اشتهرت في كتب الادب العالمي قصص الحب التي ادت الى نهايات غير سعيدة بموت احد او كلا المحبوبين، ومن ابرز هذه القصص قصة روميو وجوليت، وكذلك فقد اشتهرت في الادب العربي في الجاهلية قصص مثل قيس وليلى وغيرهما، بيد ان هذه القصص في الثقافة العربية لم تكن نتائجها وخيمة بالقدر الذي كانت تسببه قصص الحب في الثقافات الاخرى. ويبدو ان هذه القصص ممتدة الى اليوم الحاضر في بعض المجتمعات الغربية التي تحفل بالتناقضات.
فقد مات محبوبان يبلغ عمر الرجل 29 عاما والفتاة تبلغ من العمر 22 عاما اذ قام كل منهما بأخذ حياته وقد وصف الاثنان من قبل معارفهما بأنهما كانا يعيشان حالة وله وكانا يشكلان زوجا جيدا في التفاهم والود، وقد اشتريا بيتا قبل خمسة اشهر ليستقرا به ويعلنا زواجهما ولكن يبدو انهما لم يحتملا فكرة ان الحياة مر وحلو، وانهما قد تقبلا فكرة ان الآخر مثالي ولا توجد بالحياة منغصات، ولذلك فعندما حصلت مشادة كلامية بينهما واختلفا حول موضوع ما، ما كان من الفتاة الا ان اندفعت للطابق العلوي حيث وجدها الفتى ميتة اذ اخذت حياتها بنفسها. ولم يحتمل الفتى الحياة بعدها فأخذ حياته بيديه بعد اربعة ايام من موتها.
ويعلق جيرانهم المذهولون مما حدث فيقول احدهم: انهما كانا على الدوام يشاهدان معا وهما يضعان بديهما بيدي الآخر، كذلك كانا يخططان سوياًً في كيفية ترتيب وتنظيف البيت الذي اشترياه حديثا ويبدو ان الفتاة لم تحتمل رؤية الفتى بهذه الصورة او لم تتخيل انها ستختلف معه يوما، فآثرت الموت، وهو لم يستطع الحياة بدونها فلحق بها.
وتقول اخت الفتى انه بعد ان وجدها معلقة بالحمام بالطابق العلوي، حاول انزالها الا انها كانت قد فارقت الحياة، وقد تمت مساءلته من قبل رجال الشرطة، ثم اخلي سبيله، وبعد ايام وجدته اخته معلقا بالحمام بحبل وقد شنق نفسه ليلحق بها. وتعلق احدى الجارات انها حين لمحت الاثنين اول يوم انتقلا فيه للسكن بالبيت المجاور لها ذهبت لتسلم عليهما ووجدتهما لطيفين ويفكران سوياً في ترتيب المنزل وتسوية الحديقة الامامية. ولم يكن احد يتصور ان نهايتهما ستكون بهذه السرعة وبدون سابق انذار. اما الشرطة فلا ترى ما يدل على جريمة قتل وتمت تسوية القضية على انها انتحار.
وجدير بالذكر ان هذه المجتمعات الغربية تعاني من فراغ روحي ساحق، ويحاول الكثير التعويض عن هذا الفراغ الروحي حيث لا انتظار للغد او لما بعد الموت بالهروب من هذه الحقيقة او بالهروب من اليوم. ولذلك فعندما يواجه احدهم بمصائب الحياة لا يجد ما يلجأ اليه الا ماديات الحياة او باحاطة نفسه بالصداقات والقصص الغرامية وأشياء ومتع الحياة. وكلما افرط في متع الدنيا كلما ازداد بؤسا واحيانا تصل الحياة حد السأم والملل فلا يجد احدهم ما يفعله وبخاصة وقد نال حظا واسعا من الحياة فتتوقف الحياة بالنسبة له ويموت في تلك اللحظة اذ انقطع امله. وهذا ما تختلف عنه تماما مجتمعاتنا الشرقية التي تؤمن بالقدر والاسباب والمسببات وبعقيدة الحساب والجزاء واليوم الآخر، ولذلك فما يصيب المؤمن بهذه العقيدة من عناء الدنيا يحتسبه عند ربه ويعتبره من كفارات ذنوبه. ولعل آخر الاحصائيات بخصوص مشاكل البؤس والانتحار تشير الى ان سويسرا هي من اعلى المجتمعات الغربية في حوادث الانتحار، والغريب ايضا ان سويسرا ذاتها هي واحدة من افضل الدول العالمية من حيث نسبة رفاهية الفرد ومدخوله ونسبة العطل الاسبوعية والسنوية مما يتيح للفرد التمتع كما يشاء بهذه الدنيا. ولكن يبدو ان سنة الحياة هي الارتفاع والانخفاض تماما كمؤشر نبض القلب الطبي، اذ عندما يتحول هذا المؤشر الى خط مستقيم، او عندما تتحول الحياة الى وتيرة واحدة دون عقبات او مشاكل تفقد الحياة معناها ويأتي الموت، او كما في حالة المجتمعات الغربية يسعى اليه البعض بأنفسهم، اذ تحولت الحياة الى متعة رخيصة لا يستطيع الفرد ان ينظر الى ابعد منها.
عن Independent بتصرف
|