* الرياض الجزيرة:
كانت المملكة العربية السعودية من بين دول العالم التي وافقت بالاجماع في مؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع الاحيائي الذي عقد مؤخراً في مدينة لاهيج في هولندا على تبني استراتيجية عالمية للمحافظة على النباتات الفطرية حول العالم، وإعطاء أولوية قصوى للمحافظة على النباتات الفطرية من خلال وضع وتبني استراتيجيات وطنية لكل دولة وإقليمية لكل منطقة على هدى الخطوط العريضة والأهداف التي وضعتها الاستراتيجية العالمية للمحافظة على النباتات الفطرية.
وقد شاركت المملكة بوفد برئاسة سعادة الأستاذ الدكتور أمين عام الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في مؤتمر الأطراف الذي انعقد خلال شهر صفر 1423ه.
وتأتي هذه المبادرة في اطار تنفيذ ومتابعة جدول أعمال القرن الحادي والعشرين الذي اعتمده مؤتمر قمة الأرض الأول الذي عقد في ريودي جانيرو عام 1992م. وتؤكد الاستراتيجية العالمية حقيقة الدور الرئيسي الذي تقوم به النباتات الفطرية في المحافظة على استمرار الحياة بكافة أشكالها على كوكب الأرض باعتبارها الكائنات الوحيدة القادرة على تحويل طاقة الشمس إلى صورة من المادة والطاقة المناسبة لاستخدام المخلوقات وأولها الانسان كما أنها تقوم بدور أساسي في المحافظة على الاتزان الغازي للجو المحيط وكوكب الأرض وانتاج الأكسجين الضروري للتنفس وتنقية الجو وتنظيم حركة هطول الأمطار والرياح والمحافظة على استقرار جو الأرض.
وتحدد الاستراتيجية مجموعة من الأهداف ينبغي على دول الأطراف تحقيقها، ومن أهم تلك الأهداف العمل على الوقف السريع لفقدان التنوع النباتي حول العالم ووضع الخطوط العريضة والتنسيق بين الجهود القائمة للمحافظة على ذلك التنوع ودعم جهود المحافظة مع التركيز على دور النباتات الفطرية في النظام البيئي من خلال فهم وتوثيق التنوع حول العالم وتشجيع البحوث المتعلقة بالتصنيف الوراثي والتنوع الجيني وبيولوجيا المجتمعات النباتية وذلك باعتبار النبات القاعدة الرئيسية لجميع الأنظمة البيئية المنتجة الداعمة للمياه على كوكب الأرض.
كما تدعو الاستراتيجية إلى تشجيع التعاون والعمل المشترك على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية مع حق الاستفادة من التراكيب الوراثية في الدول الأطراف بالاتفاقية وفقا للمعاهدة الدولية حول الأصول الوراثية الزراعية والغذائية.وتؤكد الاستراتيجية على أهمية تحقيق الأهداف التالية بحلول عام 2010م: استكمال قائمة النباتات المسجلة المعروفة على المستوى العالمي وتقييم أولي لحالة المحافظة على النباتات الفطرية المعروفة، وتطوير نظم نموذجية للحفاظ على النباتات واستخدامها بطريقة مستدامة مع ضمان المحافظة على 10% على الأقل من الأقاليم البيئية العالمية وحماية 50% من المواقع الهامة للتنوع النباتي، وكذلك الحفاظ على التنوع النباتي بنسبة لا تقل عن 30% من الأراضي المنتجة والمحافظة على 60% على الأقل على الأنواع المهددة بالانقراض التي توجد في المناطق المحمية والمتنزهات الوطنية والبيئات الطبيعية وغيرها من أشكال الحماية والمحافظة على 60% من النباتات المهددة بالانقراض في مراكز الإكثار ومراكز الأبحاث النباتية التي يفضل أن تكون في بيئاتها الأصلية والعمل على توطين 10% منها على الأقل والمحافظة على 7% من الأنواع النباتية ذات الأهمية الاقتصادية المباشرة للانسان مثل أصول السلالات للزراعة والنباتات الطبية وغيرها.
وتدعو الاتفاقية إلى وضع خطط عاجلة للمحافظة على 100 نوع نباتي مهدد بالانقراض في بيئاتها ومجتمعاتها النباتية وعدم قصر قوانين المحافظة والاتجار على ما ورد في الاتفاقيات الدولية للمحافظة على الأنواع الفطرية المهددة بالانقراض ومنتجاتها وذلك للحد من استنزاف التنوع النباتي.
كما تؤكد الاتفاقية على أهمية تشجيع ودعم برامج التوعية والتعليم البيئي، وتطوير وتشجيع البرامج التدريبية لرفع كفاءة العاملين والمتخصصين في مجال المحافظة على الثروات النباتية الفطرية مع انشاء قاعدة معلومات على المستوى الوطني والاقليمي والعالمي.
وتجدر الاشارة الى أنه قد تم تقييم وضع أكثر من 000،60 نوع نباتي وفقاً للمعايير الدولية من بين 000.270 نوع معروف حول العالم، واتضح أن حوالي 000.34 نوع نباتي منها مهدد بخطر الانقراض وبالتأكيد هناك أنواع أخرى عديدة مهددة بالانقراض لم تغطها الدراسة.
وأوضح د. زبو زنادة أنه ينمو طبيعياً في المملكة العربية السعودية نحو 2250 نوعاً نباتياً مسجلاً منها 263 نوعاً مهدداً بالانقراض وحوالي 20 نوعا انقرض بالفعل من الجزيرة العربية، وأضاف د. أبو زنادة ان الهيئة الوطنية تقوم حالياً بالتعاون مع الاتحاد العالمي للحدائق النباتية ومقره لندن/ المملكة المتحدة في التنسيق والتعاون لإقامة حديقة نباتية نموذجية في المملكة وذلك في مدينة الرياض لتصبح احد أهم معالم المدينة السياحية والبحثية والتعليمية والتوعوية والترويحية للمواطنين والمقيمين ونموذجاً يحتذى لسائر دول المنطقة لكي تقيم حدائق نباتية مماثلة على غرارها نظراً لندرة الحدائق النباتية في المنطقة ثم أهميتها القصوى.
وقد وقع الاختيار على المملكة، نظراً لمساحتها الشاسعة وتنوع بيئاتها النباتية واحتضانها المجموعة العربية التخصصية للنبات التابعة للاتحاد العالمي للمحافظة IUCN وجهودها المتميزة في الحفاظ على الحياة الفطرية. وتجدر الاشارة إلى أنه يوجد حول العالم نحو 2187 حديقة نباتية تتركز غالبيتها في دول المجموعة الأوروبية، يوجد منها فقط نسبة 2% في الدول العربية والشرق الأوسط وهي ليست على المستوى العالمي المطلوب.
جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها الأستاذ الدكتور بيتر وايز جاكسون الأمين العام للاتحاد العالمي للحدائق النباتية بمقر الهيئة مساء يوم الثلاثاء 17/2/1423ه أوضح فيها الجهود الدولية المبذولة في الحفاظ على التنوع النباتي وأهمية التعاون الاقليمي والدولي لدفع عجلة المحافظة وأسباب اختيار المملكة ضمن عدد قليل من الدول حول العالم لإنشاء حدائق نباتية نموذجية وأهمية الحدائق النباتية في تنفيذ خطط المحافظة على النباتات الفطرية حول العالم باعتبارها بنوكاً للنماذج الحية النباتية التي يمكن استخدام بذورها واستزراعها وإعادتها إلى مواطنها الطبيعية التي انقرضت منها أو كادت، فضلاً عن أهميتها في اجراء البحوث العلمية ودعم جهود التعليم الجامعي والعالي وتعزيز الوعي البيئي وكسب المعرفة من الطبيعة، إلى جانب دورها الرئيسي في الترويج وضمان المتعة والراحة النفسية لجمهور الزوار.
وبدعم كامل من الاتحاد العالمي للحدائق النباتية وبعض المنظمات الدولية الأخرى تمكنت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها من رسم مخطط كامل للحديقة النباتية النموذجية تقترحه في الرياض وإجراء دراسة الجدوى الاقتصادية لها التي أثبتت جدواها وأهميتها من كل النواحي البيولوجية والاقتصادية، ويجرى حالياً اختيار المنطقة المناسبة لإقامتها، وتعتبر منطقة الثمامة من أهم المناطق المناسبة لإقامتها وتتطلع الهيئة الوطنية ومعها كل المخلصين من أبناء هذا الوطن المعطاء إلى دعم القطاع الخاص والجهات الحكومية ذات العلاقة لإقامة الحديقة النباتية السعودية الأولى في الرياض.
|