الحمد لله القائل: {إنَّ هّذّا پًقٍرًآنّ يّهًدٌي لٌلَّتٌي هٌيّ أّقًوّمٍ وّيٍبّشٌَرٍ پًمٍؤًمٌنٌينّ پَّذٌينّ يّعًمّلٍونّ پصَّالٌحّاتٌ أّنَّ لّهٍمً أّجًرْا كّبٌيرْا} [الإسراء: 9]، والصلاة والسلام على من اتبع الهدى، واتخذ من كتاب الله دستوراً ومنهاجاً للأمة، فتحقق العدل والخير، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وانتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها عندما سار الخلفاء الراشدون على نفس الأثر والهدى.
ولقد أخذت مملكتنا المحفوظة بحفظ الله سبحانه وتعالى - بوصفها قلب هذه الأمة النابض - على عاتقها مهمة تبليغ هذه الرسالة السامية، وتمسكت في مسيرتها بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، مستخدمة في ذلك وسائل متنوعة ومتعددة، من أهمها العناية بكتاب الله الكريم، الذي تطورت العناية به منذ تأسيس هذا الكيان العظيم على يد الملك الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي كان يؤمن بأنه لا سبيل إلى صلاح هذه الامة إلا بالعودة إلى كتاب الله الكريم وتطبيق شرعه القويم، وتضمنت كلماته وخطبه الربط الواضح بين عزة الأمة وانتصارها، وتمسكها بكتاب الله الكريم والعمل به، فكان من أولويات اهتمامه - رحمه الله - العناية بكتاب الله الكريم وحفظته، الذين أخبرنا عنهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته).
وأخذت صور العناية بالقرآن الكريم منذ عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وحتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - أشكالا متنوعة بين حفظه في السطور وفي الصدور، ومنها العناية بطباعة القرآن الكريم التي بلغت قمتها في الدقة والابداع في إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، كما أقيمت جمعيات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، وخصصت إذاعة مستقلة للقرآن الكريم.
ومن بديع هذه الصور المشرقة للعناية بكتاب الله إقامة المسابقات القرآنية الدولية والمحلية، التي رصدت الجوائز القيمة، تشجيعاً لأبناء المسلمين بعامة، وأبناء المملكة بخاصة، على الاقبال على كتاب الله الكريم حفظا وتجويداً وتفسيراً ومن هذه المسابقات الخيرة المسابقة على جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض المحلية، لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات، التي رصد لها - حفظه الله - دعماً سنويا سخياً، فكان لذلك أكبر الأثر في نفوس أبنائه وبناته من حفظة كتاب الله، وحافزاً على التنافس الشريف في هذا الميدان وقد آتت - هذه الجهود الخيرة في العناية بتعليم كتاب الله والتسابق المبارك في حفظه وتجويده - أكلها في كثرة حفاظ كتاب الله والتنافس في ذلك بمستويات مشرفة.
وقد شرفت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بتنظيم هذه المسابقة، فوضعت لها الشروط والضوابط التي تضمن بعون الله وفضله - من خلالها - أن تكون على أعلى وأرفع المستويات، كما عملت على توفير كل سبل ووسائل الراحة للمتسابقين، وخاصة القادمين من خارج الرياض بالشكل الذي يليق بأهل الله وخاصته حتى تحقق الجائزة الهدف السامي الذي وضعت من أجله، وذلك من خلال لجان عمل متكاملة يوجهها ويتابعها متابعة حثيثة معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، الذي لم يأل جهداً ولا وسعاً إلا بذله في هذا المجال، نسأل الله أن يجزيه بالحسنى وزيادة.
فجزى الله ولاة الأمر في هذه البلاد الطاهرة المباركة خير الجزاء على ما قدموه وما يقدمونه في خدمة كتاب الله وحفظته، ونسأله أن يجزل الأجر والمثوبة لأمير الخير والعطاء سلمان بن عبدالعزيز على هذه المكرمة الغالية، وأن يخلف عليه خيراً مما أنفق، وإني بهذه المناسبة أقترح أن يُخصص - حفظه الله - مسابقة في السنة النبوية حفظاً وبحثاً وتخريجاً وتدويناً باسم - الذي انتقل إلى جوار ربه - صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلمان بن عبدالعزيز، نسأل الله أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته، وتكوين أمانة خاصة بهذه المسابقة في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، نسأل الله ان يحفظ هذه البلاد عزيزة بدينها وولاة أمرها وترابط أسرتها، وأ يجنِّبها كيد الكائدين ويرد عنها حقد الحاقدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
* وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الأوقاف. |