Monday 6th May,200210812العددالأثنين 23 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
المنشآت الاقتصادية الوطنية وقضايا المجتمع (2/2)
د. محمد اليماني

كان موضوع الحلقة السابقة عن أهمية تفاعل المنشآت الاقتصادية الكبيرة ورجال الأعمال والأثرياء مع قضايا المجتمع ومشاركته في همومه وأن كثيراً ممن يفترض فيهم المبادرة في مثل هذه الظروف كانت تصرفاتهم غير منسجمة مع ماهو متوقع منهم. وإذا كان المجتمع يمر الآن بكثير من التحولات المهمة في العديد من جوانب حياته. فإن تفاعل المنشآت الاقتصادية ورجال الأعمال والأثرياء مع قضايا المجتمع واستعدادهم لتحمل قدر من المسؤولية وعدم انتظار الحكومة لتقوم بكل شيء يشكل واحداً من هذه التحولات.
تعوّد الناس على مطالبة الحكومة بتوفير أشياء كثيرة، لكن هذا لا يعني عدم مطالبة القطاع الخاص بالمشاركة أحياناً وبخاصة في أوقات الأزمات، ولعل بعض الشواهد أثبتت ضرورة وجود آلية واضحة المعالم يتم من خلالها رسم وتحديد الكيفية التي يتم من خلالها ضمان إسهام مؤسسات المجتمع الاقتصادية وأصحاب الأموال في تحمل جزء من الأعباء المالية التي تفرضها حاجة المجتمع والأمة، وألا يقتصر دورهم على الحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح. ويمكن القول بأن الأصل في هذه المشاركة أن تكون اختيارية لكن ربما يحتاج الأمر إلى شيء من الإلزام في الحالات التي يرى البعض نفسه أنه غير معني بمشاكل وهموم المجتمع الذي يعيش فيه ويوفر له أسباب تحقيق الأرباح والثراء.
ولعل مما يبرر الأخذ بمبدأ الإلزام أحياناً ما شوهد من تخلف البنوك المحلية الواضح في المشاركة في الحملة الوطنية لجمع التبرعات لانتفاضة الأقصى.
فعلى الرغم من أن هذه التبرعات التي توضع في حسابات جارية لديها تدر عليها الملايين من وراء استثمار البنوك لها وتشغيلها إلا أن حجم التبرعات التي قدمها من تبرع منها لا يتناسب أبداً وحجم هذه المكاسب، فضلاً عن أن يكون مساوياً لها.
ومما يسهم في تحقيق الهدف والحث على المسارعة على التبرع وجود حوافز معينة تشجع القادرين على المبادرة إلى التبرع حينما تدعو الحاجة إلى ذلك.
صحيح أن حب الخير موجود لدى الكثيرين وهو الذي يقودهم إلى القيام بأعمال البر. لكن هذا لا يمنع من وجود فئة هي بحاجة إلى من يقودها طوعاً أو كرهاً إلى ذلك. ولعل وجود نوع من الحوافز لتشجيع من يمكن تسميتهم بالمحايدين وجعلهم يبادرون بالتبرع يقلل من الحاجة إلى استخدام أساليب الإلزام التي يظل استخدامها قائماً في حالات معينة.
وربما يكون من المناسب في هذا الإطار التأكيد على أهمية الارتقاء بمستوى إدارة الهيئات والجمعيات الخيرية وبخاصة تلك القائمة على جمع التبرعات ووضع الأطر المؤسسية لها التي تضمن لها الاستمرارية والمصداقية وشفافية المعلومات المتعلقة بنشاطاتها وسهولة الحصول عليها عند الحاجة.
ذلك أن بناء جسور الثقة التي هي أساس حصول المؤسسات الخيرية على التمويل اللازم ينبغي أن يكون في مقدمة أهدافها وبناء هذه الجسور بحاجة إلى مزيد من الجهد.

قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved