Thursday 9th May,200210815العددالخميس 26 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الخطر القادم.. الهيمنة الاقتصادية! الخطر القادم.. الهيمنة الاقتصادية!
358 مليارديراً يملكون نصف ثروات العالم
ثلاثة من أغنياء أمريكا ثروتهم اكثر من افريقيا زيادة نفوذ البنك والصندوق الدوليين
د. توفيق السويلم

تمارس الدول الصناعية والغربية الكبرى أساليب قد يبدو ظاهرها في صالح الاقتصاد الدولي ولكن باطنها له أبعاد اقتصادية أخرى حيث ترعب ضجة العولمة الكثير من الدول النامية ومؤسساتها التجارية والصناعية وهي كلمة حق يراد بها سيطرة الشركات العملاقة وشركات الدول الصناعية الكبرى على الأسواق العالمية، ولجأت الدول الرأسمالية بتقنين هذه الآلية من خلال اتفاقية وشروط منظمة التجارة العالمية WTO ، وتكونت كيانات واتحادات اقتصادية عالمية للاستعداد للعولمة القادمة.. فهل هذه العولمة هي الاستعمار القادم؟!
تشير المصادر إلى اختلاف المختصين في تعريفهم ونظرتهم للعولمة، فالبعض يرى أنها ظاهرة تصبح خلالها عملية انتقال البضائع والأموال والأشخاص والمعلومات قائمة على الحرية المطلقة، وبالطبع هذا الرأي يؤيده المختصون في الجانب الاقتصادي، ويذهب البعض الآخر إلى أنها اطلاق مفهوم الحرية والمساواة المطلقة في البعد الاجتماعي والأخلاقي حيث تختفي في ظلها الهوية الوطنية للأشخاص، ويذهب فريق ثالث إلى أنها فكرة تعبر بصورة غير مباشرة عن إرادة الهيمنة على العالم بواسطة التقدم الهائل الذي شهدته أوروبا وأمريكا في الفترة الأخيرة، وتختلف النظرة إلى هذه الظاهرة أيضا فالكثير وبخاصة في دول العالم الثالث يرى أنها هي الاستعمار الجديد، والآخر يرى أنها هي الإقطاع الدولي الحديث وثالث يرى أنها خطوة كبيرة لأمركة العالم وفرض نموذج محدد على دوله، ورابع يرى أنها هي السبيل لتحقيق التقدم والمساواة بين شعوب العالم أجمع.
إن الراصد لظاهرة العولمة يجد أنها طالت جميع المجالات سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية، فعلى الجانب الاقتصادي نجد أن ملامح العولمة يتمثل البعض منها في:
1 ظهور التكتلات الاقتصادية العالمية، وظهر ذلك بوضوح خلال عقد التسعينيات متمثلاً في تجمعات اقتصادية بين العديد من دول العالم مثل تجمع النافتا لدول أمريكا، والاتحاد الأوروبي، ومجموعة الآسيان، وعلى المستوى العربي ظهر مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
2 إنشاء منظمة التجارة العالمية WTO عام 1995م التي وضعت ضوابط وقواعد للتحكم في السلع والخدمات وحقوق الملكية الفكرية وتحول مفهوم التجارة لدى المنظمة ليشمل البيئة والعمل وحقوق الإنسان والعمال.
3 ظهور الاندماجات الضخمة بين الشركات العالمية مثل اندماج شركتي مرسيدس وكرايزلر في مجال السيارات وفي مجال النفط اندمجت شركة أكسون مع شركة موبيل وغير ذلك من الاندماجات في المجالات الأخرى.
4 الشركات متعددة الجنسيات التي احتكرت أسواق العالم في المنتجات والخدمات.
5 زيادة نفوذ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فالأول يحافظ على استقرار النقد الدولي، والثاني يقوم بإقراض وعمل دراسات جدوى لمشاريع التعمير والإنشاء في الدول الفقيرة بشروط مجحفة.
ويتضح في هذا الجانب أن العولمة ترتكز على فكرة وحدة السوق وإزالة العوائق أمام حركة رأس المال، وحرية الاقتصاد مع تركيز عملية الإنتاج في الدول المتقدمة وعملية الاستهلاك في الدول الفقيرة، وأصبحت عملية انفتاح الأسواق هي السائدة، وهذا زاد من تبعية الدول الفقيرة للدول الغنية تبعية تامة.
أما الجانب السياسي، نلاحظ أن المؤسسات العالمية التي كانت تتمتع بمكانة مرموقة لدى دول العالم المختلفة أصبحت مسلوبة الإرادة، حيث هيمنت عليها الدول المتقدمة وأصبحت تسيرها وفق مصالحها ويظهر ذلك جلياً في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
أما الجانب الاجتماعي والثقافي نجد أن الدول الغنية أيضا اتجهت لفرض هيمنتها على الدول الفقيرة وذلك بنقل عاداتها وقيمها وتقاليدها إلى تلك الدول بواسطة نقل السلوكيات والعادات الغربية من خلال القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت وعقد المؤتمرات الدولية المنادية بحرية المرأة والتنمية الاجتماعية للمجتمعات البشرية وحقوق الطفل والشباب.
ويعتبر الجانب الثقافي هو من أكثر الجوانب التي يتخوف من تأثير العولمة عليه فالبعض يرى أن عولمة الثقافة تعني أن نمحي ثقافات عديدة ومتنوعة، وهذا سوف يؤثر سلبا على الشكل الحضاري للعالم القائم على هذا التنوع الثقافي، وتحاول الدول المتقدمة فرض ثقافتها على الدول النامية بوسائل متعددة ومتنوعة مثل القنوات الفضائية والإنترنت ووسائل الإعلام والإعلان وما تبثه هذه الوسائل من مواد ثقافية لا تتلاءم مع ثقافات الدول المغزوة.
ومن المهم هنا أن نحدد بعض مخاطر العولمة في الجوانب المختلفة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية ومن المخاطر الاقتصادية:
1 20% من سكان العالم يملكون 80% من ثرواته وفي نفس الوقت نجد أن 80% من سكان العالم يملكون 20% من ثرواته.
2 358 مليارديرا يملكون حوالي نصف ثروات العالم.
3 ازدياد أعداد البطالة والفقر خصوصا بعد ازدياد استخدام التكنولوجيا في عمليات الإنتاج.
4 ثلاثة من أغنى أغنياء أمريكا ثروتهم أكثر من ثروة قارة أفريقيا كلها التي بها 600 مليون نسمة.
5 الدخل اليومي لحوالي 30% من سكان العالم يقل عن دولارين، و 20% من سكان العالم يقل دخلهم عن دولار واحد.
أما المخاطر الثقافية فهي أشد وطأة حيث نلاحظ محاولة سيطرة الدول الغنية على الدول الفقيرة وفرض ثقافتها عليها وتعمل جاهدة على صهر ثقافات العديد من الدول وخصوصا الفقيرة في ثقافة واحدة هي الثقافة الغربية ومحاولة جعلها هي النموذج للثقافة الصحيحة مستغلة التقدم التكنولوجي في مجالي الاتصالات والمعلومات وما يبث عبر الفضائيات ومحاولة تفريغ الهوية الوطنية لشعوب الدول الفقيرة ومن ملامح ذلك:
أ. تتيح قواعد منظمة التجارة العالمية المساس بخصوصيات ثقافية لكثير من الدول النامية تحت دعوى تسهيل انسياب التجارة.
ب. 90% من برامج الإنترنت تبث باللغة الإنجليزية مع أن العالم يوجد به حوالي 6000 لغة.
ج. الضغط على الدول تحت دعوى حماية الأقليات، ويظهر هذا جلياً في العالم الإسلامي وما يواجهه من تحديات كبرى نتيجة هذه الضغوط غير العادلة.
د. السيطرة الإعلامية والإعلانية على دول العالم حتى كاد العالم أجمع يسير وفق توجيهات الرأي العام العالمي تقوم به شركات الإعلام الكبرى، ويتضح ذلك جلياً في الأحداث الأخيرة التي حدثت في 11 سبتمبر 2001م بأمريكا.
ولكن على الرغم من المخاطر والسلبيات الموجودة في العولمة إلا أن هناك بعض المكاسب والمميزات فعلى الجانب الاقتصادي فمن الممكن للدول النامية أن تستثمر بعض هذه المميزات إذا أحسنت استخدام إمكاناتها المادية والبشرية وتتضح هذه المميزات في:
1 الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية سيؤدي إلى إزالة معوقات كثيرة تقف في سبيل التنمية وإلى تحديث الأنظمة وإزالة العقبات أمام الحركة الاقتصادية.
2 انفتاح الأسواق وحرية التجارة وإزالة الرسوم الجمركية.
3 سوف يظهر التنافس بين الشركات مما يؤدي إلى ظهور خدمات على مستوى جيد وبتكلفة أقل.
4 الاتجاه نحو تخصيص الشركات العامة التي تعاني من سوء الإدارة وضعف الإنتاجية مما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة مما يؤدي إلي ارتفاع مستوى الخدمات.
5 استغلال التكنولوجيا الحديثة مثل الإنترنت وإطلاق الحرية للتعبير عن الآراء على هذه الشبكة مما يساعد على الدفاع عن قضايا العالم الثالث.
لذا، فمن الضروري أن تقوم الدول النامية بإعداد مؤسساتها وشركاتها حتى تستطيع مجابهة التحديات التي تواجهها خاصة في المجال الاقتصادي نظراً لانفتاح الأسواق وحرية التجارة الدولية وإزالة الحواجز الجمركية إضافة إلى مواجهة منتجاتها الوطنية منافسة شديدة في الأسواق العالمية.

مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved