Wednesday 15th May,200210821العددالاربعاء 3 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آت لما هو آت
كلٌّ يُغنِّي
خيرية ابراهيم السقاف

يلاحظ أنَّ الناس بدأت تفتح نوافذ «الدَّعابة» كي تنطلق بها ألسنتهم، وأقلامهم، بل حتى تقاطيع وجوههم... ربَّما لأنَّ المتطلَّب من نواتج «المستَحْدث»، بناء على «العادم» من «الثَّابت» يستدعي هذا الاتجاه لدى الناس... فمتطلَّب حوادث الحياة وأحداثها، وألوان متغيراتها وأشكالها قد أعدمت في دولبتها، وجرفت في اكتساحها ذلك الاطمئنان الذي ثبت عليه الإنسان ردحاً من الحقب في شكلها العام، بينما لا يُنكر الإنسان أنَّ ثمَّة متغيرات، وثوابت، ومستحدثات، وعوادم دائمة في سيرورة الحياة ومعها... غير أنَّها ليست في حجم ولا شكل ولا مضمون الذي يتمُّ الآن في هذه المرحلة ولا حيلة فيه «لقُوَى» الإنسان المختلفة لا القولية، ولا العملية، ولا الفكرية ولا الحركية، ولا حتى الشعورية... «فطفح الكيل»، وبدل النواح، والصراخ...، بات الإنسان في بوتقة صهرٍ... ربَّما يتفجَّر وإن لم يفعل فلسوف تنفجر به كافَّة وسائل التعبير: إمَّا الصوت فيصرخ، وإمَّا الدموع فيبكي، وإمَّا البوح فيتكلم...، وإمَّا الإحساس بالجنون فيجري دون توجُّه، أو يهدر دون معنى...، ولأنَّ الإنسان ذكي، فإنَّه لن يفعل شيئاً آخر أكثر من أن يفتح نوافذ شعوره، ويوظِّف أفكاره، في قوالب تعبيرية مدرَّة للضحك، جالبة للسخرية، باسطة لأيِّ إحساس نابع من مصدر ما من مصادر هذا الشعور: الحقد على العجز، الاكتئاب ممَّا يكون، الرَّغبة في الإيذاء رداً على الإيذاء، التعبير عن العجز بمنطق شخصي للقوة
والنَّفسانيون يردُّون سلوك الإنسان إلى دافعه...
فأيُّ دوافع تحرك الحس الجمعي، وتبلور أساليب التعبير عن الاستياء ممَّا هي عليه صفحة الأرض الكبرى، حيث اختلط الإنسان بالآخر عند حدود المشاركة في المواقف تحدثُ مِن، وتقعُ على الإنسان الذي هو الأضعف قوة مادية وهو الأقوى قوة تعبيرية...
وقوالب الدعابة التي بدأ يتجه لها الناس زُمُراً وثُللاً وأفراداً،
يعيشون فيها، ويقتطفون منها ألواناً من التعبير، والتدليل... هي الآن المكان الوحيد الذي يوجد به مكنون الإنسان... لمن يريد أن يعرف صفات الإنسان في هذه الحقبة من الزمن...
المفاجئ في الأمر هو أنَّ لا صامت اليوم
وأنَّ الناس كلَّ الناس تساوت في تمثيل أدوارها من أحداث الحياة
وكلٌّ... يغني على ليلاه، وقيْساه، و... «راحتاه».

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved