Tuesday 14th May,200210820العددالثلاثاء 2 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لافتة لافتة
التوازن المستحيل
عبد الحفيظ الشمري

ربما لم يشهد تاريخ الادب بشكل عام تحولاً مثلما يشهده اليوم..فكل شيء هنا وهناك يتحول، ويذوب فيما سواه..بل ويتوارى خلف حجب المادة، وسدول التطور والاكتشاف..فلم يعد هناك فكر يدفع المفكر، ولا ابداع يهز المبدع، بل ان الاقلام اخذت شكل اليراع في شفة اخرق لا يحسن البوح المنمق.
كبرياء الشعر لم تعد قائمة، وحصافة الناثر لم تعد مجدية، وقد رأت العقل عطلت..في الزمن الجديد تحوُّل ليس في صالح الادب..وفي الرؤية المستقبلية صور مزعجة، غير متفائلة تبشر بمستقبل قاتم.
بما كان افراط الاديب، والمبدع..والمفكر في وصف ذاته سبباً في ظهور هذا الانكسار وتمايز هذه الثغرة الهائلة في العلاقة بين الاديب وبين المجتمع..فالنرجسية هي اساس البلاء الذي يقود الى هذا التسامق الكاذب.
ان هذه الكبرياء المصطنعة هي في الاساس صرح هلامي لا يحقق اي بعد منطقي، او رؤية مؤثرة..فلم يبق الصورة الماثلة في هذا السياق هي تراجع مكانة الادب، وغياب المبدع وهويته.
السؤال يطرح دائماً..ترى الم يكن الادب ممثلاً في الشعر العربي متوازناً..؟! ام ان هذا المطلب في التوازن مستحيلاً..؟! والذي قد يجيب على هذه التساؤلات هم النقاد الذين شغلوا بما لدى المبدع، وبما ترمي اليه الابداعات.
الادب العربي وما سواه من آداب عالمية يتهاوى الان..ترى هل الشعرهو المعضلة..؟
بمعنى ان التوازن العقلي واللفظي للشاعر والكاتب لم يكن على درجة من الكمال والرقي والالتزام..فشكلت ازمة الشعر تحديداً هذا السؤال الذي اصبح مشروعاً الان اخذ يخفف من وطأة النظرة القاصرة الى النثر بل انه اخذ يشيد بمنطلقاته التي تأخذ شكل الافصاح والبوح عما تكنه الذات من لواعج وتأملات في مراحل عديدة من حياة الانسان..
اصبحنا الآن وبعد قيام مشروعية السؤال عن كنه الشعر وماهيته و مراميه التي شكك فيها امام رؤية جديدة تحاول ان تتقرب من الرواية، والسيرة الذاتية وادب الرحلات..بل ان هناك من ينظر الى النثرية بوصفها القلعة الاخيرة من قلاع ثقافتنا التي اخذت تتهاوى في ظل قيام الخطاب المادي الصارخ.
وطالما جاءت البشارة محملة على كنه حالة السرد المطلوب تواجده في المشهد الثقافي فالاهم ان يكون التوازن امراً وارداً..ولنحاول ما وسعنا ذلك درء تهمة المستحيل لكي لا يسقط النثر مثلما سقط الشعر الحديث..حتى وان اختلفت تسمياته وتباينت الرؤى حول اهدافه، ومراميه..
«التوازن المستحيل» سيصبح مصاباً بشرعية السؤال..ومداومة البحث عن آلية تستنهضه وتحقق في توجهه..لتبني في هذا السياق رؤية جديدة تعتمد على الصدق والموضوعية فقط لاننا فيما اعتقد لم نعد بحاجة الى محسن بلاغي، او تورية، او جناس او طباق الحالة مرتبطة بوعي الكاتب..وصدقه..
لعلنا في هذه الفترة المتهاوجة ان نخرج برؤية تجنبنا «خطل الشعر» و «كبوة النثر» و «زيف السريرة»..كبرياء الشعر لم تعد قائمة، وحصافة النثر لم تعد مجدية..فانتظروا خروج البشارة من رحم الثقافة القادمة..تلك التي ستلد لنا حاجتنا من المتخيل لتبقيه رمزاً لنا في الآتي القريب والبعيد.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved