Friday 17th May,200210823العددالجمعة 5 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شعب أصيل.. وقيادة مستنيرة شعب أصيل.. وقيادة مستنيرة

شيء واحد يبعث على البهجة في هذا الموج المتلاطم من المآسي والآلام هو ما رأيناه ومازلنا نراه على «التلفاز» السعودي من المهرجانات المباركة لجمع التبرعات لفلسطين ومجاهديها، ففي غمرة اليأس يبزغ الأمل، وفي عتمة الظلام تطلع النجوم، وتحت وطأة الشدّة يأتي الفرج، وفي ظلام الأفق تلوح بشائر النور. هذه فلسفة الحياة وناموس الطبيعة وسنّة الوجود.
لقد ران على القلوب حيناً من الدهر انطباعٌ محفور بعمق مؤدّاه ان الأمة قد ماتت، وان البغاث قد استنسر، وان الضباع والثعالب استأسدت عليها، وانه لم يبق فيها للشجاعة منزع، وللعزيمة سبيل، وللقوة والإرادة وجود، وان الأمم قد تكأكأت على العرب كتكأكؤ الأكلة على قصعتها ليس من قلّة قطّ بل من كثرة هي غثاء كغثاء السيل.
غير ان هذا الشعور لم يلبث ان انتفض وانتقض وتبدد حين رأينا ما رأينا من اندفاع منقطع النظير وحماس غير مسبوق الى التبرع لأهل المأساة المدافعين في الخط الأول عن شرف العرب والمسلمين أجمعين، المرابطين على ارضهم لا يزمعون تركها إلا إلى السماء، أبراراً مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.
هكذا رُدّت الروح بعد غياب، وعادت البسمة بعد عبوس، ورجع التفاؤل ليحل محل التشاؤم وتمرد الأمل على اليأس، واشرأبّت البشرى على أنقاض القنوط، وأدرك الجميع ان الأمة بخير وستبقى كذلك الى ان يرث الله الأرض ومن عليها، وانها مصيبة تزول، وشدّة تتراجع، ونصر يلوح في الأفق لا مفرّ من قدومه بإذن الله مهما ادلهمّت الخطوب وتوالت الإحن وتتابعت المحن، إذا صحت النوايا ورسخ الإيمان وانعقدت الإرادة واشتدت العزيمة ثم تطاولت كلها حتى اشتد عودها ثم بلغت بعد ذلك مبلغ التمام. ماذا أقول لهذا الشعب أحسن واقوى وأعمق وأبدع وأروع من عبارة واحدة هي «شعب أصيل»، هذه عبارة جامعة مانعة يدلف الى رحابها كل جميل ويخرج منا كل قبيح، شاملة لكل ما يختلج في النفس من المعاني الراقية والمثل الرفيعة والإنسانية الدافقة وكفى، أما هذه القيادة فلها الله ثم حبّ هذا الشعب، فهي منه وهو منها، هي قلبه وهو قلبها، هو الرائي وهي المرآة، طويل العمر خادم الحرمين الشريفين - متّعه الله بالصحة والعافية- مفتاح كل خير وناموس كل مروءة، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز رجل الشهامة وفارس النخوة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز سلطان البرّ وعنوان الوفاء ونبراس السخاء، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز المشرف الأعلى على هذا العمل العظيم، الأمير المجاهد، الباسم الصامد، القائل الفاعل، رجل الملمّات، والدرع الواقي من الخطوب المدلهمّات، الذي يستحق بجدارة لقب أبي الأيتام والارامل، وراعي الشهداء والجرحى والمعوقين، في فلسطين وغير فلسطين، والذي يفيض قلبه حباً، ووجدانه التزاماً، وعقله تخطيطاً وتدبيراً، وإرادته فعلاً وتنفيذاً، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز صاحب المبادرات المشكورة والأفعال المبرورة والأقوال المأثورة، وصاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز المجاهد بماله، العمليّ في تصرفاته، الذكي في توجهاته، البار بوطنه وأمّته، مالئ الدنيا بفعله وشاغل الناس بفضله، الذي له في كل وقت مأثرة وفي كل حين مفخرة، وغيرهم من أصحاب السمو الأمراء وأصحاب الفضيلة العلماء وأصحاب المعالي الوزراء وسائر أهل المعروف والمروءة والنخوة والشهامة والطّيبة والشيمة من مواطني هذا البلد الطيب من أقصاه الى أقصاه.
بقيت كلمة لا بدّ من ذكرها والتذكير بها على الرغم من انها مما لا يفوت قطعاً على ذوي الشأن من القائمين على جمع التبرعات ولا يغرب عن أذهانهم. حذار من ان تفلت منكم هذه الأموال او بعضها بحسن نية فتتخطفها الغربان ذات اليمين وذات الشمال، احرصوا على ان تصل كاملة غير منقوصة الى من جمعت لهم وحدهم دون وسيط او ما يشبه الوسيط، وان تصل لهم يداً بيد وفي أسرع وقت ممكن بعيداً عن زيد وعبيد وذلك من خلال أيدٍ موثوقة أمينة تخاف الله وترعى الذمة ولا تسمح بدخول مال حرام هو السحت بعينه الى جيوبها وتقف في الوقت نفسه حائلاً دون وصول هذه الأموال الى اولئك الذين انتفخت جيوبهم من كثرة ما دخلها منها في الأعوام الماضية، ولا بدّ ان سمو الأمير الوليد بن طلال قد تنبّه الى هذا الأمر واحتاط له وأصرّ على تفاديه، فهو أول من يحرص اشد الحرص على تحقيق الغرض المنشود مما قدّم ويقدّم من الهبات والتضحيات، ويحرص بالمقدار نفسه على ألاّ يتمكن حملة الvip بالذات من اقتناص السيارات المهداة لاستعمالاتهم الخاصة بعبرون بها إسرائيل من الضفة الى القطاع وبالعكس لحضور الاجتماعات الأمنية المشتركة ثم تؤول شيئاً فشيئاً ورويداً رويداً الى ملكيّتهم التامة بحكم وضع اليد وتقادم العهد. مرة أخرى الشكر موصول قطعاً وباستمرار الى القيادة المخلصة المستنيرة بكل أركانها وجميع أفنانها، ومثل هذا الشكر الى الشعب الأصيل والى علمائه الأفاضل أنوار الدين وشموعه الوضاءة، وهداة الدنيا الغائبة الراغبين عنها المقبلين على ما بعدها من المآل الخالد. وما دام هذا الشعب وهذه القيادة وهؤلاء العلماء والمسؤولون موجودين يشدّ بعضهم إزر بعض فنحن بخير والأمة بخير وفلسطين بخير والنصر المؤزر في الطريق إن شاء الله.

عبدالكريم الأسعد/ أستاذ سابق في الجامعة

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved