Thursday 16th May,200210822العددالخميس 4 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

استياء واستنكار واسعان لقرار الليكود بعدم إقامة الدولة الفلسطينية استياء واستنكار واسعان لقرار الليكود بعدم إقامة الدولة الفلسطينية
القرار تحكمه منافسات انتخابية وغير ملزم لإسرائيل كلها

* القاهرة - مكتب الجزيرة - إنصاف ذكي - علي البلهاسي - محمد حسن:
أثار القرار الذي أصدره حزب الليكود بعدم إقامة الدولة الفلسطينية استياءً واستنكاراً واسعين ليس في العالم العربي وحسب بل في العالم أجمع وجاء القرار بمثابة الصدمة لجهود السلام المبذولة عربيا ودوليا. ورغم ان القرار غير ملزم، وبرغم مسارعة امريكا للتأكيد على أهمية قيام الدولة الفلسطينية على لسان كولن باول وزير الخارجية وكذلك تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز إلا ان القرار الذي أعلنته اللجنة المركزية لحزب الليكود في إسرائيل والتي تضم (2600) عضو ألقى بشكوك كثيرة حول نوايا إسرائيل الداخلية وهل القرار مجرد لعبة انتخابية يريد بها نتياهو العودة لرئاسة الوزراء أم هناك أهواء أخرى.
حول القرار وما يثيره من شكوك وتداعيات استطلعت (الجزيرة) آراء نخبة من المفكرين وخبراء الاستراتيجية والمحللين السياسيين.
تشدد وتطرف
أشار الدكتور أحمد يوسف عميد معهد الدراسات والبحوث العربية إلى ان القرار يعبر عما وصل إليه المجتمع الإسرائيلي من تطرف سواء في المستوى الشعبي الذي يلتف حول سياسات شارون العدوانية ضد الفلسطينيين أو على مستوى الأحزاب التي لن يختلف موقفها كثيراً عن موقف حزب الليكود من إقامة الدولة الفلسطينية التي يرى المتطرفون الإسرائيليون أنها تشكل خطراً على الأمن القومي الإسرائيلي ويزعمون ان الفلسطينيين ليس لهم حق في إقامة هذه الدولة وان دولتهم قد تكون في الأردن أو في سيناء وليس داخل ما يزعمون بأنه أراض إسرائيلية.
وأضاف ان القرار تحكمه منافسة على زعامة حرب الليكود بين شارون ونتنياهو وقد تؤدي هذه المنافسة والتي هي في الأساس منافسة على كسب اليمين المتطرف إلى تشدد الحكومة الإسرائيلية بزعامة شارون نحو موضوع إقامة الدولة الفلسطينية ليس من ناحية الفكرة ولكن من ناحية الحدود وصلاحيات السلطة الفلسطينية كمرحلة وسط لإرضاء اليمين المتطرف والضغوط الدولية التي واجهتها إسرائيل بعد صدور القرار.
وقال الدكتور يوسف ان خطورة هذا القرار تأتي من ناحية تزامنه مع الدعوة لعقد المؤتمر الدولي للسلام وهو ما يعطي دلالات للنوايا الإسرائيلية تجاه شكل التسوية السلمية التي سيناقشها المؤتمر وهذا يتطلب موقفاً عربيا قويا وموحداً في مواجهة المحاولات الإسرائيلية لتسوية وإفشال عملية السلام والالتفاف حول مبادرة سمو ولي العهد السعودي التي أقرتها القمة العربية ببيروت وأكدت عليها قمة شرم الشيخ الأخيرة فالواضح ان إسرائيل لا تريد السلام القائم على العدل والشرعية الدولية ولكنها تريد سلاماً مشوهاً يقوم على شروطها هي وهذا ما يجب ان يتنبه إليه العرب ويقفوا في وجهه بكل قوة.
وأشار إلى انه لا يستبعد ان تكون مسألة إقامة الدولة الفلسطينية ورقة جديدة تستخدمها إسرائيل وامريكا لتحقيق المزيد من التنازلات العربية في عملية السلام وهو ما يدفع بهم على طول الخط لاتخاذ قرارات استفزازية ولا تتفق تماماً مع الرغبة في إقامة سلام حقيقي.
مخطط إسرائيلي
ويؤكد الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري استاذ القانون الدولي ان هذا الإعلان الأخير الصادر من حزب الليكود هو تجسيد لطبيعة المناخ السياسي السائد في إسرائيل، فإسرائيل الآن تعيش في ظرف استثنائي وبمساعدة الولايات المتحدة الامريكية عملت إسرائيل على السيطرة الكاملة سياسيا على المنطقة وإرهاب العالم العربي.
ويضيف الأشعل ان ما صدر عن حزب الليكود هو مخطط إسرائيلي جديد ويوضح ذلك ان شارون رجل عسكري من الدرجة الأولى لا يجيد سوى الكر والفر وها هو قد حطم البنية الاساسية للسلطة الفلسطينية ودمر كل قواعد السلام التي وقعت عليها إسرائيل ليأتي دور نتنياهو السياسي المحنك ليعود لرئاسة الوزراء مرة أخرى بدعم من اليمين الأمريكي المنتمي إليه قلبا وقالباً ليحقق أهداف الدولة العبرية.
وقال الأشعل ان فكرة الدولة الفلسطينية أصبحت مرفوضة كليا داخل الأوساط الحزبية في إسرائيل حتى لدى المفهوم الشاروني الذي يعتبر أن السلطة الفلسطينية أكبر خطر على أمن إسرائيل فكيف يسمح بقيام دولة فلسطينية وحكومة وقوة عسكرية فهذا هراء لا أساس له من الصحة وتوقع الأشعل اعلان إسرائيل انتخابات مبكرة في الفترة القادمة بعد تأهب الرأي العام الإسرائيلي لضرورة عودة نتنياهو مرة أخرى ليكمل انجازاته السياسية على أثر انتصارات شارون العسكرية، وانتقد الأشعل المؤتمر الدولي للسلام المقترح من قبل واشنطن وطالب الأطراف العربية بعدم حضوره لأنه لا يقدم شيئاً الا لإسرائيل وعلى العرب فهم طبيعة اللعبة السياسية مع إسرائيل التي لا تريد سوى سلام تفرضه هي على المنطقة.
غير ملزم
وعلى عكس ذلك يرى الدكتور أحمد الرشيدي أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة ان قرار اللجنة المركزية لحزب الليكود بعدم إقامة الدولة الفلسطينية غير ملزم، ويجب ألا نبالغ في اعلان هذا القرار، فحزب الليكود واحد من مجموعة الأحزاب السياسية في إسرائيل ولا يمثل الحكومة الإسرائيلية الحالية، وحزب الأغلبية حتى الآن لم يعلن موافقته على هذا الإعلان، فلا ينبغي المبالغة في الأثر السلبي لما قاله رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو فهو رأي لا يمثل الا حزبه وليس كل إسرائيل.
وأضاف الرشيدي: لا بد لحكومة شارون الحالية اتخاذ موقف حاسم تجاه اعلان حزب الليكود بعدم إقامة الدولة الفلسطينية وهل هي مع القرار أم لا وعلى هذا الأساس يتم التعامل مع قرب انعقاد المؤتمر الدولي للسلام.
وطالب الرشيدي الدول العربية بعدم حضور المؤتمر الدولي للسلام حتى يتضح رؤية شارون وحزبه الحاكم من قيام الدولة الفلسطينية فاذا لم يعلن موافقته عليها فان هذا يعد نسفا للاتفاقيات السابقة ونسفا للمؤتمر الدولي للسلام ذاته فلا يوجد أي أساس يتم التفاوض بشأنه فلا مفاوضات سلام دون التأكيد على قيام الدولة الفلسطينية.
ويرى الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم ان قرار اللجنة المركزية لحزب الليكود يؤكد استمرار الموقف العدواني والإرهابي ويؤكد مجدداً ان هذا الحزب المتطرف غير معني بالسلام بالمنطقة ويؤكد النية في ومواصلة الإرهاب على ابناء الشعب الفلسطيني الأعزل وفي تقديري ان هذا القرار يأتي رداً على قمة شرم الشيخ كما كان عدوان شارون وحصاره.. للقرى والمدن الفلسطينية وحصار الرئيس ياسر عرفات رداً على المبادرة العربية للسلام ومؤتمر قمة بيروت ، فالكيان الإسرائيلي لا يعترف بالسلام ويرغب في تدمير السلطة والدولة الفلسطينية. ومن هنا أرى ان الاستنكار وحده ليس كافيا بل يجب الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة بصفة خاصة والضغط بقوة على إسرائيل لإرغام قادتها على التراجع عن هذا القرار الذي جاء لنسف عملية السلام من اساسها ويؤكد ان إسرائيل ليس لديها أي نية في تحقيق السلام ويظهر ذلك امام العالم أجمع بينما أظهرت قمة شرم الشيخ رغبة العرب الصادقة في السلام ونتساءل أمام العالم كيف نمضي قدماً نحو السلام المستند إلى الشرعية الدولية بينما يتمسك الليكود بمنطق الحرب والعدوان والإرهاب. وتشكل التصرفات الإسرائيلية نسفا لكل جهود السلام العربية والدولية وهكذا يتأكد ان مصدر العنف الرئيسي والوحيد في المنطقة هو إسرائيل وسياستها الاستعمارية التوسعية.
ويطالب الخبير والاستراتيجي اللواء طلعت مسلم بأنه يجب علينا كعرب عدم الاشتراك في المؤتمر الدولي للسلام ومطالبة أمريكا بقيام دور فاعل ومؤثر كي تكف إسرائيل عن المهاترات التي تصدر عنها وتكف عن ممارساتها العدوانية كما يجب علينا تأسيسا على كل ما يصدر عن إسرائيل ان نبحث عن بدائل أخرى لمواجهة التحديات الإسرائيلية التي يفرضها علينا نتنياهو وأمثاله وكذلك شارون.
مناورة حزبية
أكد الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان قرار حزب الليكود الأخير برفض إقامة دولة فلسطينية يأتي في إطار مناورة حزبية بين شارون ونتنياهو وقال ميل ان المجتمع الإسرائيلي بأحزابه ناحية اليمين المتطرف بشدة جعل شارون ونتنياهو يتسابقان على اتخاذ قرارات أكثر تطرفاً منها هذا القرار الأخير.
وأشار إلى ان على المستوى العربي فان القرار ليس له تأثير حقيقي على مسألة إقامة الدولة الفلسطينية بل على العكس فان له تأثيرات ايجابية على هذه المسألة من حيث إثارته لردود فعل دولية رافضة من امريكا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وكشف القرار في النهاية امام المجتمع الدولي عن ان الذي يرفض السلام ويرفض قرارات الشرعية الدولية هو إسرائيل وليس العرب وخصوصا ان القرار يأتي بعد قمة شرم الشيخ الأخيرة بين سمو ولي العهد السعودي والرئيسين مبارك والأسد والتي أكدت ان السلام خيار استراتيجي عربي وعلى ضرورة الضغط على إسرائيل للعمل بقرارات الشرعية الدولية.
وأضاف جاد ان القرار مخالف تماماً لقرارات الشرعية الدولية بما فيها مرجعيات أوسلو التي انتهت إلى الاعتراف بضرورة قيام دولة فلسطينية وكذلك قرار الأمم المتحدة الأخير رقم (1397) وجميع التصريحات التي صدرت تعقيباً على القرار بما فيها تصريحات الرئيس الأمريكي بوش أكدت على رفض القرار والتأكيد على انه لا حل لأزمة الشرق الأوسط الا بقيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية يعيشان جنبا إلى جنب. وقد أحدث القرار نوعاً من المواجهات الإسرائيلية مع القوى الدولية مما سيؤدي إلى ترسيخ مفهوم الدولة الفلسطينية على المستوى الفكري والقانوني ولا شك ان الاستياء والغضب العربي والدولي الذي قوبل به القرار سيكون له تأثيره على إسرائيل في مراجعة حساباتها فيما يتعلق بهذه المسألة.
وشدد جاد على ان القرار لا يعدو كونه مناورة لإفشال مسيرة التسوية كلها وقال انه من الواضح ان إسرائيل في ضوء رد الفعل الدولي على القرار لن يكون لديها اعتراض على قيام دولة فلسطينية ولكن الخلاف سيكون على حدود هذه الدولة وصلاحياتها، وعلى الجانب الآخر فالموقف العربي واضح من هذا وأكدته قمة شرم الشيخ الأخيرة وهو ان أي استئناف لعملية السلام وللمفاوضات لن يقوم الا على أساس إقامة الدولة الفلسطينية، والقرار في مجمله لم يختلف عن القرارات الإسرائيلية الأخرى التي ظن الإسرائيليون انهم سيهدمون بها عملية السلام ثم جاءت على رؤوسهم وانقلبت عليهم.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved