يغمرني السرور كلما شاهدت الفتيان يعتمرون الكوفية الفلسطينية (الشماغ الفلسطيني) وأبتهج حينما أُشاهد تداولها بين فئات الشباب كرمز لتضامنهم مع إخوانهم أبناء فلسطين خاصة أن هذا الدعم المعنوي جاء بعد الدعم المادي من خلال الحملة الوطنية للتبرعات للشعب الفلسطيني المنكوب، غير أن الذي يعكر هذا الشعور الجميل هو حينما تعلم أن تجاراً استغلوا المصيبة التي تحل بجنين وما حولها لزيادة ثرواتهم بغطاء فعل الخير والحث عليه فهناك مثلاً من يتعاقد مع أحد منتجي الملابس لتجهيز كميات من هذه الكوفية وترويجها بين طلاب المدارس وبسعر 12 ريالاً 9 ريالات له وريالان لدعم الانتفاضة وريال لمن يتولي الترويج بالمدرسة والغريب أن إحدى إدارات التعليم بالمملكة قد عمدت المدارس التي تحت سيطرتها بتنفيذ هذه الحملة التجارية الخيرية.
هل أقول إن مصائب قوم تكون فوائد إذ يكفي أن تحسب عدد مدارس منطقة تعليمية ومجمل عدد طلابها وحصيلة دخل مبيعات الكوفية بين الطلاب الذي ربما كان شبه إلزامي وذلك بالحث على شرائها دعماً لأولئك الأطفال من إخوانهم المساكين، لا بأس بذلك حينما يكون الهدف واضحاً فكلنا مع الدعم للأشقاء والأصدقاء في كل أنحاء المعمورة شرط عدم استغفالنا واستغفال أطفالنا كما يتم استغفالهم من قبل المقصف المدرسي (لا أعرف من أين جاءت كلمة مقصف) لكني أعرف معنى (الأبله بمدارس البنات) فهي تعني المعلمة باللغة التركية كما يقال.. الاستغلال مستمر فهناك حملات استثمار دعائية بمنتهى الاستهتار بعقلية المواطن المستهلك دائماً وحجتهم أنهم لم يجبروا أحداً على الشراء والتصديق بمضامين إعلاناتهم التجارية ومعهم الحق طبعاً طالما أن الجهة الرقابية لا تعير بالاً للأمر ولا تحمي المستهلك من إعلانات العودة للمدرسة ودخول الصيف ونهاية الاختبارات ودخول رمضان والعيد والشتاء قادم وهلمَّ جرَّا من سخف الأساليب وسوء الطرح الاعلاني الممجوج عبر شاشات التلفاز والأنكى والأمرّ حينما يعلن صاحب البضاعة عن تخفيضات تصل إلى 70% إذن كم كان يكسب وكم السعر الحقيقي وأين من كلف بحمايتنا من هؤلاء الجشعين المتربصين بنا في كل مناسبة وموسم؟!
|