قد يلاحظ بعض القراء غياب بعض المرح الذي كنت أميل إليه في بعض الأحيان في هذه الزاوية. تعودت أن أخاطب القراء بأبسط لغة، فالجد أورثنا الكآبة، ولكني في كل مرة أحاول أن أكتب فيها شيئا من المرح أشعر بالذنب أو بوخز من ضمير. لا يمكن أن أمرح وروحي حزينة. أشعر بحزن لم أشعر به حتى عندما توفي والدي، حزن مستمر وبائس وبلا جدوى. ليس لأني لا أشعر بأننا سوف ننتصر ولكني أشعر بأن المجرمين الذين يقتلون الأبرياء ربما ينجون من العقاب وربما يموتون على نصرهم القذر. فشارون وبيريز تحديداً بلغا من العمر عتيا. ولن يقدر لي أن أرى كيف يواجهان عقابهما. والتاريخ في بعض الأحيان ينسى ويرتق الجراح. فكما يعلموننا في السياسة فإن اصدقاء الأمس يصبحون اعداء اليوم والعكس صحيح. فمن يضمن أن لا يأتي ذلك اليوم الذي تكون فيه برامج السياحة في إسرائيل الأوفر حظاً بين العرب، ومن يضمن لي أن لا تكون البرامج الاستثمارية في إسرائيل هي الأكثر ربحية. فمن الواضح أن الغرب يرى أن أفضل حل لاستمرار إسرائيل هو أن يكون أمنها وازدهارها من مسؤولية العرب. وضعت البرامج وطرحت المشاريع. ربما أرجىء التطبيق قليلا فالطبخة احتاجت إلى مزيد من النار والأرواح فأوكلت المهمة إلى جيش إسرائيل. ربما تبين الغرب أن برامج التعاون بين العرب وإسرائيل لا يمكن أن تنجح في ظل وجود هذه المنظمات الإسلامية. وفي إطار من سذاجتنا المستمرة والحملة التي تقودها أمريكا على ما تسميه الإرهاب وجد الغرب أن الفرصة مواتية لإنهاء كل أشكال المقاومة الإسلامية تحت اسم واحد وشعار واحد.
لا أحب أن أخوض في قضايا مثل هذه فالكلام معاد ومكرر ولا يوجد سياق يتنامى للمساهمة فيه ليصبح الإنسان جزءاً منه فرغم المذابح والمجازر لم تغير أي حكومة عربية موقفها من إسرائيل حتى أن حكومة عربية أعلنت وقف رحلات الطيران المدني إلى إسرائيل وبعد يومين أعادت تسييرها وكأن شيئا لم يكن. وهذا ما تراه في حملات مقاطعة البضائع الأمريكية فكل الذين يدعون الى مقاطعة البضائع الأمريكية يعرفون ان المقاطعة بمعناها الصحيح مستحيلة كنت أتصور ان تكون المقاطعة لرموز أمريكا وليس للبضائع الأمريكية. ان نختار ثلاثة رموز أساسية مثل كوكاكولا وماكدونالدز وكاديلاك ونقاطعها نهائياً، فلو توقفت هذه الرموز الثلاثة عن الحضور في العالم العربي والإسلامي لأحدثت ضجة في الشارع الأمريكي. على أن تكون المقاطعة مقرونة بمكاسب سياسية وليس بإيقاف الحرب على الفلسطينيين. مثل هذا الكلام نقوله من باب براءة الذمة. فالأمة العربية تفتقر الى المؤسسات اوالمنظمات المدنية التي تمنهج أهدافها وتوجه الشارع. من الطرائف المحزنة ان السياسيين العرب يهيبون بالأمة العربية ان تهب من رقادها. والمثقفون العرب يهيبون بالأمة العربية ان تهب من رقادها والرياضيون العرب يهيبون بالأمة العربية أن تهب من رقادها والعسكريون العرب يهيبون بالأمة العربية أن تهب من رقادها ورجال الأعمال العرب يهيبون بالأمة العربية كذلك أن تهب من رقادها إذا كان كل هؤلاء يهيبون بالأمة العربية إذاً من هي الأمة العربية؟
فاكس : 4702164 YARA4U2@HOTMAIL.COM |