* الجزيرة - الدمام:
خص المسرحيون في شرق السعودية تجربة مسرح المقهورين بنقاشاتهم في اللقاء الخامس للمنتدى الثقافي المسرحي التابع لجمعية الثقافة والفنون بالدمام والذي انعقد في الأيام القليلة الماضية بحضور جمع من المتابعين والمشتغلين في الوسط المسرحي.
وتضمنت الحلقة النقاشية ورقة بعنوان «مدخل إلى مسرح المقهورين» من إعداد الزميل اثير السادة تعرض فيها إلى الجانب الفلسفي للتجربة مستفتحا بمراجعة لمقولة المسرح السياسي التي يندرج تحتها مسرح المقهورين وعلاقة السلطة بالمسرح وانتهى معها إلى تعريف هذا النوع من المسرح بانه المسرح الذي يسعى لدعم التغير الجوهري للإيديولوجيا المسيطرة.
سلط السادة الضوء على فلسفة البرازيلي اوغستو بول المبتكر لتقنيات مسرح المقهورين ومنهجياته مشيرا إلى ميوله اليسارية التي منحت تقنياته وأفكاره بعدها الراديكالي وقال: بمثل ما كانت عليه أغلب انماط المسرح السياسي الأخرى جاءت تجربة بول متكئة على وعيه بالنظرية الماركسية وفيها راهن على جدلية التناقضات التي تعيشها الطبقة الكادحة لافراز وعي سياسي لدى المتفرج وحمله على ممارسة الفعل الاجتماعي.
وكان بول حسب السادة قد انشغل بتصعيد الحالة الحوارية بين العرض والجمهور كأمر مهم للخلاص من القهر وظهرت في ذلك مساحة تأثير المعلم البرازيلي باولو فريري - مؤلف الاصدار الشهير «تعليم المقهورين» - على أفكار بول بنحو واسع حيث أفاد كما يصف السادة من نظرية الحوار الثوري والتعليم الحواري وسعى إلى تطبيقها في عمله مع الفلاحين للتحرر من قهر الاقطاعيين من ملاك الأراضي.
ولم تكن أفكار بريشت لتغيب عن هذه التجربة، فقد كشف السادة عن رفض بول للنموذج الغربي/ البرجوازي لما له من مدلولات قمعية يزعم بانها أداة للقهر بفعل تفويضه للسلطة في العرض إلى الممثلين، وهو ما دفعه لرفض المفهوم الأوسطي للتراجيديا والتطهير باعتباره وسيلة لتجريد الجمهور من السلوكيات غير المقبولة اجتماعيا واضفاء صبغة اخلاقية على هذا اللون من القهر للحيلولة دون اختراقهم للرقابة الاجتماعية، وفي مقابل ذلك تبنى بول فهما خاصا للتطهير وظيفته إزالة كل موانع الفعل الاجتماعي. وكما هو بريشت، سعى بول إلى تفعيل الجمهور السلبي عبر تقنيات أدائية تجهد لجعلهم جمعا من المتفرجين الممثلين في ذات الوقت، يشاركون في تحويل واقعهم الشخصي والاجتماعي إلى وعي وفعل سياسي، مستخدما بدائل أكثر راديكالية على حد السادة لعملية التغريب التي تبناها بريشت أمعنت في اقترابها من الفئات المضطهدة ملامسة مشاكلها الإنسانية.
وفي ورقته المعنية بالمسرح البديل وتقنياته استعرض الفنان أحمد السماعيل مراحل تطور التجربة، والظروف السياسية التي أحاطت بها، وأشار إلى بداياتها التعليمية، حيث استخدم بول فكرة مسرح الصورة الرمزية في حملة لمحو الأمية وهي تهدف إلى تعليم الأميين المسرح كلغة يستخدم فيها الجسد وسيطا تعبيريا ناقلا للأفكار والأحاسيس.
|