Monday 27th May,200210833العددالأثنين 15 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

كتاب «الإرهاب باسم الإسلام» كتاب «الإرهاب باسم الإسلام»
«المؤلف جون إسبوزيتو يدرس لغز أسطورة بن لادن»
واشنطن - من فوزي فريج

لقد نجحت المائة والستون صفحة التي يقع فيها كتاب جون إسبوزيتو، «الحرب غير المقدسة، الإرهاب باسم الإسلام» إلى حد كبير في تبديد الأفكار الخاطئة الواسعة الانتشار عن الدين الإسلامي السائد وفي شرح الفوارق بينه وبين الحركات الإرهابية المتعصبة كالقاعدة.
ومما تجدر الإشارة إليه هو أن إسبوزيتو أحد أبرز البحاثة المتخصصين بالإسلام في العالم، إذ إنه وضع ثمانية كتب وحرر اثني عشر كتاباً حول الموضوع، بما فيها «معجم أكسفورد للإسلام» و«موسوعة أوكسفورد للعالم الإسلامي الحديث». وهو إلى جانب ذلك، أستاذ محاضر في مادة الديانات والشؤون الدولية والمدير المؤسس لمركز التفاهم الإسلامي - المسيحي، التابع لكلية وولش في جامعة جورجتاون بواشنطن العاصمة.
وقد شرح المؤلف الدافع الذي حدا به إلى وضع كتابه بعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر خلال كلمة ألقاها في معهد الشرق الأوسط في واشنطن في السادس من هذا الشهر.
وقال إسبوزيتو: «على المرء أن يضع ظاهرة بن لادن، هذا النوع من الإرهاب العالمي الحديث نسبياً باسم الإسلام، في سياقها القرائني».
ويغترف إسبوزيتو، الذي يحظي في الغرب بمثل الاحترام الذي يحظى به في العالم الإسلامي، من معرفته الواسعة في شؤون الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي والحركات الثانوية المختلفة والاضطرابات الطائفية عبر القرون، ليشرح بروز الإسلام السلفي المتشدد وبن لادن.
ولكن إسبوزيتو لا يقدم جواباً بسيطاً يشرح السبب الذي جعل من بن لادن بطلاً شعبياً في الكثير من أرجاء العالم الإسلامي رغم سجله الدموي البغيض.
فهو يقود القارىء عبر دهاليز التاريخ إلى الحروب الصليبية التي استمر الأوروبيون فيها حتى وضع القائد صلاح الدين الأيوبي حداً لتوغلاتهم في القرن الثاني عشر. وهو يناقش انحلال الخلافة الإسلامية ووصول الاستعمار الأوروبي في أعقاب سقوط الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، وهو يصف وصول اليهود الأوروبيين وتدفقهم على فلسطين، وهيمنة الغرب وإذلال المسلمين وإحباطاتهم في وقت لاحق من القرن العشرين.
ويؤكد إسبوزيتو على أن بن لادن وغيره من زعماء الحركات الإسلامية المناهضة للغرب استغلوا على الدوام هذه الإحباطات والخيبات خالقين (بذلك) مشكلة الإرهاب باسم الإسلام.
ويحذر البحاثة الأمريكي من أن صدى مضاعفات الماضي ما زال يتفاعل في النفس المسلمة.
ويضيف: «لقد أحدثت تركة الاستعمار الأوروبي جرحاً غائراً في المسلمين في كل مكان»، وطوال قرون «ظل كل من المسلمين والمسيحيين ينظر إلى الآخر على أنه عاقد العزم على قهر الآخر أو تغيير دينه أو إزالته من الوجود. وعليه، (نظر كل منهما إلى الآخر) على أنه عدو الله».
وقال الأستاذ الجامعي إن الإسلام كان بالنسبة للغربيين ديانة السيف والجهاد أو الحرب المقدسة، بينما كانت المسيحية بالنسبة للمسلمين دين الحروب الصليبية وطموحات الهيمنة.
وجاء في كتاب إسبوزيتو أيضاً أن «أسامة بن لادن، مثله في ذلك مثل العلماني صدام حسين والإمام آية الله خوميني من قبله، استغل بذكاء تظلمات معينة من أنظمة حكم في بلاد إسلامية ومن الولايات المتحدة يشعر بها مسلمون على نطاق واسع معظمهم من غير المتطرفين».
ويضيف أنه قام بعد ذلك باستخدام النصوص والمعتقدات الدينية لتبرير مفهومه العنفوي والإرهابي للجهاد.
ولا يوجد، في نظر الكاتب، علاج سريع لهذه العواقب لأن «الردود السريعة السهلة، كالتحريات لتهدئة الشارع العربي عبر القوة الساحقة قد تكون مرضية عاطفياً إلا أنها ستثبت عدم جدواها على المدى الطويل وتسهم في خلق مزيد من التطرف والعدائية لأمريكا». وهو يرى أنه «ينبغي أن تشكل الدبلوماسية العامة عنصراً حاسماً» في معالجة الإرهاب العالمي.
ويتحدى كتاب «الحرب غير المقدسة» نظرية الأستاذ في جامعة هارفارد، سامويل هنتنغتون حول صراع الحضارات، وهي النظرية القائلة بأن النزاع بين الغرب والإسلام سيكون معلماً من معالم تاريخ فترة ما بعد الحرب الباردة.
ويشير أسبوزيتو، في معرض رده على ذلك، إلى أن المصالح القومية ما زالت تحكم النزاعات والتحالفات على حد سواء. ويقول إن تعاون الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مثال ساطع على علاقة وثيقة مثمرة للطرفين يمكن قيامها بين العالمين الغربي والإسلامي.
ومن الأمور المثيرة للاهتمام التي يذكرها إسبوزيتو كون بن لادن والغرب قد شوها المعنى الحقيقي للجهاد.
فهو يقول إن الغرب ظل يؤول الجهاد دوماً على أنه حرب مقدسة، في حين أن تعبير «الحرب المقدسة» هو في الواقع مفهوم أوروبي مشتق من دراسة الحرب في سياقها أو مضمونها الأوروبي.
ويقول إسبوزيتو، في معرض شرحه للمعنى الأصلي للتعبير إن «الجهاد اسم مشتق من فعل جهد الثلاثي، وهو يعني في الدراسات التقليدية الأصيلة بذل أقصى ما يمكن من قوة وجهد ومحاولة أو مقدرة، في النضال ضد أمر منكر».
ويستشهد المؤلف بقول عدد من الفقهاء المسلمين بأن هناك أنواعاً كثيرة من الجهاد لا علاقة لمعظمها بالحرب. «فجهاد القلب»، على سبيل المثال، يعني الجهاد ضد ميول المرء الأثيمة، بينما يتطلب «جهاد اللسان» «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» .
ويوضح إسبوزيتو لقرائه أن بن لادن غير مؤهل لتفسير الإسلام لأنه لا يملك أي مؤهلات كفقيه في الدين الإسلامي. وهو يشير إلى أن بن لادن لم يقم إطلاقاً بدراسة الشريعة الإسلامية أو الفقه الإسلامي، بل إنه «تلقى دراسته في مدينتي جدة والمدينة المنورة وحاز على شهادة في الإدارة العامة في عام 1981م في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، حيث درس الإدارة والاقتصاد».
ويشبه إسبوزيتو تنظيم القاعدة بحركة الحشاشين في القرن الثالث عشر. وحجته في ذلك: «كان المحرك الرئيسي للحشاشين الذين ذاع صيتهم الرديء، وهم فرع من المذهب الشيعي، رؤية دينية غير معهودة، وكانوا يعيشون منعزلين في تجمعات سرية يخرجون منها لتوجيه الضربة إلى غير المؤمنين، وكانوا يعملون بإرشاد سلسلة من الأئمة الكبار الذين كانوا يمارسون السلطة من قلعة علموت الجبلية في شمال بلاد فارس.
وقد عرف كل إمام أكبر منهم بلقب «شيخ الجبل». وقد أوقعوا من الرعب في قلوب أعدائهم المسلمين والصليبيين عبر أعمالهم الجسورة في سوريا وبلاد فارس ما أبقى ذكرهم واسمهم حيين في التاريخ لزمن طويل بعد سحقهم وإعدام المغول لآخر زعمائهم في عام 1256ه».
كذلك يقدم إسبوزيتو عروضاً موجزة دقيقة عن حركات إسلامية أو شبه إسلامية كالإخوان المسلمين في مصر، وحماس والجهاد المقدس في فلسطين، وحزب الله في لبنان، وحركة المهدي في السودان، وجبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر، وظهور الحركة الوهابية أخيراً في عدد من الدول التي كانت تشكل جزءاً من الاتحاد السوفيتي.
وسيجد قراء «الحرب غير المقدسة» الكثير من أوجه الإسلام التي لا علاقة لها بآراء بن لادن، بدءاً بالأمر القرآني بأن{لا إكًرّاهّ فٌي پدٌَينٌ}. ويشير الكتاب إلى أن عدداً من دول الشرق الأوسط تشهد حالياً انبثاق تيار إسلامي لا عنفي، فعال سياسياً، لا يرفض الديمقراطية، وليس مناهضاً للغرب.
ويوجه المؤلف في الفصل الأخير من كتابه والذي حمل عنوان «إلى أين ننطلق من هنا؟» نداء عاطفياً لتحقيق التفاهم والتوافق والتآلف بين الأديان ويتحدث بتفهم حقيقي متعاطف عن فضائل الإسلام.
وهو يحث العالم الغربي على إعطاء مزيد من الاهتمام لأسرع الديانات نمواً.
ويتساءل: «كم من اليهود والمسيحيين يعرفون أنهم يشتركون مع المسلمين في كونهم «أبناء إبراهيم»، وأن المسلمين يؤمنون بأنهم دينياً من سلالة إسماعيل - الابن البكر لإبراهيم وزوجته هاجر؟ وكم منهم يعرف أن القرآن الكريم يقول: {... وّقٍولٍوا آمّنَّا بٌالَّذٌي أٍنزٌلّ إلّيًنّا وّأٍنزٌلّ إلّيًكٍمً وّإلّهٍنّا وّإلّهٍكٍمً وّاحٌدِ وّنّحًنٍ لّهٍ مٍسًلٌمٍونّ (46)}

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved