Wednesday 15th May,200210821العددالاربعاء 3 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

عبر الحدود الباكستانية ـ الأفغانية عبر الحدود الباكستانية ـ الأفغانية
تهريب مقاتلي القاعدة والمخدرات تجارة رائجة خلال الشهور الثلاثة الماضية

  * غلام خان (باكستان) - خدمة الجزيرة الصحفية:
من الصعب أن يدرك الأغراب عن هذه التلال البنية الجرداء أنهم عبروا من أفغانستان إلى باكستان، ولكن المهربون الأفغان من أهل المنطقة يعرفون ذلك، ويعيشون في رغد من العيش من خلال تهريب المخدرات وأجهزة التليفزيون والأشخاص عبر الحدود هزيلة الحراسة حيث يخلو الطريق الرئيسي من نقاط تفتيش ملائمة، فيما عدا كشكاً خشبياً يجلس به رجل يلوح للعابرين، إن مقاتلي طالبان والقاعدة يعلمون بالأمر : فباكستان هي فردوسهم الجديد، ويقول المهربون الشباب إن أفضل عملائهم الآن هم المقاتلون المسلحون الذين يستطيعون أن يتقاضوا منهم عشرة أضعاف ما يتقاضونه من اللاجئين أو مهربي المخدرات.
وكذلك تعلم الولايات المتحدة وحلفاؤها بالأمر: فقامت القوات الأمريكية والبريطانية والكندية وقوات تحالف أخرى في الأسابيع الماضية بنشر قواتها في هذا الجزء من أفغانستان.
وقد صرح القائد البريطاني روجر لان بأن «الحرب ضد القاعدة وطالبان انتهت تقريبا»، وعثرت القوات البريطانية أثناء تمشيطها لشرق أفغانستان الأسبوع الماضي على إمدادات وذخيرة ولكنها لم تعثر على مقاتلين، وإذا كان تجوال رجلي القاعدة خلال هذه الزيارة الصحفية له أي دلالة، فهذه الدلالة هي أن قوات القاعدة ليست بعيدة، إنهم عبر الحدود في باكستان يختلطون بالمجتمع، إن الحرب التي بدأت بضربات كبرى لنظام طالبان في أكتوبر الماضي تتحول الآن إلى ضربات صغرى لمقاتلي القاعدة وطالبان الذين وجدوا ملاذاً لهم في المناطق القبلية الباكستانية المتمتعة بما يشبه الحكم الذاتي.
وبدلا من الغارات الجوية، تحول الأمر إلى حرب خفية من منزل لآخر وعمليات أرضية وهو نوع من الهجوم عن قرب والذي يرى بعض النقاد الأمريكيين والأفغان انه كان مفتقدا في ديسمبر الماضي في تورا بورا، مما مهد الطريق لهروب أسامةبن لادن وأتباعه المقربين.
مغلقة على طريقة المنخل
على الجانب الأفغاني من الحدود، يقول القادة العسكريون المتحالفون مع الولايات المتحدة ان الحدود الجبلية مع باكستان مغلقة على طريقة المنخل.
ويقول كمال خان زادران، القائد العسكري لمنطقة خوست ورئيس الوحدة البالغ قوامها ستمائة رجل تم تدريبهم بواسطة الجيش الأمريكي لاصطياد الفارين من عناصر القاعدة وطالبان، « خطوة واحدة وتعبر الحدود التي تمتد على مدى 2000كيلو متر».
وقام بنشر 50 فردا من تلك القوات بالقرب من هذه الحدود، ولكنه يقول بأنه لا يمتلك الإمكانيات الكافية لنشر الرجال في الأماكن التي يعمل بها المهربون خارج «الطريق الرئيسي».
ومن المعروف أن هناك طرقاً جانبية سرية يقبض من أجلها المهربون الكثير من المال، فهناك على سبيل المثال خفية الله ونكمال خان اللذان يقضيان وقتهما، مثل زميلي دراسة مرحين نزقين، في تهريب أي شيء ممنوع.
«لهذا نحن هنا »، هذا ما يقوله خان بابتهاج، والذي يصفف شعره على نحو جعل طالبان يدينونه بأنه يتبع النمط الغربي، «لهذا لدينا هذه الشاحنة الصغيرة»، يضيف وهو يقف أمام شاحنتهما المغطاة بقطعة من النسيج الصوفي والتي تستطيع أن تحمل ثمانية أو عشرة أشخاص في مؤخرتها، ويقول خان «إن الشاحنات الصغيرة للأشخاص والكبيرة للبضائع، إننا يمكن أن نتقاضى 500 روبية ( 8.33 دولار) عن الفرد إذا كان يحمل سلاحاً، ونتقاضى 50روبية فقط عن الرأس إذا كان لا يحمل سلاحاً.
وهذا يزيد عما يتقاضاه العامل الأفغاني غير الماهر طوال شهر كامل، يقول المهربون إنه منذ بداية عملية أناكوندا في شهر مارس، يقوم الكثير من مقاتلي القاعدة بالانتقال إلى مناطق قبائل البشتون في باكستان حيث لا تمارس حكومة الجنرال برفيز مشرف سلطة كاملة بها، ويقول خفية الله الذي يبزغ شاربه الوليد تحت أنفه «الآن، نربح الكثير من المال، وخاصة في الشهور الثلاثة الأخيرة، لأننا نستطيع أن ننقل ثلاث أو أربع مجموعات يوميا »، وأثناء قيام الشريكين الشابين بوصف عملهما يظهر مهربون آخرون رويدا رويدا قادمين من بين شقوق التلال وأيضا لا يكتمون فرحتهم بالعمل المزدهر هذه الأيام، ويقول ميرا خان: «إن أفضل الأموال هي تلك التي تأتي من أفراد القاعدة وطالبان، لأنهم يدفعون لنا ما نطلب أياً كان».
ويقول نكمال خان: «إذا مضيت في هذا الطريق مباشرة، فسوف تصل إلى ميران شاه بعد 30 دقيقة» وهي مدينة داخل باكستان قامت القوات الأمريكية مؤخرا بالإغارة على إحدى مدارسها، لاعتقادها بأنها مخبأ للقاعدة، ويضيف قائلا: «لكن إذاكان الأشخاص غير شرعيين ويحملون أسلحة فإن الأمر يستغرق ساعتين، لأننا يجب أن نأخذ الطريق الطويل»، علاوة على ذلك، حسبما يقولون، فإن الرحلة تكون أكثر كلفة بالنسبة للمسلحين الذين يجب عليهم السفر تحت جنح الظلام حتى لا يكتشف أمرهم الجنود الأمريكيون والأفغان والباكستانيون، ويقول خفية الله: «إننا لا نستطيع أن نأخذ أفراد القاعدة وطالبان أثناء النهار، ولذلك نأخذهم ليلا، أما اللاجئون العائدون، فإننا نأخذهم في أي وقت»، ويزعم المهربون أن السلطات الباكستانية تسمح للبشتون بالعودة إلى أفغانستان ولكنهم لا يسمحون بذلك للطاجيك والآخرين ولذلك فإن نقلهم يتطلب أموالا أكثر، إن المبدأ الوحيد الذي يحكم هذه التلال هو المال وانعدام القيم، فلا أحد يسأل ماذا يحمل والجميع يقولون ان العمل يزدهر منذ سقوط طالبان لسبب آخروهو انتعاش تجارة المخدرات، ويقول أحد المهربين إنه قبض من فوره 2000 روبية ( 33 دولاراً) مقابل نقل ثلاث حقائب بها شيء ما.
وأضاف «ربما تكون مخدرات، ولكنهم لم يخبروني، ودفعوا لي ما فيه الكفاية»، يقول المهربون أيضا انها ساحة تنافس وان هناك دائما وفرة من الرجال الراغبين في تقديم العون، والقليل من هؤلاء الرجال يبدون قلقين بشأن الإمساك بهم، ويقولون بأنهم يواجهون عدوين، أولهما حرس الحدود الباكستاني، الذين يقع مركزهم في تل قريب لا يبعد كثيرا عن غلام خان، ويقول خان: «إذا صادفتنا الشرطة الباكستانية، فإننا من السهل أن نقنعهم بتركنا بإعطائهم بعض النقود.
أما إذا واجهنا قوات الحملة الأفغانية، فإننا يجب أن نهرب سريعا لأنهم يقبضون على من يمسكون به»، من هؤلاء؟ من السهل معرفة من هؤلاء، كما يقول المهربون، فكل سيارات الحملة الأفغانية تحمل ملصقات على الزجاج الأمامي مكتوب عليها بادشا خان، وهو القائد العسكري لتلك المنطقة والموالي لأمريكا والشقيق الأكبر لكمال خان زادران، «حينما نرى سيارات بادشا خان، فإننا نولي الأدبار ونهرع إلى طريق آخر».
ويرى المهربون ما يفترضون أنها قوات أمريكية خاصة تهبط من طائرات عمودية حول هذه المنطقة في الأسبوعين الماضيين ويتوقعون أن ذلك بمثابة مقدمة لهجوم من جانب الحلفاء ضد المقاتلين الأفغان المتواجدين بالمنطقة، ويتوقع المقاتلون المتحالفون مع أمريكا في منطقة خوست نفس الشيء، وكذلك يفعل مسلحو القاعدة المختبئون في هذه المنطقة، وضمن أولئك الذين جاءوا من المجهول للتعرف على الزمرة المتنامية من المهربين، اثنان من الأفغان تحدثوا إلى هذا الصحفي على قمة التل، وقد أطلقوا على أنفسهم لقب «القاعدة المستقلة» لأنهم لا يعملون بالتعاون مع قاعدة أسامة بن لادن.
ويقولون بأن هناك عشرات من «المستقلين» أمثالهم في المنطقة، وقام أحدهم بحلق لحيته لكي يستطيع الذوبان وسط السكان بسهولة، بينما احتفظ الآخر بلحيته الطويلة وشعره المنسدل على كتفيه، وهو أمركان شائعا لدى جماعة طالبان، وبنبرة يملؤها الوعيد يقول الرجلان " إنهما غير قلقين بشأن قوات الحملة الأفغانية، المتحالفة مع الولايات المتحدة، ويضيف الرجل ذو العمامة التي تتدلى منها خصلات شعره: «إننا نسعى وراء الأمريكيين».

* «كريستيان ساينس مونيتور»

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved