Thursday 9th May,200210815العددالخميس 26 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

إحالات إحالات
وَحَوْرَاءَ مِنْ بَكْرٍ تَوَرَّدَ ثَغْرُهَا
محمد العُمري

هذا مطلع القصيدة التي أردت التحدُّثَ عنها بوصفها نموذجاً، ونشرتها «الجزيرة» يوم الاثنين 2 صفر1423هـ، إلا أنني تراخيت عن تبييض ما كتبته من تأسيس نظري كنت أرجو أن يكون الجزء الأول من حديثي وأُتبعُه بآخر على أن يكون نظراً في متن النص، ما الذي أفعله، على أي حال، هذه قصيدة لا أشك في قيمتها الجمالية وفرادتها ولافي كونها ذات منحى إنساني هو مكان التقدير، إنما الذي يدهش هو ذلك التوازي بين الفن والفكرة، إن قصيدة«أنت الوسام» لعبدالله بن ثاني هي في حسباني نموذج جمالي قوي تتوازى فيه الفكرة مع الفن الخالص في تناغم مدهش شديد الإثارة وهذه مسألة لايبلغها كل أحد.. إذن ماهو مطلع النص؟؟:-


وحَوْراءَ من بكْرٍ تَوَرَّدَ ثَغْرُها
بتاج الصَّبا تسبي نُهى من أرادها..،

إن ما أسمَّيه الإحالة إلى الغياب في مطلع النص كان استهلالاً هو خاصية شاعرية لايلتفت لها إلاّ عقل جمالي حادُّ الذكاء..، ذلك ممّا يوسع أفق النص فلا يجعله ضيِّقَاً أو أقل من/ فكرة المطلق المعرفي الجمالي/، لأنَّ كل نموذج جمالي ينبغي أن يكون موراناً يختلط فيه المعنوي بالحسِّي والمجازي بالدِّلالي، وذلك في حقيقة الأمر، أعده مطلقاً معرفياً هو الذي يعطي النَّصَّ صفة علوِّه وفرادته..، إن تَنَزُّل النص في نطاق العلو الجمالي إنما يتأتى بإيقاع النظم في نظام دلالي مبتدع..، هذا النظام الدِّلالي المبتدع يظلُّ نظاماً سنده المعرفي صفة العقل الجمالي وهو إذن دلالة مطلقة متحوِّلة ترادف الدِّلالة المقيدة المستقرَّة للغة، هذه الدِّلالة المتحوِّلة يُسوِّغها الإمكان الجمالي في اللغة، وكون اللغة ذات إمكان جمالي يعني بالضرورة ان ذلك الامكان لابد أن يكون نظاماً، إلاً أنه نظام العقل الجمالي الفرد، إنني لاأبالغ إذا قلت إن قصيدة عبدالله بن ثاني نموذج شديد الدِّلالة على الفكرة التي أريد التحدث عنها، فكرة أنه ليس من شرط الشعرية أوعلو الشعرية في النص الأدبي أن تغرق الفكرة في الصياغة الأدبيَّة أوالتعبيرالأدبي، إنني أقول: من شرط الشعرية انزياح الدِّلالة، لكنه ليس من شرطها غرق الفكرة التي يريد النص نقلها أوالتعبير عنها.
ومن المشكل أنه قد استقر في ذهن فئة كبيرة من المتأدبين أن هنا تضادّاً بين شعريّة اللغة ومحتوى اللغة أو الفكرة التي تريد اللغة أن تقولها..، ونحن كنا نلمح كثيراً إلى ترادف مفهومي الأدبيّة والمجاز، وهذا يعني أن علو أدبيّة النص إنما تكون على قدرعلوِّ مجازيته أو على قدرعلو المجاز فيه، إنما ذلك لاينافي أن ينطوي المجاز على محتوى أو فكرة لاتحيد عن طبقة الدِّلالة المستقِرَّة للُّغة، أي أنه لايكون المجاز على وجه من تزاحم الصُّور الشِّعرية أو اعتساف التجاوربين المفردات، إننا كثيراً ما نلاحظ تزاحماً هو فني بالضرورة بين صفة اللغة في طبيعتها المجازيَّة وصفة اللغة في خاصيتها الدِّلاليَّة، أي أننا بإزاء صياغة ذات وجهين اثنين نقرأفي أحدهما صفة المجاز وفي الآخر صفة المعنى.
هكذا هو نص عبدالله بن ثاني، إنه بلُّورة لغويةٌ تشف عن أي شيء، إنْ أردته يشفُّ عن المجاز كان كذلك، وإن أردته يشفُّ عن المعنى كان كذلك.
إن اللغة في النص تشبه الموجة، تتعالى إلى ذروتها ثم تتراخى، هذه فيزياء ذهنيّة لغوية وهي نظام، في الطبيعة موجة، الوحدات الأوَّليَّة تأخذ نظام الموجة في حركتها، ووحدات اللغة تأخذ نظام الموجة في مورانها، هذه مماثلة بحاجة إلى نظر، لله درك يا ابن ثاني، لقد أطربتني والله، ألست تقول:-


كأن وميض البارقِ الحلو صاغَهَا
بَشَهْدِ الثُّرِّيا دَعْدَها وسُعَادَهَا..

إننى أرجو أن أنظر في متن النص بشكل أوسع.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved