منذ أن جسد اليهود مقولة (شعب الله المختار) على أرض الواقع وطبقوا وعد بلفور المشؤوم باحتلال الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني يعيش معاناة لا يدرك عمقها إلا من عاصرها وتابع أحداثها وتقلباتها، ففي كل عام ينصرم نجده يخفي تحت طياته الآلام والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني يوميا وبالطبع فسنة الحياة تقتضي أن يأتي في إثره عام آخر قد توحي معالمه ببصيص من الأمل الممزوج بالألم لكنه مع شديد الأسف سرعان ما يزول كسابقه ان لم يكن أسوأ منه والشيء المضحك المبكي في تلك الحقبات الزمنية المتوالية أن العالم يقف موقف المتفرج من تلك الأحداث والانتهاكات الصارخة والواضحة للكيان الصهيوني في دولة فلسطين لكنا قد نجد في بعض الأحيان قرارات تكتب على الورق فقط من غير أن تطبق حقيقة فآخر العهد بها هو نهاية الاجتماع وبالرغم من ذلك الموقف الظالم نجد ان هناك مواقف واجتهادات عربية واضحة المبادئ وصريحة وتدخلات متوالية وعلى مستويات رسمية بغية نصرة الشعب الفلسطيني وإعادة حقه المسلوب منه والحفاظ على المقدسات الإسلامية وعلى الهوية العربية والاسلامية لفلسطين عامة وللقدس بصفة خاصة وعلى الرغم من ان هذه المواقف العربية الآنفة الذكر لها أثر فعال وكبير الا أنها مع شديد الأسف تصطدم بعقبات عدة فمن العجب ان نجد رجالاً يبنون وأشخاصا يهدمون نجد رجالاً يقررون وآخرين ينقضون نجد رجالا يناضلون وآخرين يهادنون فالاختلاف في المواقف يقلل من نسبة نجاح التدخلات العربية في القضية الفلسطينية والرامية الى السلام العادل وإعادة الحق إلى اصحابه يضاف الى ما سبق ما تمارسه الحكومة الاسرائيلية من مناورات ومراوغات بغية تعطيل عملية السلام ومواصلة سياسية العنف وقتل الأبرياء وتشريد الآلاف واعتقال المئات بتهمة التحريض والقيام بعمليات ارهابية ضد الكيان الصهيوني وترويع الآمنين ويضاف الى ما سبق ذكره ما تمارسه اسرائيل من سياسة الاغتيالات الاجرامية بدون حق ان كل ما تقترفه اسرائيل يندرج تحت غطاء القضاء على ارهابيي الدولة الفلسطينية لكنه في الحقيقة داخل تحت مظلة تنفيذ مخطط قديم معالمه وأسسه واضحة يرمي في النهاية الى التوسع في سلب الأراضي وبناء المستوطنات لتستوعب اعداداً كبيرة من اليهود المهجرين والمتواجدين في شتى بقاع العالم لجعل فلسطين موطناً رسمياً لهم وكل ذلك على حساب صاحب الارض لقد استمرت اسرائيل على تلك السياسة منذ ما يقارب نصف قرن دون مراعاة لحقوق الانسان المزعومة التي يتغنى بها الغرب بين فترة وأخرى ودون النظر لمبادىء القيم والاخلاق الإنسانية كل ذلك بدعم من امريكا سواء سياسياً أو اعلامياً أو ماديا او حتى بالعدة والعتاد فأمريكا تؤيد اسرائيل وترى ان لها حقا مشروعا في فلسطين ومن الغريب جداً ما نراه الآن من تأييد امريكا لاسرائيل في اعتبار المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني إرهابا لابد من القضاء عليه واستئصال جذوره فمتى اصبحت المطالبة بالحق المشروع إرهابا!!؟ هل تعرف الارهاب كما يحلو لها وكما يخدم مصالحها.
وما هو الارهاب في نظر امريكا؟ ماذا تسمى قتل الآلاف وتشريد الآلاف واغتيال الابرياء وحشد المعدات العسكرية الثقيلة والخفيفة لمواجهة شعب اعزل سلاحه الحجارة؟
وماذا تسمي ما اقترفته يد الصهاينة في جنوب لبنان ومجازر صبر وشاتيلا؟ ماذا يسمى هذا؟ اليس قمة الارهاب فقد ابرز صفات الإنسانية الا يحق لنا ان نتساءل كأمة عربية يوحد بيننا عامل اللغة والدين والارض ماذا قدمنا؟ وماذا سنقدم؟
إن مما لاشك فيه ان القضية الفلسطينية والقدس هي قضية الاسلام الأولى يناضلون من اجلها كما ان الشعب الفلسطيني ليس لديه اي استعداد للتنازل عن أرضه وحقه طال الزمان او قصر فكل جيل يأتي يشكل ملحمة الصمود والمناضلة التي خلّفها الجيل السابق له في زعزعة استقرار الأمن الصهيوني وحدوث انقسامات خطيرة داخل احزابه السياسية {تّحًسّبٍهٍمً جّمٌيعْا وّقٍلٍوبٍهٍمً شّتَّى" }.
ان مما يبعث الأمل في النفوس ما نراه من استمرار المقاومة التي تجسد إصرار هذا الشعب الابي على مواصلة الجهاد ضد العدو ورد حقه المسلوب وطرد المحتلين عن أرض فلسطين ان تلك المقاومة والنضال في الاراضي الفلسطينية لتستحق منا التأييد والتقدير والاجلال والاكبار لهذا الشعب الأبي نسأل الله ان يعز دينه وان يعلي كلمته.
بدر بن علي العبدالقادر / مدرسة ابي بن كعب بالرياض |