معاريف: تمرد المجتمع
مع تطبيق خطة الطوارئ الاقتصادية التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية ومدى تأثيرها على الإسرائيليين
كتب «موشيه برل» مقالا بجريدة «معاريف» تحت عنوان: «ها قد بدأ التمرد على الضرائب»، جاء فيه: «ها قد بدأ تمرد المجتمع الإسرائيلي على الضرائب، ليس هذا تمردا بالمفهوم الجنائي المعروف، وليس هذا بعد اصطفافا لاذعا وحانقا ضد جباة ضريبة الدخل، لكنه موجة كبيرة ومهددة لأناس قرروا بينهم وبين أنفسهم أنهم لن يدفعوا بعد ثمن العجز السياسي والاقتصادي للحكومة.
إن خطة وزارة المالية، المسماة «إلغاء سقف التأمين وضريبة الصحة»، تفرض على كل من يزيد دخله عن 35 ألف شيكل شهريا نسبة ضريبة هامشية تقدر بـ60%، أو بمعنى آخر، عشر نسب ضريبية أخرى، وهي مبلغ كبير من المال، لكن ذلك لن يجدي، فقد اتجه جموع من الناس الذين ادخروا طوال حياتهم بضع مئات الآلاف من الشواكل إلى تحويلها لودائع دولارية في بنوك أجنبية، وبدأ الجمهور الإسرائيلي تمرده، لم تفهم وزارة المالية ذلك بعد، لكن الاقتصاد له قوانينه الخاصة به».
وأضاف الكاتب يقول: «لقد فرضت وزارة المالية جميع الرسوم والضرائب، لكن تيار الأموال المرتحلة إلى خارج البلاد، التي لن ترى المالية منها ضريبة واحدة إلى الأبد، من شأنه أن يغرقنا جميعا، ومن الممكن تدارك الأمر، فقط إذا غير الكنيست خطة شارون وشالوم (سلفان شالوم وزير المالية) بحيث تكون ضرائب أقل، وعجز أقل، وتقليص أكبر في النفقات، وعلى ما يبدو، فإن هذا لن يحدث في ظل هذه الحكومة وهذا الكنيست».
كما انتقدت أكثر من صحيفة عبرية التضييق الذي تمارسه المؤسسات الرسمية الإسرائيلية ضد حرية التعبير في إسرائيل، فأشارت معاريف إلى مقاطعة المغنية يافاه يركوني (مغنية شهيرة في إسرائيل أعربت عن تأييدها لرافضي الخدمة العسكرية) وتهديدها بالقتل، والرقابة المفروضة على الأخبار في هيئة الإذاعة، واشتراط مشروع اليانصيب تأييد إقامة مهرجان سينمائي بالانضباط السياسي، ومحاولة مجموعة من أساتذة الجامعات منع يوسي بيلين (وزير سابق ومن رموز حزب العمل المعتدلين ومهندس اتفاق أوسلو) من التحدث في جامعة بن جوريون، وإلغاء الشق السياسي في برنامج «أكتواليا» (عن الواقع) في القناة الثانية بالتلفزيون (الإسرائيلي)».
وأضافت الصحيفة أن الخط الذي يربط بين هذه النقاط واضح! هناك، في هذه الأيام، هجوم على حرية التعبير في إسرائيل، وقد نجح الهجوم في بضعة أماكن وفشل في أماكن أخرى لكنه يعطي إشارات سيئة بالنسبة للمستقبل، كيف يمكن فهم هذا الهجوم؟ ولماذا يحدث الآن؟ وما هي العلاقة بين طبيعة الحرب في العام ونصف عام الماضي وبين طبيعة إسكات النقد الموجه للحرب؟ وما الذي يفعله شارون منذ عام ونصف؟ إنه يستخدم الجيش من أجل الدفاع عن الإسرائيليين من «الإرهاب» الفلسطيني، الذي وصل إلى آماد تهدد كل مواطن في أي مكان بإسرائيل، لكنه مع ذلك، وبذات الأفعال نفسها، يستخدم الجيش من أجل القضاء على حق تقريرالمصير للفلسطينيين، ومن أجل تقويض مؤسساتهم المنتخبة، ومن أجل معاقبة الشعب الفلسطيني كله بواسطة عقاب جماعي من تدمير للشوارع، والمنازل، والرموز، والكرامة».
واختتمت الصحيفة بقولها: «لماذا يحاولون الآن إسكات النقد في إسرائيل؟ لأن هذه الأيام هي أيام حكم السطحية، ايام إما ابيض أو اسود، إما نحن أو هم، وأيام دعوا السلاح وحده يتحدث، ولكن لن يحدث هذا البتة، لن يتحدث السلاح وحده، ستتحدث الحكمة ايضا. على سبيل المثال، حكمة «حيدر عبد الشافي»، رئيس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد الذي قال في صحيفة «القدس»، الصحيفة الأكثر انتشارا في السلطة الفلسطينية: يجب أن يستمر الكفاح الوطني الفلسطيني في معارضة الاحتلال والمستوطنات، مع إصرار على عدم المساس، بأية حالة من الأحوال، بالمدنيين، إن لدينا التزاما أخلاقيا وسياسيا، كقيادة وكشعب، بالحفاظ على عدالة القضية الفلسطينية، حتى لا تتردى إلى شهوة القتل والانتقام وأكاد أقول، إن الكفاح عبر انتفاضة غير عنيفة من شأنه أن يخدم القضية القومية الفلسطينية عشرة أضعاف أكثر من الكفاح العنيف، ناهيك عن العنف الذي يطال المدنيين الأبرياء».
هاآرتس: تخبط إسرائيلي
وحول نفس الموضوع ايضا كتبت «هاآرتس» تقول: «لقد تحولت معظم وسائل الإعلام (الإسرائيلية) في الآونة الأخيرة إلى بوق حكومي، وأبعد مدير عام هيئة الإذاعة «ران جلينكا» من منصبه بسبب عدم الوطنية وبسبب توفيره منصة لأعداء إسرائيل، وحظر على مقدم البرامج التليفزيونية اليساري «موتي كيرشنباوم» إجراء مقابلات تليفزيونية، وفصل مراسل إذاعة جيش الدفاع الإسرائيلي من عمله، بسبب إجرائه حديثا إذاعيا مع الصحفى والأديب العربي سيد قشوع (من عرب 1948)، ودعا نائب وزير الأمن الداخلي، جدعون عزرا، الجمهور إلى الحذر من الصحفيين اليساريين «الخونة»، هذه كلها حقائق، وعلينا أن نستيقظ الآن، قبل فوات الأوان».
وحول التخبط الإسرائيلي إزاء مهاجمة قطاع غزة كتب أمير أورن بجريدة «هاآرتس» يقول: «يشتمل تسلسل الأحداث، الذي أفضى إلى حفظ عملية جيش «الدفاع» الإسرائيلي العسكرية في غزة، بحجمها المخطط له، على أسس واضحة من المهزلة، وهذا أيضا هو الجانب الإيجابي بها: المهزلة أفضل من المأساة، فقد حاولت حكومة شارون إخراج مسرحية، وذهلت عندما اكتشفت أن تعليق مسدس على الحائط في أول فصل من فصول المسرحية سوف يدفع الممثلين المستائين إلى عرقلة العرض قبل الفصل الثالث».
وأضاف الكاتب: «ان الأمر يعزز الشكوك القديمة حول نوعية رأي الشخصيات الرئيسية الأربع التي تتخذ القرار: آرئيل شارون، وبنيامين بن اليعزر، وشمعون بيرس، وشاؤل موفاز، فهم لم ينجحوا في شرح الهدف من العملية وارتباطها بسياق أوسع، لقد تورطوا في سلسلة من التناقضات الداخلية، فإذا كانت العملية مبررة وحيوية، كون قطاع غزة يعج «بالإرهاب»، فلماذا انتظار ذريعة؟ وإذا انتظرنا عملية (تفجيرية) مثل عملية نادي المراهنات في ريشون لتسيون، فلماذا لا ننجح من الناحية الاستخبارية في تأسيس علاقة بينها وبين غزة؟ وإذا كانت مثل هذه العلاقة هي خط الادعاء الرئيسي، فكيف يمكن توقع مفاجأة، ومنفذو العملية وغيرهم يسارعون بالاختباء لحظة التفجير».
وتحت عنوان «قتل الوقت» كتب «عوزى بنزيمان» مقالا في «هاآرتس» يعري فيه موقف شارون الحقيقي من التسوية، حيث قال: «يجب الافتراض بأن شارون يقول لنفسه، إن لحظة الحقيقة بعيدة فعلا مثل بعد الأفق السياسي الذي طلب منه أن يرسم خطوطه خلال العام الماضي، أريد أن اقول: إن فرص وفاء السلطة الفلسطينية بالشروط التي وضعها لها الرئيس الأمريكي بوش (إدخال إصلاحات مبالغ فيها على هيراركية القوة في القيادة الفلسطينية وعلى طريقة أدائها) ضئيلة للغاية، بحيث يكون شارون في حل من ضرورة الدخول الآن في صراع سياسي وايديولوجي مضن حول جوهر التسوية الدائمة، ومستقبل المستوطنات وخطوط الحدود، وفي غضون ذلك فهو يكسب الوقت ويؤجل النهاية.
وأضاف الكاتب: «وحتى استعداد شارون المعلن للموافقة على إقامة دولة فلسطينية من حقه أن يجمده، بحجة أنه لا يوجد داع للعجلة: فعلى عرفات أن يلبي أولا الشروط التي وضعها له بوش، إلا أن مثل هذا الاطمئنان من شأنه أن يكون في غير صالحه، تماما مثل الغطرسة التي غمرته في أعقاب النجاح المتوهم لعملية «الجدار الواقي».
|