السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تعليقا على المواضيع المنشورة في جريدة الجزيرة عن المشاريع الزراعية والسدود في بلادنا ابعث بهذه الرسالة لمعالي وزير الزراعة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز المعمر واقول لكم هذه فرصة مباركة تتيح لي ان اتصل بشخصكم الكريم ولاول مرة عبر رسالة مفتوحة يقينا مني بأنكم احد الرواد العاملين في مجال هو اهم مرافق الحياة واعني به مجال المياه وما يتعلق به وبأن جهودكم الصادقة في هذا الميدان وما تبذلونه من جهود مخلصة في صمت وتواضع وهدوء الامر الذي اكسبكم ثناء وتقدير ولاة الامر والمواطنين على حد سواء.
وان كنت حينما اتحدث اليكم في هذا المجال واعني به مجال المياه فانني اشبه بناقل «تمر الى هجر» ذلك ان عنايتكم مني هذا الموضوع انما هو الشغل الاول الذي يظهر بكامل عنايتكم واهتمامكم ومع ذلك فانني اسمح لنفسي بأن اغتصب من وقتكم بضع دقائق متخذا من رحابة صدركم شفيعا ومبررا بضع دقائق اعرض لمعاليكم خلالها عن موضوع معين يتعلق بموضوع المياه كمواطن بسيط يطمح الى ان يساهم برأي متواضع يتعلق بمصلحة الوطن والمواطنين.
كاتب هذه الاسطر قدر له ان يقضي اكثر من اربعين عاما في المنطقة الشمالية من المملكة وبالتحديد في مدينة عرعر وكامل المنطقة المتصلة بها بدءاً من قرية في الشرق ومركز الحديثة في الغرب اتاحت له هذه المدة المتواصلة ان يلم الماما كاملا بما يتعلق بها وعلى الاخص منطقة عرعر وهنا لابد لي من ان اعطي لمعاليكم وصفا مركزا ومختصرا عن مدينة عرعر بالذات.
تقع هذه المدينة على حافة واديين عظيمين من اودية المياه المعروفة منذ القدم احد هذين الواديين يعرف بوادي عرعر وهو وادٍ جاهلي يتجه جريانه من الجنوب الغربي مارا بمدينة عرعر متجها الى الشمال الشرقي ثم ينعطف الى الشمال باتجاه فيضة الاديان داخل الاراضي العراقية وهو وادٍ ضخم متعدد الشعب والفروع. اذ جرت مياهه فانها تبلغ بلايين الامتار وهي تجري في طريقة انسيابية متدرجة الى الوادي اما الوادي الآخر فهو يعرف بشعيب «بدنة» وينحدر ماؤه من الشمال الغربي من حزم الجلاميد ثم ينحدر باتجاه الشرق بانحناء الى الجنوب حتى يصل مدينة عرعر وهناك يلتقي مع وادي عرعر آنف الذكر فيندمجان معا ويكونان واديا واحدا يتجه من الجنوب الشرقي من مدينة عرعر منحدرا باتجاه الشمال الغربي ثم الشمال في القرب من مركز «العمانية» متجها الى «فيضة الاديان» داخل العراق.
هذه الثروة الضخمة من المياه التي تتكرر في كل عام اكثر من مرة تحمل بلايين الاطنان كلها تصب في ارض المملكة ولكن المملكة محرومة من الانتفاع بها وقد سبق ان بذلت اكثر من محاولة في الثمانينيات من قبل وزارة الزراعة والمياه اذ كان يوجد انذاك ادارة مستقلة في مدينة عرعر تابعة لتلك الوزارة هذه الادارة كانت تتألف من بعض الموظفين وبعض الآلات والمعدات قاموا بأكثر من محاولة في وضع سدود ترابية في مجرى هذا الوادي الضخم في منطقة تعرف «العويسي» وهي تبعد عن عرعر من جهة الشمال الشرقي نحو 15 كم كانت تقيم مجرافاتها ومعداتها سدودا ضخمة في مجرى هذا الوادي من الاحجار والاتربة ولكنها ما تكاد تنتهي من اقامة هذه السدود حتى تجرفها مياه الوادي عند هطول الامطار فتزيلها من الوجود وكأنها لم تكن.
بذلت هذه المحاولات عدة مرات وكنت آنذاك اشاهدها في كل مرة حيث كنت اعمل رئيسا لمالية وجمارك الحدود في عرعر ولقد لفت نظر القائمين على المشروع آنذاك الى عقم اقامة السدود الترابية ملفتا نظرهم الى ان هنالك اماكن في مجرى هذا الوادي اماكن طبيعية يمر عبرها هذا الوادي وتمكن من اقامة سدود بالخرسانة والاسمنت المسلح تستطيع ان تحجز هذه الثروة الطائلة من المياه داخل منطقة عرعر ويقع هذا المكان على بعد نحو 5 كم من اماكن السدود الترابية التي اقيمت سابقا باتجاه مدينة عرعر.
لفت النظر اكثر من مرة ولكن لاسباب لا زلت اجهلها لم يتخذ اي اجراء في هذا الموضوع.
يا صاحب المعالي لا ابالغ اذا قلت ان مدينة عرعر التي كان سكانها حينما انشأت في اواخر عام 1369ه كان عدد سكانها يعدون بالمئات اما الآن فقد نمت نموا مذهلا عبر هذه المدة اصبحت مدينة تضاهي كبريات مدن المملكة وتحتضن العديد من الاحياء وقد لا يقل عدد سكانها عن 150 الف نسمة هذه المدينة تعتمد في توفير المياه لها على مجموعة من الآبار ذات درجة متفاوتة في العمق في جوف الارض فبعضها وهي الآبار التي حفرت بواسطة شركة التابلاين عند انشاءالمدينة كان عمق البئر في جوف الارض لا يتجاوز 400م اما الآبار الاخرى التي حفرت بعد ذلك فيتراوح عمق البئر ما بين 1100، 1200م وقد يزيد.
هذه المدينة الضخمة في حدائقها ومنتزهاتها وتعدد مرافقها وضخامة سكانها هي احوج ما تكون الى توفير الماء فيها واوضح ان هذه الآبار طالما لا يوجد ما يغذيها فمآلها الى النضوب وايجاد سدود بالشكل الذي شرحت آنفا من شأنه ان يضمن لهذه البلدة كميات ضخمة من المياه تغطي جميع ما تحتاجه حيث تصبح في مأمن من نضوب المياه لا سمح الله.
علما بأن تكاليف بناء سدود من الاسمنت المسلح ولتكن سدين فأكثر لم تكن تكاليفها جميعا بذات اهمية اذا قيست بالفوائد التي ستوفرها في هذه المنطقة ولكم اتمنى لو اتيح لمعاليكم زيارة هذه المنطقة لتقف على الطبيعة لما شرحته لمعاليكم في كلماتي هذه وعلى ضوء مرئياتكم تقررون ما ترونه.
اعتذر لمعاليكم ان اغتصابي لدقائق من وقتكم انتم احوج ما تكون اليها ولكن شفيعي هو رحابة صدركم من جهة ولانني انما الخير اردت.
ابراهيم المحمد الحسون |