Friday 10th May,200210816العددالجمعة 27 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آت لما هو آت
«أوَّلاً بأوَّل»
خيرية إبراهيم السقاف

يحرص كثير من الناس على «تصفية» كلِّ شيء في حوذتهم «أولاً بأول»، ولأنَّ ما بحوذة الإنسان ليس -فقط- جميعه من «الماديات» التي تُحمَل فتُبعَد...، وإنَّما في كثير من «المواقف» التي تُلمس ويَشْعر بها الإنسان ويمكنه أن يتخذ منها موقفاً آخر فيصفِّي معها حسابه «أولاً» أو «آخراً»!! ومبدأ «التَّصفية» «أولاً بأول» في الماديات أمر منطقي ويخفِّف، بل ينظِّف!.. فإن كان لديك من الأوراق أرتال مكدسة، أو من الملابس عدد لا يُحصى، أو من بقايا الأكل، أو الأثاث، أو... أو ما يحملك على التَّبرُّم، أو الصداع... فإنَّ التخلُّص منها فيه ما يريحك، ويهدئ «أعصابك»، ويمنحك سعة في المكان، وهدوءاً في الأجواء التي تمارس فيها الحركة... فتستطيع أن تستبدل قديماً بجديد، وبالياً بصالح، وعاطلاً بنافع... ومن يتبع أسلوب «الحرص» فيُبقي كلَّ ما لديه، ويزيد عليه، فإنَّه لا ريب يعيش في فوضى ويجد نفسه في لحظات خارجاً عن إطار «الهيمنة» على راحته، وهدوئه، بل قدرته على الاستفادة من مساحاته الزمنية، والمكانية، والنفسية على حدٍّ سواء...
وإن كان ما لديه من المواقف في الحياة مع الآخرين، أو حتى مع نفسه، فإنَّه إن تركها دون حلول، ودون مواجهة أي بمعنى دون «تصفية» «أولاً بأول»، فإنَّه سيجد نفسه مصاباً بنوع من أنواع «السلوك» التي قد تصل في «أحيان» إلى الأمراض النفسية...
لكن كيف تكون «تصفية» المواقف مع الآخر؟!
عادةً ما توسم التصفية «بالكيل» و«الإحاكة» و«الانتقام» فهذا المنحنى الوحيد الذي تُفهم به عبارة «تصفية»، بينما «التَّصفية» تعود إلى «الصفاء»، والصفوُ هو ما خلا من الشائبة، لكن الإنسان تعوَّد أن يفسِّر الكلمات حسب ما يوجِّه لها نواياه بدلالات هذه النَّوايا، وغالباً ما يندرج المعنى وفق ما يتمُّ له من تفسير في سياق التعامل البشري له في مواقف تتكرر...
السؤال: هل أنت من الذين يصفُّون المواقف أولاً بأول؟
وأيُّ متَّجَه يكون إليه موقفك من التَّصفيات؟... هل تستخدم ورقك الأصفر، أو الأحمر، أو الأبيض كما يفعل حكام الرياضة؟
أم تحسم من حساباتك الأفراد الذين يسبِّبون لك «الإزعاج» بأيِّ شكل يكون عليه؟ كما يفعل مسؤولو الشؤون المالية بحسم جزء من راتبك تصفيةً لغياب، أو لعقاب؟!... أم أنَّك تُسقِط الآخرين أولاً بأول من قائمة معارفك عندما تجد أنَّهم بحاجة لأن ينحسروا عن طريقك؟... أم تضع أمامك موقفاً موقفاً وتضع حوله دائرةً ومن ثمَّ تنتظر فرصتك كي تقدم له الصفعة المناسبة التي تشفي «غليلك»؟!
أم تمرِّر على كلِّ موقف يدك وتمحوه كما يمحو الكفُّ ظاهر الغبار عن أيِّ سطح يقابله؟ وإن فرغت من كافَّة ما لديك هل تشعر أنَّك خلو، فارغ؟
وهل ترى الخلو من أيِّ شيء يحتاج إلى «تصفية» تجعلك تشعر بالفقر؟ أم بالغنى؟ وهل تتساوى لديك تصفية المواقف بتصفية رصيدك من «النقود»؟...
أسئلة تحتاج إلى وقفة مع النفس أولاً بأول!!!.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved