Wednesday 15th May,200210821العددالاربعاء 3 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مركاز مركاز
انتفاضة السكر
حسين علي حسين

قبل شهور أخذت أسعار السكر في النزول، وكنا كمواطنين وأصحاب محلات ننعم بأسعار تقل بما نسبته 25% عما هي عليه الآن، ولم يكن يدور في خلدنا أبداً، أن هناك منشأة وطنية سوف تعلن إفلاسها، وتشرد عمالتها الوطنية، وتبور أراضي البنجر وقصب السكر التي زرعتها من خير انهارنا ومياهنا الجوفية، التي زادت حتى فاضت عن الحاجة، مما جعلنا نفكر بإضافة صناعة الورق إلى جانب المزروعات التي تدخل في صناعة السكر بعد ان كنا استثمرنا هذه المياه في زراعة القمح، والأرز، حتى لا نأكل إلا من غرس أيدينا!
رفع المواطن الذي يشرف على مصنع السكر نداء استغاثة ، مع أرقام عن الخسائر والأزمات التي يمر بها مصنعه من جراء منافسة الأغراب له في الصنعة، وهذا المواطن ليس له، لكي يقف على رجليه، ويعيد الهيبة لصناعة السكر الوطنية، ويطمئن المواطنين على رزقهم ورزق عيالهم، إلا ان تصدر الدولة قراراً بحماية السكر الوطني، وقد صدر القرار، وجاءت نتائجه حاسمة ومباشرة حيث ارتفعت أسعار السكر، وأصبح الشوال الذي يباع بخمسين ريالا يباع بفضل حماية الصناعة الوطنية، بأكثر من سبعين ريالاً، وهكذا ارتاح بال صانع السكر وزارعه ومشغل عماله وتفرغ بعد ذلك لقمع كل من يكتب عن غلاء السكر، حتى انه صرف من أموال المساهمين مبلغا يقرب من نصف المليون ريال، ليرد على مقال، ولما لم يكن من أهل صنعة القلم، فقد استعاض عن هذا القلم بسيف المال، ولو كان هذا المال الذي صرف في إعلانات مدفوعة من جيبه الخاص، لما كان هناك أي معنى للاحتجاج، فكيف تعاني الشركة من المنافسة، وتعاني من الأزمات، وهي تصرف هذه المبالغ، لكي تتربع بسكرها على جيوب الناس؟!
المؤسف ان شركة السكر الوطنية لم تستفد وحدها من فرض الرسوم الجمركية على المستورد من السكر، لكن الشركات الأجنبية، استفادت، فقد أخذت ما فرض عليها وزيادة من جيب المواطن، فأسعار السكر الآن كلها تعوم على عوم الشركة الوطنية الوحيدة، التي ساهمت مطالبتها بزيادة الرسوم، في ان تلتقط المصانع الأجنبية أنفاسها، وتتوقف هي الأخرى عن حرب الأسعار، التي كانت تدخل فيها مع الشركة الوطنية، فهي الآن مثلها مثل هذه الشركة، تبيع بحرية وتربح، بل كلهم الآن يحققون أرباحاً خيالية، من الأسعار الجديدة للسكر التي تدعمها وترعاها وزارة التجارة، وقديما قيل من أجل عين تكرم مدينة، وهذه المدينة هي المنتجات الأجنبية أما العين التي تسببت في هذا الكرم، فهي مصنعنا الوطني ما غيره!!
أي صناعة هذه التي تقام الدنيا وتقعد من أجلها؟ وأي مواطنين هؤلاء الذين تقف أمورهم وأمور أسرهم عليها؟ إننا نعرف ووزارة التجارة والصناعة تعرف، ان ثلاثة أرباع المصانع لدينا لا يدخلها المواطن الا بالنبوت، وإلا فإن من يقوم على تشغيلها وتسويق انتاجها هم مئات الآلاف من الأجانب بعضهم يجني منها القرش وبعضهم الريالات وبعضهم الملايين ومعها العمولات والسكن الفاخر والإجازات، أما المواطن في أغلب هذه الشركات القابضة، فإنه للأسف في مهب الريح، راتبه بسيط ومستقبله غير مضمون، إضافة إلى متربصين لاحصر لهم، للإطاحة به في أي لحظة لصالح عامل أجنبي، لا يملك سوى أقل المؤهلات، ومعها صبر أيوب، والذي به يدخل مسلوت الجسم، ويخرج وكرشه أمامه، من مال شركاتنا ومصانعنا الوطنية!
إن في بلادنا أيها السادة شركات قابضة تمنح رواتب (مثلها مثل الضمان الاجتماعي) تبدأ من 500 ريال إلى 1500 ريال لمواطنين بشرط واحد ان يقبعوا في بيوتهم وعند اللزوم تدق عليهم البياجر يعرفون بأن اللجنة على وصول وحالاً يترززون لساعة أو ساعتين ثم يذهبون للنوم أو الجلوس في المقهى وربما كان الواحد من هؤلاء يقوم بنفس العمل في اكثر من شركة هم يريدون ذلك حتى يقتلوا الطموح والتفوق لدى هؤلاء فسلموا بأن اللقمة الدسمة وتحقيق الذات في العمل المضني والخلاق لم يُكتب لهم في بلادهم.
هذه الفئة من ا لشركات يأخذون الأخضر واليابس ولا يعطون المواطن سوى الكلام.. كلام للصحف أما الحقيقة فهي ما أسلفنا...

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved