا يترك الأب مهما كان محتاجاً، أبناءه وبناته الصغار نهباً لضعاف النفوس والسيارات وتغيرات الطقس، لماذا على الأقل، لا يقف معهم عند الإشارة حتى تكون المأساة كاملة؟.
اما إذا كانوا من خارج المملكة فكيف تسربوا بهذا الحجم إلى العاصمة؟ أما في جدة ومكة والمدينة فالأمر معروف، ولعل نظام العمرة الجديد، يجد حلاً لهذا الكم، من الذين يتخلفون عن الرحيل إلى بلدانهم بعد أن أدوا ما أتوا من أجله.
إن في جدة ومكة والمدينة تجمعات كاملة من هؤلاء، وهم على استعداد لعمل أي شيء يضمن لهم البقاء بجانب الدسم الذي افتقدوه في بلدانهم.. ونرجوا ان لا يضطروا لذلك فيرحلوا بهدوء.. أما أبناؤنا من هؤلاء فهم بحاجة ماسة لدراسة وضعهم، أما اغماض العين عنهم فإنه سيضعنا غداً أمام مشاكل عويصة موجودة لمن يريد معرفة شيء عنها، في دول الهند والبرازيل والعديد من الدول العربية!.
يا وزارة الشؤون الاجتماعية إننا ندق الجرس!!.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved