لا أعرف - حقيقة - ما الدافع وراء اختيار «تشويش» اسما لزاوية الصحفي الرائع أسلوبا والمشاكس تناولا الاستاذ ادريس الدريس ولكن الذي أعرفه أنه قدم في مرحلة تاريخية من عمر (الجزيرة) في عهد ربانها الصحفي العتيق الاستاذ خالد المالك.. وإليكم نقاطا مضيئة رصدتها من سيرة «التشويش» مع عزيزتي «الجزيرة» لما قدم إليها مؤخرا كبير المشوشين مع الاعتذار لشخصه الكريم.
تأخرت «تشويش» عدة شهور عن الظهور بينما كان مبدعها يمارس هوايته المحببة «الصحافة» عبر فنون الصحافة المختلفة ولما توج نائبا لرئيس التحرير في خطوة «الجزيرة» التطويرية الأخيرة تأخرت زاويته أيضا لعدة أيام.. ولما خرجت إلينا بعد طول انتظار جاءت بمواصفات تشويشية لاتخفى على عشاق «التشويش».
ظهرت لأول مرة يوم السبت 21/صفر/1423هـ بدون صورة الكاتب مع أننا في عالم الصحافة العربية وعينا ونشأنا على ان صورة الكاتب المبجل تسبق حروفه إلى قرائه، وللكتّاب مع صورهم المرافقة لمقالاتهم عجائب وغرائب واسألوا ان شئتم ا لسادة المخرجين في تلك الصحف.ان المبدع ادريس أراد بعدم نشر صورته برفقة (تشويشه) في مقالته الأولى ان يبعث رسالة عاجلة لمعشر الكتاب ليعيدوا النظر في ثنائية التلازم بين الصورة والكلمة.
الموقع الذي اختاره سيادة نائب رئيس التحرير فاشل عقاريا عفوا (صحفياً) فهو يقع في صفحة القراء ويكفي ان هذه الصفحة اقترنت بالتعليقات والتعقيبات والإضافات أحياناً قليلة، لذا تفقد تلك الصفحة البريق اللازم الذي يجتذب إليها الكتّاب على مختلف أطيافهم واطروحاتهم.
وهذه رسالة أخرى من الكاتب للتشويش فقط على هؤلاء الكتّاب الذين يقدسون مواقعهم الصحفية على حساب قيمتهم الإبداعية في ذهنية القراء.
(قبل اشتعال النار) و (كللنا منهم.. ومللنا منهن) (الغناء بملابس النوم) (في المصعد: فتاة تغتصب رجلا) هذه بعض عنوانات الأستاذ إدريس، ولكن لماذا بدأ بهذا العنوان الحارق (قبل اشتعال النار) لعله أراد ان يوحي للقراء الكرام ان قادمه كله نار أو موقد للنار على الأقل لتنضج بعض قضايانا الاجتماعية المعلقة، أو لتحترق بعض الأوراق التي تجاوزتها المرحلة ب «التشويش» طبعاً!.
وقفة تأمل مع اسم «تشويش» لماذا هذا الاسم؟ طبعاً المعنى في بطن «الكاتب» وليس الشاعر، ولعله أراد -أيضا - من هذا الاسم التأكيد على التناغم الأزلي بين مهنتي الصحافة والتشويش، على رأي استاذنا الكبير معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر وزير الدولة والكاتب المعروف عندما وصف الصحافة يوما ما بقوله: (انها تحب تعقيد الشوش).
و(تعقيد الشوش) تعبير معروف في لهجة أهل نجد، يوحي بالإيقاع بين الناس بإثارة نقاط الاختلاف وتضخيمها.
وأخيراً لعل الاستاذ إدريس (الصحفي المشاكس الأول على مستوى الوطن) بشهادة أحد عارفيه، أراد ان يوضح عبر زاويته الجديدة في عزيزتي الجزيرة ان تلك الزاوية ماهي إلا مجرد محاولة للتشويش فقط على مراكز القوى التي تتنافس ليل نهار في بث أفكارها إلينا عبر وسائل الإعلام المختلفة والتي تجاوزت الحدود واخترقت الحرمات الأخلاقية في المجتمعات العربية.
سهم بن ضاوي الدعجاني |