Monday 6th May,200210812العددالأثنين 23 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

القصيم سلة غذاء المملكة2 / 6 القصيم سلة غذاء المملكة2 / 6
بريدة.. العقد الفريد في نحر القصيم
إعداد : محمد بن عبد الكريم الحنايا

  تواصل «الجزيرة» رحلاتها بين مناطق المملكة الثلاث عشرة لتلقي مزيداً من الضوء على المدن والمحافظات من خلال رصد متنوع الاتجاهات ولتنقل قارئها العزيز إلى أجزاء غالية من وطننا الكبير المملكة العربية السعودية في رحلة سياحية متعددة المحطات وهي بذلك وانطلاقاً من تقديرها المتعاظم له تتيح أمامه فرصة زيارة هذه المواقع عبر صفحاتها المشرقة.
«الجزيرة» تحط رحالها هذا الأسبوع في منطقة القصيم أو سلة غذاء المملكة كما يصفها البعض ...
وتستعرض أهم الجوانب الخاصة بالمنطقة من خلال لمحة عامة تبرز فيها عدداً كبيراً من الأرقام والحقائق التي يستطيع القارئ من خلالها الوصول الى التصور الأمثل لمنطقة القصيم وما تحقق فيها من انجازات تنموية وحضارية تجسد مدى العناية الفائقة بهذه المنطقة الغالية.
جامع خادم الحرمين الشريفين ببريدة
تبدأ «الجزيرة» جولتها القصيمية بمدينة بريدة القاعدة الإدارية أو عاصمة المنطقة.
تلكم المدينة الساحرة بطبيعتها المتميزة بموقعها، الزاخرة برجالها الذين سطروا أروع الأمثال في العصامية والتضحية والكفاح.
«بريدة» الانشودة الحالمة في ثغر القصيم، بريدة العقد الفريد في نحرالمنطقة تزهو بهاء ونماء.
هذه المدينة في قلب صحراء الجزيرة بتاريخها وجغرافيتها وبمروجها ورمالها تأسر القلوب مع المقل..
بريدة تبتسم مع اشراقة شمس كل صباح ابتسامة بلابل الدوح لتعيش يوماً جديداً حافلاً بالعطاء والنجاح.
وهي كذلك عند المساء تستجمع القوى بقلب ينبص بالحياة والحب والتفاؤل لاستقبال يومها التالي لتسجل من جديد عطاءات أخرى ضمن سلسلة المسيرة المتميزة.
أخدار جنوبها زادتها جمالاً وحياء وحركة أسواقها بوأتها نبضا متدفقا وقناطر مياهها اكسبتها وهجا حيا من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها تبدو دوحة وارفة الظلال تظهر من خلالها بناياتها الشاهقة كتلال ثلج منهمر.
انها بحق صورة معبرة تلهب الشعور والمشاعر وتستنطق الشاعر حينما تفيض كنانة ابداعاته بايحاءات وباحات «بريدة».
نشأت مدينة بريدة صغيرة كأية مدينة أخرى على المعمورة فكانت بداية عمرانها قبل القرن التاسع وكانت تقبع تحت كثيب من الرمل ويحميها من الأعاصير ويقربها من الماء وأقرب ما تكون نشأتها الأولى البوطة أو العجيبة وهما حيان معروفان أصبحا الآن وسط بريدة وزالت بعض معالمها بسبب التوسعات المستمرة.. وحين امتد العمران وتوسع البناء زحفت بريدة على الكثبان العالية والرياض المنخفضة فكانت طبيعة الأرض في بريدة غير مستوية فهي تشغل الحبل الرملي الواقع على محاذاة الضلع الغربي للدائري وزحفت عن الأرياف الغربية والغربية الشمالية والجنوبية.
ومن الجنوب امتدت لتصل إلى المدينة الصناعية، وأخذ امتدادها من الشمال متوغلاً في أطراف الشقة وقريباً من شرق الصوامع ومن الشرق فتجاوزت النقع من جميع الاتجاهات وتوغلت فيها حتى تجاوزت الضلع الشرقي لدائري بريدة.
هذا الاتساع السريع الملتهم للوهاد والنجاد جعل مدينة بريدة تبدو للرائي في الليل كصفحة البحر حين يأخذه الاعصار امواجا عالية وأخرى منخفضة وفيما بين ذلك تقوم الأحياء السكنية والشوارع والميادين والمنتزهات وقلاع العلم والمعالم والمعاهد والجامعات وقلاع المؤسسات والمصانع والخدمات، ومازالت النهضة العمرانية تمتد على كل الاتجاهات الأمر الذي يصعب معه تحديد الأبعاد العمرانية لمدينة بريدة التي تعتبر المركز الإداري لاقليم القصيم وعاصمته وقلبه النابض وثاني مدينة في المنطقة الوسطى بعد العاصمة الرياض.
تقف بريدة اليوم صرحاً شامخاً وسط نهضة حضارية عارمة تقف تلك المدينة الحالمة وهي توحي بالماضي في وقت تعد مرآة نقية للحاضر تحفها الكثبان الرملية وتزينها الخضرة وجداول المياه العذبة.
يقول الشاعر محمد الجازكي الفارسي:
بريدة هذه بلدة اسلمية
علاوة نجد بل سنا ومسلم
أحاطت بها تلك القرى فكأنما
هي البدر في أفق السماء وهي أنجم
ويريد الشاعر بقوله أسلمية نسبة إلى الاسلمي الذي هو بريدة بن الخصيب الصحابي الجليل حيث ذهب كثير من الباحثين إلى ان بريدة سميت بذلك لأن أصلها كان بئراً لإبل الصدقة حفرها الصحابي الجليل بريدة بن الخصيب الأسلمي رضي الله عنه الذي أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم ليتفقد إبل الصدقة.
بيد ان هناك أقوالا أخرى وردت عن سبب التسمية فقيل سميت بريدة بهذا الاسم لبرودة مائها، وقيل كانت تسمى برزة لبروز أهلها وانفصالهم عن الشماس المدينة الأم وبعد تحريرها من دفع الضرائب بردت لهم فسموها بريدة، وقيل كانت روضة تجتمع فيها المياه فتنبت البردي وقيل كان فيها ملك لامرأة اسمها بريدة.
ومما ساهم في أهمية المدينة موقعها المتوسط الذي اكسبها أهمية قصوى حيث كانت ملتقى الخطوط القديمة والحديثة وكانت مركزاً طبيعياً يربط مدن القصيم ببعضها فهي إلى جانب كونها حاضرة القصيم حلقة اتصال بين مدن المملكة ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر من 600 700م وتقع على خط طول 44 درجة شرقاً وخط العرض 5.26 شمالا تقريبا ومدينة بريدة تحيطها التكوينات الرملية التي تلف بأعطافها من جميع جهات المدينة واحات النخيل الجميلة والبساتين وهي تسمى بالخبوب التي وصفها الريحاني بقوله:
«الخبوب التي تطوق مدينة بريدة كالقلادة من الزمردة في خيط من الذهب لبدوية القصيم».
وبريدة بمبانيها الشاهقة وسط الكثبان الرملية الذهبية ومن حولها المروج الخضراء يسمق في وسطها النخيل بأشكاله وألوانه وما يكتنف ذلك من هدوء ودعة أعطاها مزيداً من الشاعرية والهدوء والبهاء مما حدا بالرحالة والمستشرقين إلى مزيد من الأداء الشعري.
ونظراً لتلك الأهمية التاريخية والجغرافية فقد شهدت مدينة بريدة نهضة حضارية عامة في كافة المجالات وفي مختلف الميادين دفعها لأن تكون واحدة من أرقى مدن المملكة وأجملها وأفضلها تنظيماً.
فمن خلال الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة للنواحي الخدمية والصناديق التنموية توسعت بريدة حتى أصبحت تمتد من الشمال إلى الجنوب بطول خمسة وأربعين كيلومترا تقريبا ومن الغرب إلى الشرق بطول خمسة وثلاثين كيلومترا تقريبا يطوق هذه المساحة المترامية الأطراف الدائري الخارجي لبريدة وهو أحد المعالم الحضارية في المدينة حيث يبلغ طوله 75 كم تقريبا بتكلفة تقدر ب950 مليون ريال سعودي وتبعاً لهذه المساحة الكبيرة لبريدة تزايدت نسبة النمو السكاني في المدينة حتى بلغ عدد السكان حوالي 500 ألف نسمة.
وتضم بريدة عدداً كبيراً من المعالم الحضارية التي ساهمت في ابراز الوجه المشرق لها واعطت صورة حقيقية لحجم الجهود الجبارة التي تقوم بها قطاعات الدولة المختلفة في دعم مسيرة التنمية في هذا الجزء الغالي من وطننا الكبير المملكة العربية السعودية حيث مبنى إمارة المنطقة الذي أضاف إلى المدينة لمسة حضارية رائعة عطفاً على شكله المعماري وطرزه الفريد وتفتخر به كل المنطقة بوجه عام.
ويبدو للوهلة الأولى برج بريدة العملاق كالدرة في منتصف العقد.. إلى جانبه يأتي مركز الملك خالد الحضاري تحفة معمارية ومركز إشعاع دائم لمناسبات بريدة وملتقى لضيوف المنطقة وزائري المدينة، وهو بحق مفخرة كبيرة نظراً لما يمتاز به من تصميم رائع وأشكال جمالية ومسطحات خضراء.
في حين يبرز جامع خادم الحرمين الشريفين وسط بريدة بمآذنه الشاهقة تجسيداً حيا لما تحظى به بيوت الله من اهتمام يفوق الوصف.
أما متحف بريدة وطريقة تصميمه من خلال إطاره الخارجي فهو كفيل بأن يعطي الرائي بعداً حقيقياً لما تمتاز به بريدة من تاريخ موغل في القدم ضارب في أعماق السنين وهو رمز من رموز التراث في بلادنا.
