Friday 10th May,200210816العددالجمعة 27 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

العولمة تزيد من الشفافية العولمة تزيد من الشفافية
زمن النكسات والأزمات.. لا عصر المعلومات

عكس ما قالوا:
يحكى قديماً منذ عهد ماضٍ أنه عندما يكتمل القمر فيصبح بدراً ويظل بديلاً بنوره عن الشمس ليلاً.. فإن حركة المد والجذر في البحار تكون أكثر شدة.. وبما ان الماء يحتل مساحة كبيرة من أجسامنا فإن القمر في تلك الليلة يؤثر عليه وعلى جميع عواطفنا مما يحرك فيها الأشجان فيصبح كثير الانفعال قليل الانضباط وتقولون: ان معدل الحوادث بجميع أنواعها يزيد في تلك الليلة. قائلين: ان الرجل قد تعتريه تغيرات مثل ما يحدث للمرأة من تغيرات بيولوجية كل يوم من ذلك الشهر وقد يصاب باكتئاب مفاجئ ومرارة في حياته تجعله أكثر تعقيداً وذبولاً بسبب ذلك المتغير البيولوجي الذي أصابه فأصبحت أعراضه غير واضحة تماماً مثل المرأة.
لكن قلنا: قد يكون ذلك الأمر صحيحاً.. لكننا اليوم قد لا نفرق بين صباح ومساء.. لأننا في زمن الأقمار الصناعية وفي عهد التطورات التكنولوجية.. والتحولات التقنية السريعة.. فلا غرابة ان نحس بالاغتراب أو الكآبة وتباعد الذات عن ذاتها.. والروح عن جسدها.. والنفس عن ثيابها.
إننا نعيش في زمن متجاوز.. وقد تكون الأرض أخذت كل زينتها وظن اهلها انهم قادرون عليها أتاها أمرنا.. وعلينا نحن البشر ان ندفع فاتورة الزينة وتكاليف الحياة فيها من دمائنا وأعصابنا.. وعواطفنا.. وانفعالنا.. وخوفنا.. ومشاعرنا.. وآمالنا.
فقالوا عنه: انه زمن العولمة تتزايد فيه الشفافية.. وعهد الإنترنت وغزو المعلومات.. وسرعة الاتصالات.. وزمن الإنسان العالمي المتجاوز لكل الحواجز وخرقها.. وزمن سيطرة الاقتصاد في الأسواق وكثرة التجارة وازدياد ارباحها.. وتحكم الشركات العالمية بانتاجها واندماجها.. أي انه ليس زمن الإنسان البسيط العادي لانه ليس له مكان يأخذه في زمن هذا العالم المروع!!
انه الإنسان المدجج بالأمل والمستقبل.. والانجاز لا يكون إلا للمبدع المتألق على حد قولهم!؟
.. لكنهم في الحقيقة عكسوا ما قالوا؟!.. لأن الإنسان هو الضحية الأولى لتلك التجارب وكل ما يبهج من زينة الأرض الحالية إلا من رحم ربك؟! وأين هو الإنسان في عصرهم وفي زمنهم؟!
فالحروب في تزايد واستمرار.. والكوارث في كل مدينة أبهرت العالم بمعجزاتها وباستمرار دون استقرار.. وشبح الإرهاب يغزو كل المدن العالمية التي لا يصبح فيها سلم أو قرار.. والسلام يلجأ من كل دولة إلى الفرار.. اين هو الإنسان في عصرهم والشركات والمنظمات العالمية تهتكت وفشلت.. فأصبح لا فرق بين الفقراء وسادة الأغنياء.. بل ازدادت وازداد معدل البطالة وكثرت الجرائم.. وتضخم الانهيار الاقتصادي.. ولم تستطع العولمة ان تتصدى لها أو ان تكافح ادمان الجنس والسجائر والكحول والمخدرات والفساد بجميع أنواعه.. ولم يسيطر النظام الجديد على شراء الأسلحة وتكديس الذخائر بصورة يشهدها العالم وكأنها ديكورات.. بل ازداد الفقر والمرض والجهل في تطور برغم عهد تلك المعلومات وانحدر الفن والأدب والمسرح فأصبح منه قليل أو استثناء أما القاعدة فباطل فادعاء.
أيحدث كل هذا في زمنهم؟! ثم جاء الإعلام بكل وسائله ليضع الإنسان البسيط العادي في صورة باهتة.. وشك مؤكد.. وأصبح يهرب من الصحيفة والمناظرة والندوة والجدل، بأكثر من حقيقة غامضة ومثل مشوه وعقل تائه، ولم يعد أحد يملك الحقيقة ولا يستطيع ان يتحدث بها، مهما صرخ أو جادل لكننا وبكل الأسف في زمن الهزيمة.. في زمن الإنسان المعزول والأقطار الخاصة المعزولة.. والتي لم أعد أتشابه فيها معك.. أو أثق فيك.. هارباً بما معي إلى مكان الشك.. ولم تعد الفكرة الأحادية تبهرني وتبهرك.. وكأن لي الخيار في قبولها أو ردها وأن يأتي من يعزيني ويشجعني ويقنعني دائماً بها.. فذلك ما انتهجته تلك الوسائل من الإعلام المختلفة وكانت حصائدها، عقولاً محتارة وتائهة وأقطاراً متنازعة ومتناسلة.. وإرادة لا حول لها ولا قوة.. فهل نحن سنظل في ليال نورها أصبح كالخيال. فما أجمل الليل بدون بياض؟! وما أجمل ذلك الإنسان العادي المتواضع الذي يحمل هموماً وأفكاراً بينه وبين نفسه ثم يجد حلولها بنفسه.
هموم لا يفهمها زمن الشفافية والعولمة والمعلومات وعهودها وكل تلك التراكيب الساحقة العمياء التي يريد ان يصبح فيها الإنسان متحضراً فيكون طعاماً يفترسه الأعداء.

أحمد البدر عبدالله الزهراني /الطائف

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved