Friday 10th May,200210816العددالجمعة 27 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الراحة للرجال غفلة الراحة للرجال غفلة
العمل عدو الفقر والانحراف

قال الله تعالى : {هٍوّ پَّذٌي جّعّلّ لّكٍمٍ الأّرًضّ ذّلٍولاْ فّامًشٍوا فٌي مّنّاكٌبٌهّا وّكٍلٍوا مٌن رٌَزًقٌهٌ وّإلّيًهٌ پنٍَشٍورٍ (15)} [الملك: 15] ويقول: رسول الهدى صلى الله عليه وسلم : «والذي نفس محمد بيده لو أن أحدكم أخذ حبلا واحتطب به لكان خيرا له من ان يأتي رجلا يسأله أعطاه أو منعه»، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يقعدن احدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني وانتم تعلمون ان السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة. كما جاء في الاثر: اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. ان ديننا الاسلامي الحنيف يحثنا على العمل، فالعمل هو السيف البتار الذي نقطع به زمام الفقر وهو الذي نصون ونعف به انفسنا عن مذلة السؤال والبطالة هي قبر الانسان الحي، فالمدفون تحت التراب لا يموت وانما يموت بتوقفه عن العمل والانتاج والعطاء فالبطالة هي اضخم عبء يحمله الانسان على كاهله ذلك لأن البطالة مجلبة للفقر والقلة والذلة، كما انها تسبب للانسان القلق والضجر والملل وربما قادت الانسان الى ما لا يحمد عقباه فان يشغل الانسان نفسه بالمفيد والا شغلته بارتكاب الضرر. يقول بعض الحكماء: ان يكن الشغل مجهدة فالفراغ مفسدة كما قال حكيم آخر: اياكم والخلوات فانها تفسد العقول، نعم ان الحياة لا تكون الا بالعمل فثمرات الارض لا تأتي الى افواه القوم عفوا ترجوهم ان يأكلوها فكل طعام وكل كساء وكل سقف وكل غطاء لا بد له من مجهود يبذل، فالغزال لا يأتي الى فم الاسد يرجوه عفوا ان يأكله وهو رابض في عرينه فلا بد له من مجهود يبذله حتى يحصل على فريسته فمن اتكل على لقمة غيره مات جوعا، وقديما قالوا: ما حك جلدك مثل ظفرك فتول انت جميع امرك. كما يقول الكاتب الروائي البريطاني سمرست موم: لا تتكىء على احد فذراعك هو عكازك الوحيد الذي يجب ان تعتمد عليه بعد الله وانت تسير في طريق الحياة ويقول بعض الحكماء: لا تكن على احد كلا فإنك تزداد ذلا واضرب في الارض عودا وبدءا ولا تعجز عن الطلب لوصب ولا نصب.
ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: لا احد يستهين باتخاذ الاسباب إلا ضعيف العقل. قال الشاعر:
توكل على الرحمن في الأمر كله ولاترغب في العجز يوما عن الطلب
ألم تر أن الله قال لمريم: {وّهٍزٌَي إلّيًكٌ بٌجٌذًعٌ پنَّخًلّةٌ تٍسّاقٌطً عّلّيًكٌ رٍطّبْا جّنٌيَْا (25)} [مريم: 25] . فلو شاء ان تجنيه من غير هزة جنته ولكن كل رزق له سبب. ان الذي يعرض عن المهن الفنية والحرفية وغيرها من المهن الشريفة الاخرى التي تغنيه عن الحاجة وعن مذلة السؤال وهو قادر على ممارستها ومزاولتها بحجة ان رواتبها متدنية او انها تنقص من قيمته ومن مكانته في عيون المجتمع ويفضل الجلوس والبطالة عليها مثله مثل الارض المسبخة التي لا ينبت غرسها او كالشجرة التي لا تثمر والشجرة التي لا تثمر تقطع وتلقى في النار كما ذكر ذلك عيسى ابن مريم عليه السلام، فالعمل مهما كان نوعه ومهما كانت طبيعته لا يقلل من شأن صاحبه ما دام عمله هذا عملا شريفا وليس فيه شيء يخل بالدين والشرف والامانة.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اني لا ارى الرجل فيكم وقد لبس فاخر ثيابه وتعطر بأغلى العطور فيعجبني شكله وهندامه فأقول هل لهذا الرجل حرفة له يقتات منها فان قالوا لا، سقط من عيني. كما قال: الراحة للرجال غفلة وللنساء غلمة. وسئل الاحنف ابن قيس عن المروءة فقال العفة والحرفة. والخلاصة ان الحياة لا يكون لها قيمة ومتعة وبهجة ولذة الا بالتقوى والايمان وطاعة الرحمن وبالعمل وبالجد وبالعرق الصبيب فكلما اشتد التعب ازدادت لذة الراحة وكلما اشتد العطش ازداد الماء حلاوة وكلما اشتد الجوع ازدادت لذة الطعام.

فالح محمد آل دويان
معهد التربية الفكرية غرب - الرياض

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved