Wednesday 15th May,200210821العددالاربعاء 3 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الشاعر الإنسان..! الشاعر الإنسان..!
د. محمد صالح الشنطي

محمد هاشم رشيد الشاعر الانسان يتوارى عن الأنظار في ذمة الله، يرحل الى العالم الآخر بكل ما ينطوي عليه قلبه من رقة ودماثة، حينما فاجأني النبأ مساء الجمعة أصبح للكلمات في فمي طعم الرماد، لم أعد قادرا على التفكير، كان صوته - رحمه الله - ما يزال يملأ سمعي وكانت ضحكته الهادئة ترتسم أمامي في لوحة انسانية ناطقة، لم يكن يكف عن بذر أحاديثه المجاملة الطلية، لقد كانت معرفتي به مفتاحا للولوج الى مشاعره ونبض قلبه، فعرقت فيه ولو لسويعات قلائل وخلال لقاءات محدودة وجلسات معدودة رقة في الكلام وهدوءاً في النبرة، كانت كلماته تتدفق في حنان وفي عفوية وحميمية.
قرأت أشعاره الرومانسية وحلقت في فضائها رومانسية عذبة، وقد كان تعلقه الروحي بكل ما هو جميل وجليل واضحا.


وبين السفوح وفي صدرها
يرفُّ شعاع الضحى السامر
ترانيم حب عميق المدى
ترفرف كالحلم الناضر

وماذا عساي ان أقول عن هذا الفقيد القريب الى نفوس كل من عرفوه الأثير عندي وعندهم في هذه اللحظات التي يخيم فيها أسى عميق وحزن أعمق.
لقد كان شاعراً حين يكتب، وشاعراً حين يتكلم، وشاعراً حين يلقى محبيه واخوانه فالشعر جزء من كيانه الانساني، وإني لأتذكر لقائي الأخير به في طيبة الطيبة ومعنا طائفة أثيرة من الاخوة وفي مقدمتهم الأخ الحبيب الشاعر الدكتور محمد العيد الخطراوي وأخي الأديب محمد الدبيسي، كنا ننتظر لحظة الوداع على أمل في لقاء آخر قريب، وكان لقاؤنا أطول لقاء لي معه منذ عرفته وكأننا على موعد لفراق قد يطول.
كان باسما سعيدا وقد استعرض معي بعض ما كتب من أشعار، وأهدى اليَّ بعض ما كتب عنه من رسائل علمية نشر بعضها، وكان يبدو مسروراً بما أنجز وما أنتج، وكان كعادته متبسطا في الحديث كنسمة تداعب محياك وتنعش روحك، كان يحيط به ذلك الجد الودود لا يكف عن الابتسام، وأشد ما أسرني في شخصه بساطته وقربه من النفس، وتلك السمات التي نعرفها في أهل طيبة الطيبة، كان تعلقه بالحياة ينم عن جمال نفسي ينسكب شعراً وابداعاً.
وربى
«طيبة».. في ظل السماء
نفخت
منها «الرياض» الزاهرة
فإذا «فاس» أريج وضياء
وإذا «البيضاء» نجوى باهرة.
رحمه الله فقد كان شاعراً انساناً، شديد الانتماء الى أمته والى لغته ومقدساته «وجناحان/ جناح في الخليج/ وجناح في عباب الأطلسي/ خفقا بالحب في/ نجوى الحجيج/ واشراباً/ فوق بيت المقدس».
وداعاً يا شاعر المحبة.. تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته، وان العين لتدمع،والقلب ليحزن، وإن لفراقك يا محمد لمحزونون، ولا نقول إلا ما قاله نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المحنة، ولا نملك إلا أن نسأل الله لك الرحمة والمغفرة فإلى رحمة الله.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved