Friday 10th May,200210816العددالجمعة 27 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الطريق إلى القوة الرادعة الطريق إلى القوة الرادعة
فؤاد أحمد ابراهيم

إذا كان المسلمون يريدون العزة لأجيالهم المقبلة، وهذا أمر واجب لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فإنه يمكن لهم دخول مستقبل عزتهم الحقة من باب بناء أجيال المستقبل أي الثروة الوطنية الحقيقية لتحل محل النفط الناضب، فهذه العزة لن تكون دون استنهاض قوة العلم.
إن اليابانيين لجأوا الى المقاومة والحرب «الكاميكاز» ضد الأمريكيين لكن عندما تيقنوا من عدم النصر لم يكن أمامهم إلا ان يحسموا أمرهم من جديد، فقرروا ان يبنوا اليابان القوية المعاصرة، يابان المعجزة الاقتصادية التكنولوجية، وعمدوا الى تضحية العمل والانتاج المنتظم واعادة البناء الشامل رغم المحرقة النووية التي أصرت أمريكا على عقابهم بها، أطفالا ونساء وشيوخا، حتى أصبح اليابانيون شركاء في الانتاج والحضارة لا يستغني عنهم عدوهم.. بل ينافسونه بإنتاجهم المتقدم في عقر داره.
ان التربية الواعية التي تزرع في أبنائنا العطاء والانتاج وبذور التقدم الحضاري المنشود هي سلاحنا الاستراتيجي في مواجهة العدو الاسرائيلي حينما نعد الأطر البشرية العلمية والتقنية لادارة دفة التنمية الوطنية، فنحن نستعمل منتجات الحضارة ولا نعرف كيف ننتجها، ونعيش على هذا الكوكب وكأننا غير مطالبين بالابداع فيه، وقد فقدنا آلية العمل المنتج، ونكتفي بمظاهر الحضارة الحديثة والاحتفاظ بعقلية لا تعين على تحقيق الأهداف.
إن التربية أهداف تتناول الجسد والعقل والعاطفة والمجتمع والقلب والروح والوطن والانسانية، ومن واجب المربي ان يربي المتربي العربي على الايمان بأن العلم قوة وهو الطريق للتقدم والحضارة.
الحضارة الغربية ليست نتاج ثورة أو طفرة نوعية، إنما هي محصلة لتراكمات هائلة وسلسلة ممتدة على طول امتداد التاريخ البشري من التحولات والحركات الثقافية والاجتماعية والمكتشفات العلمية والسياسية الكبرى، وأي تقدم منشود في أي مجال اقتصادي أو سياسي أو ثقافي لا يمكن تحقيقه بالبدء من نقطة الصفر أو الانعزال عن العالم ومقاطعته وفق منطق تقسيم العالم الى فسطاطين متصارعين في معركة البقاء نكون نحن فيه الأضعف ويصل بنا الى مواجهة غير متكافئة، كما حدث في أفغانستان، بين دول غربية ذات امكانات مادية هائلة ضد جماعات اسلامية فقيرة ناقمة في صور أعمال انتقامية كرد فعل ضد القهر الذي تعاني منه تلك الجماعات، وفي قبالها عمليات عسكرية مضادة تؤكد بطش القوى الغربية وهيمنتها على العالم.
من الخطأ وضع هذا التقابل بين الاسلام والغرب، فالاسلام في الشرق والغرب وليس أدل على ذلك من تلك المظاهرات التي رأيناها في مختلف الدول الغربية الرافضة للعدوان الاسرائيلي.
إننا لم نعرف كيف نسلك الطريق الى القوة الرادعة والفاعلة.. المنصوص عليها في كتابنا القويم الذي يعلمنا أيضا ألا نلقي بأنفسنا الى التهلكة، فالمسلمون الأوائل كانوا مع عالمهم شركاء فاعلين في صنعه، بل كانت لهم السيادة عليه بالابداع العلمي والتفكير العقلي والتسامح الديني والانفتاح الحضاري.
لنتجاوز مرحلة اليأس الى الفعل الحضاري والتاريخي في هذا العصر الذي يمكننا من الانتصار، ويجعلنا شركاء حضارة في واقع العالم لا مجرد ضحايا إثارة على شاشاته، وان نبدأ صنع وقفة العصر الحضارية العربية المنشودة ونفض وعثاء سفر العرب عبر أزمان تراجع فيه صيت العرب، واجتياز خيبات أمل الزمن الغافل وفتح أذهان شباب العلم وتزويدهم بإمكانات الازالة الذاتية للاحباط، وشحذ هممهم للعلم والاستفادة من تقنيات الحضارة ومعطيات العلم.. كلما خيبتها الأحداث السياسية.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved