ماذا يعني أن تقرأ خبر سقوط طائرة ووفاة ركابها..
وأنت معلَّق في رحاب الفضاء..
تتوسط مقاعد سماوية.. محلِّقة..
هل تخاف..
هل تنتابك قشعريرة الموت..
هل يتسرب لك شعور خانق تتخيَّل معه ملامح الحياة وأنت تغادرها..
تخرج منها وأنت تشير لها وداعاً..
هل تبتسم بينك وبين نفسك للمفارقة..
تباً للصحف..
حين ننشغل عن التلفاز.. تهاجمنا بالأنباء..
وتكتب أخبار الأموات «بتبنيط» كبير.. بينما تدوِّن قصائد الشعر وكلمات الورد والحياة بأحرف صغيرة تنزوي خلف ركام الأخبار السوداء!
** وتباً لحظك..
حين يسير بك نحو مفارقات كهذه..
تلملم أطفالك.. وتقرر بينك وبين نفسك أن تخوض مغامرة الخيال..
حين يعلن الطيّار حالة الطوارئ في الطائرة..
سأتخذ مقعدي بكل طمأنينة..
وسأنحو بأطفالي إلى حيث المجلات التي اصطحبتها معي..
وسأخرج المصحف من حقيبتي..
وسأتلو القرآن..
ثم سأحتضن أطفالي أكثر.. وسأبتسم وربما سأحكي لهم حكايات جميلة عن المستقبل..
قررت أن نموت دون لحظة رعب واحدة تسلك عروقنا..
أو تقرع طبولها حول بوابات قلوبنا..
سأنظر لابني الأكبر وكأنه رجل مكتمل.. ارتدى للتو بشتاً مقصَّباً وغترة ناصعة البياض وعقالاً قاني السواد
ممسكاً بيد عروسه الجميلة.. ونظرت لابنتي فرأيتها كما لو كانت ترتدي البياض الجميل وتضع على وجهها غشاءً أبيض شفيفاً مزيناً باللؤلؤ..
ورأيت صغيري كما لو كان قادماً للتو من كليته.. يقبِّل رأسي ويحدثني عن أحلامه..
** قررت أن أتعامل مع الموقف وفق ما أريد أنا.. لا ما يريد الخوف.
وأن أكون وبكل جسارة الإيمان.. راضية بمغادرتي الحياة على متن طائرة ربما تتحطَّم.. ربما تحترق.. ربما تغرق في محيط
محيط.. أي محيط..
هل يوجد بين الرياض والقصيم محيطات.. (؟!)
والسؤال يثير ابتسامتي.. كان ابني يقول:
ماما.. الجميع غادر الطائرة ما عدا نحن.. لماذا.. هل سنعود أم ماذا؟
** سقوط الطائرات فجيعة لنا كأحياء نعبىء معها الخوف في حقائبنا المسافرة.. فكيف به لأولئك الذين شهدوه لحظة لحظة.. وعاشوه قطرة... قطرة!!
** التكنولوجيا تتقدم.. والخوف يجتاحنا أكثر!
|