وعلى نفس الطريق يأتي مبنى بلدية بريدة كواحد من أرقى المباني وأكثرها تميزاً وشموخاً.
كما تضم بريدة مدينة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الرياضية ذلك الصرح الرياضي الذي يبرز وبجلاء مدى ما توليه قيادتنا الحكيمة من عناية فائقة لأبنائها الشباب الذين عليهم المعول وهم الأمل بعد الله تعالى.
وفي شرقها يتألق نادي الفروسية وفي شمال بريدة تأتي الاسكان العامة المؤلفة من «950» فيلا سكنية بنموذج موحد كمعلم آخر عملاق ودليل حي على النهضة الشاملة التي شهدتها المدينة في عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله .
وعلى ضفتي المدينة يتربع صرحان علميان عملاقان هما فرع جامعة الإمام وفرع جامعة الملك سعود بينما في وسط بريدة تقريباً تبرز الكلية التقنية والكلية التقنية الزراعية كعلامتين مميزتين في بريدة. وفي الشمال يظهر معلم آخر من المعالم التي تعطي صورة حقيقية لواقع المنطقة وما تمتاز به حيث صوامع الغلال ومطاحن الدقيق التي تشكل سلسلة من الحاويات الخرسانية الضخمة التي تعانق السحاب كما في جنوبها الدوائية التي تعد صرحا من صروح الأمن الطبي في المملكة وهناك معالم عمرانية رائعة يستحيل سردها وذكرها في هذه العجالة.
أما في مجال التعليم فيكفي ان في مدينة بريدة أكثر من ثمانين مدرسة ابتدائية للبنين داخل بريدة فضلاً عن الأرياف القريبة منها والملاصقة لها بيد ان مجمع الأمير سلطان للمتفوقين ببريدة يعتبر علامة مميزة للتعليم عطفاً على تصميمه وأسلوب العمل فيه ومظهره العام.
كما ان مكتبة الملك سعود الواقعة جوار المجمع هي الأخرى تعد معلما ثقافيا بارزا أكد حرص قيادة هذا الوطن على بناء الإنسان بناء متكاملاً.
وأكثر ما يميز بريدة المسطحات الخضراء المنتشرة في الطرق والميادين العامة والحدائق والمنزهات حيث بلغت المسطحات الخضراء أكثر من ستة ملايين متر مربع تزينها بعض الأشكال الجمالية والشلالات المائية المتدفقة ولن نتحدث عن جمال الطرق وما تقوم به البلدية من مساع حميدة في هذا الصدد.
أما في ميدان الصحة فيأتي مستشفى الملك فهد ومستشفى الولادة والأطفال ومستشفى بريدة المركزية كمؤسسات صحية تعني الجوانب الإنسانية إضافة إلى مظهرها المتميز وجمالها الأخاذ.
وحقيقة الأمر ان مدينة بريدة شهدت خلال العقود الماضية جملة من المنجزات الحضارية والتنموية التي لا يمكن حصرها جميعا أو الالمام بها شأنها في ذلك شأن بقية مدن ومحافظات المملكة في ظل هذا العهد الزاهر عهد قائد المسيرة المظفر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز.
وقد اشتهرت مدينة بريدة بالتجارة منذ القدم حيث وصف أمين الريحاني أهلها بأنهم «أهل بيع وشراء ويدبون إلى الأسواق دباً».
يؤكد ذلك الأسواق المتخصصة كسوق التمور ببريدة الذي يموِّل جميع مناطق المملكة ودول الخليج العربي بأشهر التمور «السكري» ويشهد هذا السوق حركة غير طبيعية خلال موسم التمور حيث يدخله ما يزيد عن 1000 سيارة يوميا تحمل ما يزيد عن 50000 الف حاوية تمور تباع في يومها.
كما يأتي في هذا الإطار سوق البطيخ الذي تجند الجهات المختصة طاقاتها من أجل تسيير اموره وتنظيم تصديره إلى مناطق المملكة الأخرى.
هذا إلى جانب سوق الخضار الذي يستمر على مدار العام ويصدر منه يومياً إلى كافة مناطق المملكة كميات هائلة من الخضار.
إضافة إلى سوق الماشية المزدهر ويكفي حياله ان سوق الإبل ببريدة الذي يشكل جزءاً منه يعد أكبر أسواق الإبل على مستوى الشرق الأوسط. ناهيك عن الاتجار والتجارة في النواحي الأخرى.
وحقيقة الأمر انه بإطلالة واحدة على جانب من جوانب الحركة التجارية ببريدة نستطيع ان نصنفها كواحدة من أهم المدن التجارية الصناعية في المملكة والتي كان للرحالة العقيلات دور في إذكائها وتنشيطها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.
ومع تكاثر أسواق بريدة الموسمية واليومية تبقى «الجردة» بتاريخها وعبقها رمزاً للتعاملات التجارية ببريدة.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved