* نيويورك - خدمة الجزيرة الصحفية:
أصبح بيلي كولنز معتادا على كثرة اللقاءات خاصة بعدما حصل على لقب «شاعرامريكا الاول العام الماضي، واليوم لابد أن يؤجل كتابة قصيدته الجديدة وذلك لإجراء بعض المحاورات عبر الهاتف، جلس الشاعر الكبير الذي لا يقضي فترات طويلة في منزله بمنطقة سومرز بولاية نيويورك، وكونه أكثر الشعراء ظهورا في وسائل الإعلام فقد طار كولينز من ولاية إلى ولاية يتحدث في المدارس والجامعات والمكتبات عن الشعر، ومن سبتمبر وحتى ديسمبر قطع كولينز 38 رحلة طيران، وقد عاد مؤخرا من رحلة إلى نيوزيلندا،وقد مر على 18 توقيتاً دولياً مختلفاً، وشاهد خمسة أفلام في هذه الرحلة، ويمزح كولينز بشأن لقب شاعر امريكا الاول قائلا أن هذا اللقب قد صمم خصيصامن أجل «أن يصرف الشاعر خارج إطار مهمته التي بدا أنه قد أجادها»، وبالإضافة إلى مقابلاته العديدة، يقوم كولينز بإدارة حلقات للقراءة في مكتبة الكونجرس، كما أنشأ مشروع «180 بيتا من الشعر» وهو برنامج وضعه خصيصا من أجل طلاب المرحلة الثانوية،ويقول كولينز: «إن كل الأطفال يولدون شعراء بالفطرة، ولكن عندما يصلون إلى سن البلوغ، فإنهم يفقدون الشعر، أو ينزع منهم نزعا، أو الأسوأ من ذلك..يبدأون في كتابته!»ومشروع «180 بيتا من الشعر» يرمي إلى علاج ذلك عن طريق إعطاء الطلاب 180 قصيدة إلزامية، بمعدل قصيدة في كل يوم من أيام السنة الدراسية، وهذه القصائدمنشورة على موقع مكتبة الكونجرس على الإنترنت www.loc.gov/poetry/180/ ويطلب من الطلبة أن يقرؤوها بصوت عال، أو من خلال ميكروفون الإذاعة المدرسية، بدون أن يخوضوا في تحليل هذه الأبيات، ويختار كولينز هذه الأبيات بناء على «شفافيتها» وقدرتها على إبراز الشعر ك «بهجة لأذنيك، الذي يحمل إليك متعة مباشرة». ويخطط كولنز إلى تغيير النصوص ال 180 المختارة للعام الدراسي القادم، «لتتغير مثل الألبومات الغنائية»، وبالرغم من ازدياد شهرته، فإن مهمة كولينز الأساسية لم تتغير، فهو يعمل كأستاذ للغة الإنجليزية بجامعة ليمان، إحدى جامعات سيتي بولاية نيويورك، ويريد من الكتاب أن يدركوا أهمية الوضوح في كتاباتهم، والحاجة إلى «تحديث اللغة»، ولكي يتم ذلك، يقول كولينز إن الفرد يجب أن يحافظ على درايته التامة بكيفية استخدام اللغة، ويقول: «إن عدوك هو الرتابة» تلك الكلمات التي طالما نظمت بجوار بعضها البعض« نفس نوع اللغة التي تسمعها في الإعلانات ووسائل الإعلام، وإذا ما وجدت اللغة رتيبة، فذلك بسبب أن الكتاب «يستخدمون مجموعة معينة من الكلمات، وليست مفردات بعينها، فالشعراء ينبغي لهم أن يرفضوا أي نوع من أنواع اللغة الجاهزة المعدة مسبقا» ،وكولينز الذي نشرت له سبعة دواوين من الشعر خبير في استخدام العبارات الطبيعية، يتجنب بقدر الامكان «الحوارات الاجتماعية»، و يبدأ قصائده ب شيءبسيط، شيء مألوف للجميع، ويسمح للقصيدة بأن تصبح أكثر غموضا كلما غاص القارىء فيها أكثر وأكثر، فلابد أن تأخذك القصيدة إلى مكان ما، فلابد أن تجد نفسك قد تحركت من مكانك، انتقلت إلى أماكن بديعة حيث تتغير فيها قوانين المنطق نعم هذه عبارات خلابة، ولكن الكثير من الشعراء يمكن أن يقولوا الشيء نفسه عن أعمالهم، فما الذي يجعل كولينز مختلفا؟ كيف يقوم بتحديث اللغة؟كولينز يقول إنه ليس متأكدا بشأن كيفية الإجابة عن هذا السؤال، ولكنه يبدأبقوله إنه يركز على بيت الشعر.. «إن الشيء الأساسي الذي جذبني إلى كتابة الشعر كان بيت أو بيتين، ربما صورة جمالية، وأنا أستطيع أن أبحث في القصائد لدقائق قليلة، وبعدها أستطيع أن أحدد بسن قلمي تلك الصور الجمالية المثيرة بين سطورها، فالتخاطب بيني وبين القصيدة قد يحدث في بيت واحد، ثم بعد ذلك يأتي الإيقاع متناغما من بيت لآخر، ثم يبدو كل شيء كوحدة واحدة في النهاية»،وقال كولينز: إن ما يجعل شعره متفردا عن غيره «ربما بسبب تلك الشخصية التي أخلقها في أشعاري، والتي تتحدث عني، هذه الشخصية ليست لها حياة خيالية، ولكن نبرة صوت حقيقية، وهو لشخص جذاب للغاية؛ في الواقع هو نسخة معدلة من شخصيتي»،ويوضح كولينز أن القاص يقوم بصنع العديد من الشخصيات، ولكن مهمة الشاعر هي خلق شخصية واحدة، صوت واحد مميز، وبالنسبة لكولينز، فهذا الصوت يحاول أن يمزج بين الجد والهزل «من أجل أن يوازن بين الاتجاهين.
ويقول كولينز: «إن السخرية مهمة، لأنه يوجد الكثير من المبالغة في التباهي في الشعر، والسخرية أداة من أجل التقليص، وأداة للحماية، وطريقة من أجل محاولة هزيمة الذات».
ويضيف قائلا : للأسف فإن الشاعر عادة ما يقدم اتجاها واحدا من تلك الاتجاهات،وهو الاتجاه الجدي، وكأنما السخرية مفصولة عن كل من الحياة الحقيقية، وكذلك الأدب، ولكن في التجارب الحقيقية، فإن الكوميديا والتراجيديا يختلطان معا إنهما يصقلان بعضهما البعض». وهذه الازدواجية هي ما يحاول كولينز أن يصل إليه من خلال أعماله، ويتابع كولينز قائلا: «إن الفكاهة هي ذلك الرجل الذي يقفز من على منصة الغوص ببدلة الغوص حول كاحليه، والسخرية هي الكلور في حمام السباحة، الذي تحصل عليه الفكاهة عندما تختلط بالجدية»،وكولينز مثله مثل الكثير من الشعراء، يرى نهضة شعرية مستمرة في أرجاء الولايات المتحدة، ولكنه يشعر بالقلق من أن الناشطين من أجل الشعر لا يزال معظمهم عبارة عن شعراء يتحدثون إلى شعراء آخرين، وهذا يمكن أن يمثل مشكلة، لأن الكتاب المحترفين لا يتقبلون الدعوة إلى الإبداع بجدية كافية خاصة عندما تأتي من شعراء مثلهم، وحذر قائلا: «إن الشعراء لابد أن يتكاتفوا بنفوذهم معا ولكن بطريقة غير ملحوظة، إن الإبداع في الحقيقة هو القدرة على التأثير ولكن بطريقة غير فجة»، أما الآن فإن كولينز لا يلقي بالا لرحلته التالية إلى المطار، فهو يفكر في قصيدة يكتبها، وعن كتابه الجديد «الخيول التسعة» والذي سوف ينشره دارراندوم هاوس في الخريف
القادم، وبعد العشرات من اللقاءات والحوارات فإن كولينز ربما يعتقد الآن أن كتابة الشعر ترضيه أكثر من مجرد التحدث عنه.
كريستيان ساينس مونيتور «خاص» |